من الصحافة الإيرانية: هل يمهّد أحمد الشرع لعودة العلاقات السورية – الإيرانية في مرحلة ما بعد الأسد؟

قد تكتسب العلاقات مع إيران أهمية خاصة لدمشق بوصفها ورقة ضغط في مواجهة تل أبيب. وربما أراد أحمد الشرع بتصريحه الأخير أن يوجه رسالة غير مباشرة إلى إسرائيل وحلفائها بأن سوريا لا تعتزم لعب دور ثانوي في المعادلات الإقليمية.

ميدل ايست نيوز: قال الرئيس السوري للحكومة الانتقالية أحمد الشرع إن الخلاف والقطيعة بين دمشق وطهران ليست دائمة. تصريحات الشرع تمثل نقطة تحول في الخطاب السياسي السوري لما بعد مرحلة الأسد. وإذا صح هذا الادعاء، فإنه لا يحمل رسالة واضحة إلى طهران فحسب، بل يشير أيضاً إقليمياً ودولياً إلى احتمال إعادة تعريف السياسة الخارجية السورية في المرحلة الجديدة.

وقال موقع “دبلوماسي إيراني”، إنه بعد سنوات من الشراكة الاستراتيجية بين دمشق وطهران خلال فترة حكم بشار الأسد، أدت التطورات الداخلية في سوريا، ودخول تركيا على خط إدارة الملف السياسي، إلى جانب الضغوط الإقليمية، إلى اتساع الفجوة بين الطرفين. غير أن الأوضاع الراهنة، مع تولي حكومة أحمد الشرع السلطة بدعم من أنقرة وإعادة ترتيب علاقاتها مع الدول العربية والغربية وحتى إسرائيل، تجعل من هذا التصريح مؤشراً على تحول مهم في السياسة الخارجية السورية، قد يفتح الطريق أمام عودة العلاقات بين دمشق وطهران.

تنويع العلاقات الدبلوماسية؛ فرصة لعودة إيران

مع صعود حكومة أحمد الشرع، تشهد السياسة الخارجية السورية تحولاً ملحوظاً. فقد سعت دمشق، بدعم تركي، إلى إعادة بناء علاقاتها مع التكتل العربي والغربي، لكن تجارب الأزمات الماضية أثبتت أن الارتهان لمحور واحد يمكن أن يجعل البلاد عرضة للتقلبات الإقليمية غير المتوقعة.

إيران كانت خلال حقبة بشار الأسد أحد أبرز حلفاء دمشق ولعبت دوراً محورياً في موازين القوى الإقليمية. لكن السنوات الأخيرة من حكم الأسد وبداية عهد الشرع شهدت ابتعاداً نسبياً بين البلدين. تصريحات رئيس الحكومة الانتقالية لسوريا جاءت لتؤكد أن الطريق لم يُغلق بعد، وأن دمشق تسعى لفتح نافذة لإعادة العلاقات مع طهران.

من المرجح أن تسعى الحكومة السورية الجديدة، مع مراعاة حساسيات بعض الأطراف الإقليمية والدولية، إلى إعادة إحياء العلاقات مع إيران تدريجياً للاستفادة من مكاسبها الجيوسياسية في مواجهة الضغوط المستقبلية. وبالنسبة لسوريا ما بعد الأسد، فإن تنويع العلاقات الدبلوماسية وتقليل الاعتماد على لاعب واحد أو اثنين ليس مجرد خيار، بل ضرورة استراتيجية.

الموازنة مع تل أبيب عبر ورقة طهران

رغم محاولات حكومة أحمد الشرع لإرساء علاقات منظمة مع إسرائيل، فإن تحركات تل أبيب في الأشهر الأخيرة وضعت هذا المسار أمام تحديات كبيرة. فقد شنت إسرائيل هجمات متكررة على الأراضي السورية، شملت ضربة مباشرة لوزارة الدفاع، مع استمرار احتلالها ما يقارب 700 كيلومتر مربع من الأراضي السورية، الأمر الذي عمّق حالة انعدام الثقة بين الجانبين.

في ظل هذه الظروف، قد تكتسب العلاقات مع إيران أهمية خاصة لدمشق بوصفها ورقة ضغط في مواجهة تل أبيب. وربما أراد أحمد الشرع بتصريحه عن عدم ديمومة الخلافات مع طهران أن يوجه رسالة غير مباشرة إلى إسرائيل وحلفائها بأن سوريا لا تعتزم لعب دور ثانوي في المعادلات الإقليمية.

إعادة العلاقات بين دمشق وطهران من شأنها أن تغير المعادلة الأمنية في المنطقة، وتمنح حكومة الشرع موقعاً أقوى في أي مفاوضات محتملة مع إسرائيل أو حلفائها الغربيين. مثل هذا التوازن قد يعمل كأداة للحد من الضغوط الإسرائيلية وتقليل التهديدات الأمنية على الحدود السورية.

الفاعلون العرب والغربيون ومعادلة سوريا ما بعد الأسد

أعادت عودة العلاقات بين الدول العربية الخليجية ودمشق، واستئناف الاتصالات الأوروبية والأميركية مع حكومة أحمد الشرع، رسم ملامح جديدة للسياسة الخارجية السورية. فالسعودية والإمارات تسعيان، بمنظور براغماتي، إلى الحد من نفوذ إيران في سوريا وبناء محور موازٍ لمحور المقاومة. وفي المقابل، تركز أوروبا والولايات المتحدة بشكل أكبر على إعادة إعمار سوريا ومنع توسع النفوذ الروسي والإيراني.

وسط هذه المعادلة المعقدة، تجد حكومة الشرع نفسها مطالبة بإيجاد توازن دقيق بين مختلف الأطراف. إعادة فتح قنوات التواصل مع طهران قد تكون جزءاً من استراتيجية أوسع تتيح لدمشق مواجهة الضغوط الإسرائيلية والتنافس الإقليمي، مع مراعاة الحسابات الدولية. وإذا ما أُدير هذا التوجه بحنكة دبلوماسية وحساسية عالية، فقد يعيد سوريا من هامش الأزمة إلى صلب التفاعلات الإقليمية.

اقرأ المزيد

من الصحافة الإيرانية: هل نشهد عودة قريبة للعلاقات الإيرانية السورية؟

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

خمسة عشر − 10 =

زر الذهاب إلى الأعلى