خبير إيراني: أزمة الغاز المقبلة ستكون أشد من أزمة الكهرباء

يقدّر خبراء أن تراجع إنتاج الغاز بما يعادل مرحلة واحدة فقط من حقل بارس الجنوبي، يتسبب بخسائر يومية تتراوح بين 30 و40 مليون دولار، أي ما يعادل نحو 10 إلى 15 مليار دولار سنويًا.

ميدل ايست نيوز: مع دخول العديد من مراحل حقل بارس الجنوبي العملاق في النصف الثاني من عمره الإنتاجي، تواجه خزاناته الغازية انخفاضًا طبيعيًا في الضغط، ما يؤدي إلى تراجع كميات الاستخراج ما لم تُنفذ مشاريع لزيادة الضغط. ويقدّر خبراء أن تراجع الإنتاج بما يعادل مرحلة واحدة فقط من هذا الحقل، وفق الأسعار الحالية للغاز في السوق الإقليمية، يتسبب بخسائر يومية تتراوح بين 30 و40 مليون دولار، أي ما يعادل نحو 10 إلى 15 مليار دولار سنويًا. كما أن نقص الغاز يدفع محطات الكهرباء لاستخدام الوقود السائل مثل الديزل والمازوت، ما يضيف تكلفة سنوية تتراوح بين 1.5 و2 مليار دولار، فضلًا عن زيادة التلوث.

استثمار حقيقي أم حبر على ورق؟

في 11 فبراير 2024، أعلنت وزارة النفط الإيرانية عن توقيع أكبر عقد في تاريخ الصناعة النفطية الإيرانية، بتمويل قدره 17 مليار دولار من صندوق التنمية الوطنية لمشروع زيادة ضغط الغاز في بارس الجنوبي، عبر تحالف بين مجموعة “مبنا” و”مقر خاتم الأنبياء” التابع للحرس الثوري. إلا أن هذا المشروع، وبعد مرور عام كامل، لم يشهد أي خطوات عملية أو تنفيذية.

وقال مرتضى بهروزي‌ فر، الخبير في شؤون الطاقة، في تصريح لموقع “تجارت نيوز”، إن استثمارات مبنا ومقر خاتم في مشروع الضغط لم تتجاوز حدود الأوراق، مضيفًا أن الأموال وُجهت لشركات لا تملك خبرة ولا قدرات مالية أو فنية في هذا المجال. وأكد أن غياب التكنولوجيا اللازمة والتعاقد مع جهات غير متخصصة يقلل من فرص إنجاز المشروع، متسائلًا: مع استمرار انخفاض الضغط في بارس الجنوبي، كيف سيتم تأمين احتياجات المواطنين من الغاز؟

هجرة الغاز إلى الدول المجاورة

من جانبه، قال هدايت‌ الله خادمي، عضو لجنة الطاقة في البرلمان الإيراني السابق، خلال حديث مع صحيفة “توسعه إيراني” إن السبب الرئيسي لانخفاض ضغط بارس الجنوبي هو مرور وقت طويل على حفر الآبار واستخراج الغاز منها، مشددًا على ضرورة تركيب معدات تعزيز الضغط واتباع تقنيات لزيادة معامل الاستخلاص. وحذّر من أن بعض الحقول الغازية البحرية مشتركة مع دول مجاورة، وهذه الأخيرة حفرت آبارًا كثيرة وتستخرج كميات أكبر من الغاز، الأمر الذي قد يؤدي إلى “هجرة” الغاز من الحقول الإيرانية إلى تلك الدول.

وأضاف خادمي، وهو رئيس مجلس إدارة جمعية شركات الحفر والخدمات الفنية الإيرانية، أن استمرار تراجع الضغط من دون تطوير الحقول سيؤدي إلى أزمات في إنتاج الغاز، لافتًا إلى أن الاعتماد شبه الكامل على الغاز في القطاع المنزلي والمدن من دون تنويع في مصادر الطاقة يمثل خطأ استراتيجيًا، إذ تلجأ دول أخرى إلى مصادر طاقة أنظف وأرخص وأكثر توفرًا.

وأوضح أن أي تأخير إضافي في تطوير الحقول ومشاريع الضغط سيُدخل إيران في حالة “تخلّف تنموي”، مؤكدًا أن الدول المتقدمة مثل الصين والولايات المتحدة رفعت من استهلاك الطاقة لدعم صناعاتها، بينما تسير إيران في اتجاه معاكس.

وأشار خادمي إلى أن تراجع الضغط في بارس الجنوبي لا يمكن تعويضه لاحقًا، واصفًا الفجوة الناتجة بأنها “غير قابلة للاستدراك”. كما شبّه أزمة الغاز الحالية بأزمة الكهرباء التي تعيشها البلاد اليوم، موضحًا أنه كان قد حذر منذ عام 2016 وزيري الطاقة الأسبقين رضا أردكانيان وحميد جيت‌ جياني من أن غياب خطط جديدة للطاقة سيؤدي إلى أزمة مستقبلية، وهو ما تحقق الآن.

واختتم بالقول إن العجز في قطاع الغاز يسير على خطى قطاع الكهرباء وقد يصبح أكثر خطورة في حال استمرار السياسات الحالية.

اقرأ المزيد

هل تدشين المرحلة 11 من بارس الجنوبي يمكن أن ينقذ إيران من عجز الغاز؟

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

12 − 12 =

زر الذهاب إلى الأعلى