بعد انقطاع الكهرباء في الصيف.. هل إيران مقبلة على انقطاع للغاز في الشتاء المقبل؟

تشير البيانات الحالية إلى أن معدل الاعتماد على الغاز في إيران تجاوز 95 بالمئة، فيما تعتمد نحو 80 بالمئة من محطات توليد الكهرباء في البلاد على الغاز.

ميدل ايست نيوز: تشير البيانات الحالية إلى أن معدل الاعتماد على الغاز في إيران تجاوز 95 بالمئة، فيما تعتمد نحو 80 بالمئة من محطات توليد الكهرباء في البلاد على الغاز. وتشير التحليلات إلى أن صناعة الغاز ما تزال تواجه عجزًا يوميًا يتراوح بين 350 و400 مليون متر مكعب من الطاقة، وهو ما يثير القلق بشأن القدرة على عبور الشتاء القادم بشكل مستدام.

وقال موقع اقتصاد 24، إن أعمال الصيانة الكبرى للمعدات وخطوط نقل الغاز استمرتت حتى شهر نوفمبر العام الماضي، وذلك بسبب نقص الموارد والطلب المرتفع؛ وهو ما وصفه توكلي، المدير التنفيذي للشركة الوطنية للغاز، بأنه حدث غير مسبوق في تاريخ الشركة. وقد أُجري جزء من هذه الصيانة عن بعد مع قبول مخاطر هندسية كبيرة. ففي الخط الثامن الوطني، تم اكتشاف 12 شقًا في اللحام، ومع ذلك استمرت عمليات نقل الغاز دون توقف مع الالتزام بمعايير السلامة.

كما أن مواعيد صيانة 22 منشأة من محركات “التيربو كومبريسور” كانت قد تجاوزت موعدها، لكن بفضل إدارة المخاطر، لم تُخرج هذه الوحدات من الخدمة، بل تم رفع قدرتها التشغيلية بنسبة تصل إلى 21 بالمئة. وأسهمت هذه الإجراءات في إبقاء أكثر من 208 محركا في الخدمة في الوقت ذاته. ومع ذلك، يؤكد الخبراء أن هذا النهج هو حل مؤقت ولا يغني عن الاستثمار في تحديث المعدات وتوسيع القدرة الإنتاجية.

استدامة مؤقتة وسط عجز شديد

واجهت إيران في الشتاء الماضي عجزاً يومياً وصل إلى 350 إلى 400 مليون متر مكعب؛ وهو نقص كان من الممكن أن يضع شبكة النقل أمام أزمة حقيقية. للتعامل مع هذه الظروف، نشرت الشركة الوطنية للغاز 50 فرقة تشغيلية تعمل على مدار الساعة في النقاط الحساسة لضمان تدفق الغاز المستمر حتى مداخل المدن.

وأسهمت هذه الإجراءات في منع حدوث انقطاعات واسعة للمشتركين في القطاع المنزلي، لكن توكلي شدد على أن هذا النجاح لا يعني معالجة المشكلة من جذورها، إذ إن العجز في الطاقة لا يمكن حله على المدى القصير، واستمرار الوضع الحالي قد يؤثر على أمن الطاقة في البلاد.

الاعتماد الكبير على الغاز في سلة الطاقة

تجاوز معدل الاعتماد على الغاز في إيران ما نسبته 95%، فيما تعتمد نحو 80% من محطات توليد الكهرباء الإيرانية على الغاز، بينما يبلغ متوسط هذا الاعتماد عالميًا حوالي 23 بالمئة فقط. ويشير هذا الفارق الكبير إلى أن أي اضطراب في توريد الغاز يمكن أن ينتقل بسرعة إلى القطاعات الاقتصادية والصناعية الأخرى.

ويعتقد الخبراء أن تنويع مزيج الطاقة وتوسيع القدرات البديلة يجب أن يكونا أولوية، لأن استمرار النهج الحالي سيزيد الضغط على شبكة نقل الغاز ومحطات توليد الكهرباء في السنوات المقبلة.

خطط قصيرة المدى لمواجهة الشتاء القادم

من المهم الإشارة إلى أن زيادة الإنتاج وحدها لن تلبي الطلب المتنامي، فبدون تعديل نمط الاستهلاك، سيظل التحدي المتمثل في العجز قائمًا. وفي هذا السياق، بدأت الشركة الإيرانية للغاز في تنفيذ حوافز لتحسين كفاءة الاستهلاك، منها تحسين كفاءة السخانات والمعدات الحرارية، واستخدام النوافذ والأبواب المزدوجة لتقليل فقد الطاقة، وصرف حوافز نقدية دون تحميل الحكومة أعباء مالية، وضخ أكثر من 800 مليون متر مكعب من الغاز في بورصة الطاقة في قالب شهادات ترشيد الاستهلاك. ورغم أن هذه الإجراءات قد تكون فعّالة على المدى القصير، إلا أن استمرار العجز سيبقى قائمًا دون وضع خطة شاملة لتقليل شدة استهلاك الطاقة.

وأشار محمد رضا جولائي، مدير تنسيق وإشراف الإنتاج في الشركة الإيرانية الوطنية للغاز، إلى الدور المحوري لمجمع الغاز في حقل بارس الجنوبي في تأمين الغاز للشتاء المقبل، مؤكدًا أن جميع الفرق تعمل بكامل الجهوزية لضمان استقرار التوريد للمشتركين. وشدد على أهمية الصيانة الأساسية للمصافي، موضحًا أن الدقة في التفاصيل والتخطيط الجيد والتنفيذ في الوقت المناسب يمكن أن يطيل عمر المعدات ويخفض تكاليف الصيانة المستقبلية.

وأضاف أن الانتهاء المبكر من صيانة المصافي الخامسة وتقدم مشروع خط توصيل الخام من المصافي الحادية عشرة والثانية عشرة يمثلان إنجازات مهمة هذا العام، حيث تلعب هذه الإجراءات دورًا بارزًا في استدامة إنتاج الغاز وتأمين الطاقة في الشتاء المقبل.

وتشير مراجعة البيانات إلى أن صناعة الغاز الإيرانية تمكنت خلال الشتاء الماضي، عبر الإجراءات الطارئة وإدارة المخاطر، من الحفاظ على استقرار الشبكة. ومع ذلك، يظل هذا النجاح مؤقتًا، ويستمر العجز في الطاقة كقضية استراتيجية. في ظل اعتماد 80 بالمئة من محطات التوليد على الغاز، سيكون عبور الشتاء المقبل بشكل مستدام مرتبطًا بالاستثمار في توسعة القدرة الإنتاجية وتنويع سلة الطاقة وتنفيذ سياسات فعّالة لإدارة الاستهلاك. وإلا، فإن استمرار الاعتماد على الحلول قصيرة المدى سيعرض أمن الطاقة في البلاد لتهديدات كبيرة خلال السنوات القادمة.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

17 − عشرة =

زر الذهاب إلى الأعلى