عملية “مطرقة منتصف الليل”: قائد “بي-2” يكشف كيف نفذت الولايات المتحدة ضربات مفاجئة على إيران

حصلت قناة فوكس نيوز الأميركية على وصول نادر إلى قاعدة «وايتمان» الجوية وقادة العملية الذين قادوا عملية المطرقة منتصف الليل ضد إيران.

ميدل ايست نيوز: بدأت تتكشف الآن تفاصيل أطول مهمة قصف واسعة النطاق بطائرات B-2 في التاريخ، بعدما حصلت قناة فوكس نيوز الأميركية على وصول نادر إلى قاعدة «وايتمان» الجوية وقادة العملية الذين قادوا عملية المطرقة منتصف الليل ضد إيران.

في مقابلات أُجريت في القاعدة، وصف العقيد جوش ويتالا وطاقمه كيف عمل نحو 4,000 عنصر بسرية لإرسال سبع قاذفات شبحية في مهمة استمرت 30 ساعة داخل الأجواء الإيرانية — وهي المرة الأولى التي تُستخدم فيها القنبلة الأميركية الخارقة للتحصينات البالغ وزنها 30,000 رطل في القتال. وقد وصفوا الغارة بأنها «أداء خالٍ من الأخطاء»، وقدموا روايات حيّة عن الضغوط والتدريبات والتنسيق اللازم لإنجازها.

قال ويتالا ، في أول تصريح علني له منذ ضربات يونيو: «لدينا ثقافة التخفي — الجميع يعمل بسرية لتنفيذ المهمة. كان الأمر عبارة عن عمل جماعي كامل، مستفيدين من الدروس المستخلصة من سنوات من التدريبات».

وبينما دعم الآلاف المهمة عبر أقسام الصيانة، والذخائر، والعمليات، والخدمات الطبية، كان 14 طياراً من بين «عدة عشرات» مدرّبين على قيادة القاذفة الشبحية B-2 هم من دخلوا في النهاية أجواء العدو لإلقاء القنابل GBU-57 الخارقة للتحصينات على المواقع النووية الإيرانية.

قال العقيد ويتالا إنه عند اختيار الطواقم التي ستشارك في المهمة، فضّل عامل الخبرة على أي شيء آخر. وأضاف: «هذا الفريق شارك في تدريبات “ريد فلاج” مرة بعد أخرى، وفي مناورات كبرى مراراً. كنت أراقب الطواقم أثناء استعدادهم، ولم أفكر سوى في عدد المرات التي تدربوا فيها، وطول الفترة التي استعدوا لها. لقد كان طاقماً مخضرماً للغاية».

ورفض العقيد مناقشة تفاصيل محددة، مثل المدة التي أُبلغت بها الطواقم قبل الانطلاق، أو ما إذا كانت قد استُخدمت الحرب الإلكترونية أو تدابير مضادة أخرى، أو أي أدلة ملموسة تفسر سبب اعتقاد القادة بأن القنابل أصابت أهدافها بدقة. وأكد أن هذه المعلومات لا تزال سرية، مما يترك المراقبين يعتمدون على صور الأقمار الصناعية والتقييمات المستقلة للتحقق.

وأوضح ويتالا أن الفريق الذي تم اختياره كان «متحمساً للغاية» لتنفيذ المهمة، قائلاً: «قلتُ لهم: أعتقد أن هذه الغارة ستُذكر كواحدة من أهم الغارات في حياتنا. وقد أدركوا تماماً الطابع التاريخي للمهمة».

وأضاف أن الطيارين عادوا من المهمة التي استمرت 30 ساعة وهم «مرهقون تماماً»، إذ كانت أطول مهمة لقصف واسع النطاق باستخدام سبع طائرات. وكان على متن كل طائرة طياران اثنان، يتناوبان على الراحة لمدة تتراوح بين 45 دقيقة وساعة، خصوصاً بين عمليات التزود بالوقود المعقدة جواً. وقد حمل بعضهم صناديق من مشروبات الطاقة للبقاء في حالة يقظة.

أما أطول مهمة قتالية لأي طائرة على الإطلاق فبلغت 44.3 ساعة، عندما استهدف الطيارون مواقع تنظيم القاعدة وحركة طالبان بعد هجمات 11 سبتمبر 2001. وكانت فترات الراحة تقتصر على محاولة الاستلقاء على بقعة معدنية صغيرة خلف مقعدي الطيارين.

قال ويتالا إن التزود بالوقود جواً هو «أصعب جزء في الطيران اليدوي الذي نقوم به». وتتم العملية عبر اصطفاف الطائرة على بعد لا يزيد عن 3 أمتار أسفل طائرة التزويد بالوقود من طراز KC-135 أو KC-10 أو KC-46، حيث يتم وصل أنبوب وفوهة من أسفل طائرة التزود بفتحة وقود أعلى طائرة B-2. ويجب على الـB-2 أن تحلّق بشكل متوازٍ أسفل طائرة التزود لمدة تتراوح بين 15 و30 دقيقة لتحميل كمية وقود تصل إلى 167 ألف رطل.

تُعد الـ B-2 الطائرة الشبحية الوحيدة بعيدة المدى القادرة على حمل القنابل الخارقة للتحصينات البالغ وزنها 30,000 رطل. لكن هذه الطائرة التي تبلغ كلفة الواحدة منها ملياري دولار بدأت تشيخ؛ إذ أن 20 طائرة منها دخلت الخدمة منذ ما يقارب 30 عاماً. ومع التطور السريع في وسائل الدفاع الجوي — مثل أسراب الطائرات المسيّرة، وصواريخ أرض–جو بعيدة المدى، وأجهزة الاستشعار — باتت الـB-2 أشبه بمنتج لجيل سابق من حروب الجو.

«نحن نطوّر باستمرار كيفية استخدام الطائرة»، قال ويتالا. «لا تزال طائرة فعّالة للغاية، لكن الـB-21 هي الخطوة التالية».

من المتوقّع أن تكون الـB-21 أكثر فعالية من حيث التكلفة، بأقل من مليار دولار للطائرة الواحدة، وتخطط القوات الجوية لشراء ما لا يقل عن 100 منها، مع إمكان شراء يصل إلى 145 طائرة.

تُخزَّن قنابل الـMOP على القاعدة إلى جانب قنابل وزنها 500 و2000 رطل. وتُحافظ عليها جاهزة للاستخدام في أي لحظة. ويتدرّب محمّلو الذخائر لمدة 21 يوماً ليصبحوا معتمدين على صيانة وتحميل القنابل التي تزن 30,000 رطل، والتي تُقفل في بدن الطائرة عند نقطتي تماس فولاذيتين، وفقاً لما ذكره رئيس الرقباء فرانك إسبينوزا، مدير أسلحة جناح مجموعة الصيانة الـ509.

أولئك الذين يتعاملون مع الأسلحة يتدرّبون كل شهر على تحميل الذخائر للمهام الجوية. وعند إسقاطها، تخترق هذه الأسلحة عمق الأرض قبل أن تنفجر. وكانت المخابئ تحت الأرض في إيران أولى الأهداف القتالية لهذه الأسلحة.

قاد خمسة عشر عاماً من الاختبارات وتعديلات متعددة إلى الوصول إلى النسخة الجاهزة للقتال من قنابل الـMOP. وقد خضعت النسخة النهائية لاختبارات «لمدة عدة سنوات»، وفق ما قال إسبينوزا.

أسقطت القنابل على أهداف في منشأتين نوويتين إيرانيّتين: أُلقيت 12 قنبلة من طراز MOP على مفاعل تخصيب اليورانيوم في فوردو، المدفون تحت 300 قدم من الصخر، وقُذفت اثنتان على منشأة نطنز النووية. وقد دمَرت الضربات الجوية الإسرائيلية دفاعات إيران الجوية، مما خلق فرصة مواتية للقاذفات الأمريكية لدخول الأجواء الإيرانية بمخاطر نسبية أقل.

وجد تقييم حديث أعدّه خبير الأسلحة النووية ديفيد ألبرايت وفريق من الباحثين حلّلوا بيانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية (الوكالة) أن إيران، بعد الضربات الأمريكية، «ليس لديها طريق لإنتاج يورانيوم عالي التخصيب بدرجة أسلحة في أيٍّ من منشآت أجهزة الطرد المركزي المعروفة لديها — لأول مرة منذ 15 عاماً».

وقال التحليل: «الاعتداءات العسكرية دمرت أو عطّلت كل أجهزة الطرد المركزي المثبتة في إيران — ما يقرب من 22,000 جهاز طرد مركزي — في مواقع التخصيب الثلاثة في إيران». لكنه أشار أيضاً إلى أن الباحثين لا يزالون غير متأكدين من المدة التي ستستغرقها إيران للحصول على سلاح نووي، لأن البلاد قد تمتلك أجهزة طرد مركزي أخرى غير قيد التشغيل حالياً ولم تُدمر في الضربات.

أعلن الرئيس دونالد ترامب على الفور أن البرنامج النووي الإيراني قد “دُمّر بالكامل وبشكل تام”، رغم أن المشككين ومعارضي الضربات دعوا إلى الحذر من إعلان نجاح المهمة قبل اكتمال التقييم النهائي للأضرار.

وبينما أوقفت إيران تعاونها مع السلطات النووية نتيجةً للهجوم، فإن ردّها على القوات الأمريكية كان محدوداً. إذ شنّت طهران هجوماً على قاعدة جوية أمريكية في قطر، لكنها أخطرت الطرفين مسبقاً، ولم يُصب أحد بأذى في الضربات الانتقامية.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
بواسطة
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ستة عشر − 14 =

زر الذهاب إلى الأعلى