من الصحافة الإيرانية: هل يمثل مشروع القرار الروسي فرصة في الملف النووي الإيراني؟

يبدو أن مشروع القرار الروسي قُدّم من دون التشاور مع الدول الأوروبية الثلاث أو الولايات المتحدة، وهو أمر غير مألوف في عمل مجلس الأمن.

ميدل ايست نيوز: في ظل بقاء ثلاثة أيام فقط حتى الموعد الذي أعلنت عنه الدول الأوروبية الثلاث لإرسال الرسالة المتعلقة بتفعيل آلية الزناد إلى مجلس الأمن، ومع أن المفاوضات الأخيرة بين إيران وفرنسا وألمانيا وبريطانيا لم تثمر، تتجه الأنظار الآن إلى مشروع القرار الذي قدمته روسيا إلى مجلس الأمن. يهدف هذا المشروع إلى تمديد مهلة آلية الزناد المقررة في 18 أكتوبر لمدة ستة أشهر، بحيث لا يكون من الممكن خلال هذه الفترة تفعيل الآلية. وقد أُشير في المشروع، الذي تدعمه الصين أيضاً، إلى أن الغاية من هذا الإجراء هي توفير فرصة إضافية للتفاوض.

ومن الطبيعي أن يحظى مشروع القرار الروسي بدعم إيران، إذ إن إيران سبق أن أعلنت أنها لا تعترف من الناحية الأخلاقية والقانونية بحق الدول الأوروبية الثلاث في تفعيل آلية الزناد، وبالتالي فإن التفاوض معها أو الاتفاق على تمديد المهلة بلا أساس. كما أن وزير الخارجية اعتبر تمديد المهلة من اختصاص مجلس الأمن، وهو ما قد يعني أن إيران ستوافق عليه إذا تمّ من دون مطالبة بمقابل منها.

السؤال المطروح هنا: هل يملك مشروع القرار الروسي فرصة في مجلس الأمن؟ لا شك أن الدول الأوروبية الثلاث يجب أن تكون ميّالة إلى الحل السياسي وغير راغبة في تفعيل آلية الزناد، لأن ذلك يفتح المجال أكثر أمام الولايات المتحدة وإسرائيل لزيادة الضغوط الاقتصادية والعسكرية على إيران، ويُعرّض أوروبا لتهديدات عسكرية جديدة ويزيد من توتر علاقاتها مع طهران.

صحيفة إيرانية: مساعي روسيا لتمديد «آلية الزناد» تخدم موسكو وبكين والغرب معاً

مع ذلك، يبدو أن مشروع القرار الروسي قُدّم من دون التشاور مع الدول الأوروبية الثلاث أو الولايات المتحدة، وهو أمر غير مألوف في عمل مجلس الأمن، حيث يجري الأعضاء عادةً مشاورات مسبقة لضمان غياب اعتراض من الأعضاء الدائمين والحصول على دعم من أغلبية الأعضاء غير الدائمين، وإلا فإن مكانة الدولة المقدمة تتعرض لانتقاص.

المشكلة أن الدول الأوروبية الثلاث، منذ الهجوم الروسي على أوكرانيا، فرضت على روسيا إضافة إلى العقوبات الاقتصادية نوعاً من العقوبات الدبلوماسية، حيث قاطعت الأوروبيون المسؤولين الروس وامتنعوا عن اللقاء بهم. ولا توجد مؤشرات على أن روسيا نسّقت مع الولايات المتحدة بشأن هذا الموضوع. يُذكر أن قرار الدول الثلاث بالتحرك نحو تفعيل آلية الزناد في نهاية أغسطس اتُخذ في منتصف يوليو الماضي بعد مكالمة بين وزراء خارجية أميركا وفرنسا وألمانيا وبريطانيا.

إذا لم يوافق الغرب على المشروع الروسي، فإن فرصته الوحيدة تكمن في أن يُعتبر مشروعاً «إجرائياً» (procedural)، لأن المادة 27 من الميثاق تنص على أن حق النقض (الفيتو) لا يسري على القرارات الإجرائية، بل يكفي الحصول على 9 أصوات مؤيدة. غير أن مضمون المشروع لا يمنح فرصة كبيرة لاعتباره كذلك، لأن الغربيين سيجادلون بأنه يغيّر من توقيت وآلية تنفيذ القرار 2231، كما أن استخدام كلمة «decides» مرتين فيه يُشير إلى المادة 25 من الميثاق التي تُلزم الدول بتنفيذ «قرارات» المجلس، مما يجعله قراراً موضوعياً لا إجرائياً.

وتبرز مشكلة أخرى في تركيبة الأعضاء العشرة غير الدائمين حالياً (الجزائر، الدنمارك، اليونان، غويانا، باكستان، بنما، كوريا الجنوبية، سيراليون، سلوفينيا، الصومال)، إذ لا يبدو أن هناك فرصة جدية لدعم غالبيتهم للمشروع الروسي. وكما جرت العادة، فإن القادة قد يتدخلون عند حساسية الملفات، ومن الصعب تصوّر أن معظم رؤساء الدول غير الدائمة سيقاومون ضغوط قادة مثل ترامب أو ماكرون.

في ضوء كل ذلك، يبقى غير واضح ما الهدف الروسي من تقديم مشروع قرار تبدو فرصه ضئيلة، فهل هو فقط لإرضاء إيران من دون كلفة؟ على أي حال، يجب على المسؤولين الإيرانيين أن يدركوا أن الحل النهائي لا يمكن أن يكون إلا عبر الطرق الدبلوماسية والسعي إلى تسوية شاملة مع مختلف الأطراف. المشكلة أن أوروبا تخلّت عن دورها المستقل وربطت تمديد المهلة بمفاوضات مباشرة بين إيران وأميركا.

وهذا يعني أن أوروبا تجاوزت صيغة (5+1)، ولم تعد ترى بديلاً سوى التفاهم المباشر بين طهران وواشنطن. والمشكلة الأكبر أن أوروبا، رغم خلافاتها الكبيرة مع إدارة ترامب، فإنها منسقة مع واشنطن بشأن إيران. لهذه الأسباب مهمة إيران صعبة، لكنها ليست مستحيلة، إذ إن التوصل إلى تفاهم يبقى أمراً لا مفر منه.

 

كوروش أحمدي

دبلوماسي إيراني سابق

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
بواسطة
ميدل ايست نيوز
المصدر
صحيفة هم ميهن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

15 + 10 =

زر الذهاب إلى الأعلى