القطاع الزراعي يبتلع 80 مليار متر مكعب من المياه سنويًا في إيران وسط أزمة مائية خانقة

رغم المناخ الجاف وشبه الجاف الذي يهيمن على معظم أنحاء إيران، لا يزال قطاع الزراعة أكبر مستهلك للمياه في البلاد.

ميدل ايست نيوز: رغم المناخ الجاف وشبه الجاف الذي يهيمن على معظم أنحاء إيران، لا يزال قطاع الزراعة أكبر مستهلك للمياه في البلاد، في وقت يتّسم فيه هذا القطاع ببنية تقليدية ومعيشية ذات كفاءة منخفضة. ووفقًا للتقديرات الرسمية، يُستهلك نحو 80 مليار متر مكعب من المياه سنويًا في الزراعة، في حين لا يتجاوز إجمالي استهلاك المياه في قطاعي الشرب والصناعة معًا 14 مليار متر مكعب.

وقالت وكالة إيسنا في تقرير لها، إن الزراعة في إيران، في ظل أزمة شحّ المياه الراهنة، لم تشهد بعد تحولًا نحو التصنيع، بل لا تزال تُمارس على أراضٍ صغيرة ومتناثرة، ما يجعل من الصعب إدخال التكنولوجيا إلى هذا القطاع. إلى جانب ذلك، يُفقد نحو 30% من المنتجات الزراعية قبل أن تصل إلى مرحلة الاستهلاك، وهو ما يعني هدر ما يقرب من 24 مليار متر مكعب من المياه سنويًا.

ويبلغ سعر كل متر مكعب من المياه الزراعية حاليًا 70 تومانًا فقط، وهو سعر بعيد عن الواقعين الاقتصادي والبيئي.

ويرى خبراء أن أحد أبرز أسباب هذه الأزمة هو غياب التنسيق الفعّال بين الهيئات الحاكمة والمزارعين. إذ إن الزراعة تُدار تقليديًا من قبل القطاع الخاص، ما يحدّ من قدرة وزارة الجهاد الزراعي على مراقبة أنماط استهلاك المياه. وفي المقابل، سلبت القوانين السارية الأدوات الفعّالة من المؤسسات المسؤولة.

كيف تغرق “سياسات الاكتفاء الذاتي” إيران في أسوأ أزمة مائية بتاريخها؟

وأوضح المتحدث الإيراني باسم قطاع المياه أن الأجهزة التنفيذية تبقى عاجزة ما لم يمنح البرلمان صلاحية تعديل أسعار المياه، وهو ما يمثل عقبة أمام ضبط الاستهلاك وترشيده.

وتزداد الأزمة تعقيدًا بفعل بعض التشريعات التي كان لها دور مباشر في تفاقم أزمة المياه. فعلى سبيل المثال، قوانين السنوات الأخيرة التي سمحت بتقنين الآبار غير المرخصة، إلى جانب غياب الإرادة الجدية لخفض استهلاك المياه الزراعية في المناطق الحرجة مثل حوض بحيرة أرومية، جعلت الجهود الهادفة إلى معالجة الأزمة بلا نتائج تُذكر.

ومن الأمثلة اللافتة، أن جميع الوثائق التي تعود إلى ما قبل الثورة الإسلامية كانت تؤكد أن طاقة استيعاب طهران السكانية محدودة. إلا أن التوسع العمراني الهائل في العاصمة، دون مراعاة لقدرات الموارد المائية، أدى إلى أن يعتمد أكثر من 20 مليون نسمة في طهران والبرز وقزوين على مصادر مائية مشتركة.

وفي ظل تزايد سنوي يقدّر بـ400 ألف نسمة في هذه المناطق، وعجز طبقات المياه الجوفية عن تحمّل آبار جديدة، أصبحت الحلول المتاحة مثل حفر الآبار تؤدي فقط إلى انخفاض منسوب المياه في الآبار القديمة وتفاقم ظاهرة الانخساف الأرضي.

وبين خيارَي الاكتفاء الذاتي والاستدامة، يجد صانعو السياسات أنفسهم أمام معضلة معقدة. فالإصرار على تحقيق الأمن الغذائي دون مراجعة القوانين القائمة، وإصلاح الهياكل، وتغيير الثقافة العامة، يُهدد بتدمير الموارد الطبيعية الأساسية. كما أن دعم الزراعة دون الالتفات إلى الإمكانات البيئية لا يعرّض الاستدامة البيئية للخطر فحسب، بل يهدد أيضًا مستقبل إمدادات المياه للقطاعات الأخرى.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اثنا عشر − عشرة =

زر الذهاب إلى الأعلى