من الصحافة الإيرانية: زيارة مرتقبة لمسؤولي الذرية الدولية إلى واشنطن.. تساؤلات حول الأهداف

بدأت طهران مؤخراً محادثات مع الوكالة لصياغة إطار جديد للتعاون، غير أن المسؤولين الإيرانيين يشددون على أن أي اتفاق جديد لن يكون مشابهاً للماضي ما لم يتم ضمان أمن إيران وحقوقها.

ميدل ايست نيوز: مع اقتراب انتهاء المهلة الأوروبية لتفعيل «آلية الزناد» وبالتزامن مع انطلاق جولة جديدة من المفاوضات بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية، تكتسبت الزيارة المرتقبة لمسؤولي الوكالة إلى واشنطن أبعاداً تتجاوز الطابع الدبلوماسي التقليدي. ووفق ما أوردته وكالة «بلومبرغ»، تسعى الولايات المتحدة والوكالة إلى تنسيق المواقف وصياغة سيناريو مشترك حيال إيران، وهو سيناريو يمكن أن يرسم في الوقت ذاته أجندة الوكالة خلال الاجتماعات المقبلة ويوجه المسار الأوروبي في اتخاذ قراراته بشأن الملف النووي الإيراني.

وكتبت صحيفة شرق، أن ذلك يأتي في ظل تهديدات متكررة من العواصم الأوروبية خلال الأسابيع الأخيرة باللجوء إلى تفعيل آلية الزناد في حال لم تستجب طهران لمطالبها، وهي خطوة تعني العودة التلقائية لعقوبات مجلس الأمن الدولي. في هذه الأجواء، تعمل واشنطن على استثمار نفوذها داخل الوكالة لدفع تقاريرها الفنية بما يخدم الخيارات السياسية الأوروبية. ويرى مراقبون أن مثل هذا التنسيق ليس جديداً، إذ سبق أن اعتبرت طهران تقارير المدير العام للوكالة رافائيل غروسي «مسيسة»، فيما شكّلت عملياً أرضية لتعزيز الضغوط الغربية والإسرائيلية على إيران. وعليه، فإن الزيارة المقبلة يمكن أن تمثل مرحلة جديدة من سياسة التماهي بين الوكالة والغرب في مواجهة طهران.

وتتمثل إحدى أبرز نقاط الخلاف بين إيران والوكالة في ما تعتبره طهران فقدان الأخيرة حيادها. فصمت الوكالة حيال الهجمات الأميركية والإسرائيلية المباشرة على منشآت نووية إيرانية خاضعة للرقابة الدولية، لم يقوّض فقط ثقة طهران، بل دفعها إلى إعادة النظر في مستوى تعاونها مع الوكالة. وقد أكد مسؤولون إيرانيون مراراً أن استمرار هذا النهج المزدوج قد يؤدي إلى تقليص التعاون الفني أو حتى وقفه.

وفي هذا السياق، بدأت طهران مؤخراً محادثات مع الوكالة لصياغة إطار جديد للتعاون، غير أن المسؤولين الإيرانيين يشددون على أن أي اتفاق جديد لن يكون مشابهاً للماضي ما لم يتم ضمان أمن إيران وحقوقها. لكن تقارير إعلامية غربية، مثل «بلومبرغ»، تسعى لتصوير هذا الموقف باعتباره «عرقلة» أو «تهرباً من الرقابة»، في حين ترى طهران أن أصل المشكلة يكمن في الأداء السياسي المنحاز للوكالة، خصوصاً مع تحول تقارير غروسي الأخيرة إلى أداة تمنح إسرائيل غطاءً لخطواتها غير القانونية ضد إيران.

وبذلك، لا يمكن النظر إلى زيارة مسؤولي الوكالة إلى واشنطن كخطوة تقنية فحسب، بل كجزء من سياق سياسي معقد، في وقت وصلت فيه الثقة المتبادلة بين طهران والوكالة إلى أدنى مستوياتها، وأي تقارب علني بين الوكالة والولايات المتحدة سيزيد من حدة انعدام الثقة وقد يلقي بظلاله السلبية على المفاوضات الجارية.

ما يميز هذه الزيارة عن غيرها من التحركات الدبلوماسية هو تزامنها مع حدثين محوريين: العد التنازلي الأوروبي لتفعيل آلية الزناد، وانطلاق جولة جديدة من محادثات إيران مع الوكالة. وعليه، فإن نتائج مباحثات واشنطن قد تنعكس مباشرة على المسارين. فإذا عاد مسؤولو الوكالة بتقرير شديد اللهجة ضد إيران، فمن المرجح أن يستخدمه الأوروبيون ذريعة لتبرير اللجوء إلى آلية الزناد.

وفي المقابل، قد تسعى واشنطن وحلفاؤها إلى استغلال الوكالة للضغط على إيران ووضعها في موقع دفاعي خلال المفاوضات المقبلة. لكن طهران حذرت من أن أي استخدام سياسي للوكالة أو عودة لعقوبات مجلس الأمن سيترتب عليه عواقب خطيرة، من بينها احتمال انسحابها من معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية، ما من شأنه إفراغ منظومة الرقابة الدولية من مضمونها وزجّ المنطقة في مرحلة جديدة من الغموض الأمني.

وعليه، فإن هذه الزيارة تمثل نقطة تقاطع بين الدبلوماسية الفنية والسياسية، حيث لا يتحدد مستقبل الملف النووي الإيراني في إطار الالتزامات القانونية وحدها، بل في صلب توازنات القوة بين طهران والغرب. والنتيجة النهائية، سواء في صياغة تقرير فني جديد أو تشكيل إجماع سياسي غربي، سيكون لها دور حاسم في رسم المسار المقبل للعلاقة بين إيران والوكالة.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

5 × 4 =

زر الذهاب إلى الأعلى