الصحافة الإيرانية: لماذا وصلت المفاوضات النووية إلى طريق مسدود؟

أدت الشروط الأوروبية الأربعة إلى تحويل الدبلوماسية بين طهران والغرب إلى «سباق مع الزمن»، فيما يرى مراقبون أن القوى الغربية تسعى إلى إطالة أمد المفاوضات، بهدف تعميق تأثير العقوبات داخل الشارع الإيراني.

ميدل ايست نيوز: يوم الأحد، أعلن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في مقابلة تلفزيونية عن وصول المفاوضات النووية بين إيران والولايات المتحدة إلى طريق مسدود، مؤكداً توقف المحادثات بشكل كامل مع أوروبا.

وقال: «إذا عُرضت علينا مقترحات متوازنة ومنصفة ومعقولة ومنطقية، تقوم على الندية والاحترام المتبادل، وتضمن مصالح إيران، فنحن دائمًا أهل للحوار. لقد كانت راية المفاوضات دومًا بأيدينا، واليوم أؤكد من جديد أننا سننظر في أي عرض يكون عادلاً ومعقولاً».

لكن ما الأسباب التي قادت المفاوضات النووية بين إيران والغرب إلى هذا المأزق؟ وما الذي تريده أوروبا والولايات المتحدة تحديداً من طهران، وما الذي ستقدمانه في المقابل؟ ولماذا تعتبر طهران العروض الغربية غير منصفة أو غير متوازنة؟

في خضم الأزمة النووية الإيرانية، وبعد أن فعّلت الدول الأوروبية الثلاث (فرنسا، ألمانيا، بريطانيا) في 28 أغسطس 2025 آلية الزناد، مما أعاد العقوبات الأممية وأوصل إيران إلى حافة الهاوية الدبلوماسية، أصبحت التوقعات الغربية من المفاوضات المقبلة تحدياً جديداً أمام السياسة الخارجية الإيرانية.

التوقعات الأوروبية والأمريكية من إيران

وبحسب البيانات المشتركة الصادرة عن فرنسا وألمانيا وبريطانيا والولايات المتحدة، يمكن تلخيص المطالب الغربية من إيران بعد تفعيل آلية الزناد في أربعة محاور رئيسية: الوقف الكامل لتخصيب اليورانيوم، التنفيذ الكامل للبروتوكول الإضافي وخضوع المنشآت لرقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، تقييد البرامج الصاروخية الباليستية، والرفع التدريجي للعقوبات مقابل التزامات دائمة من جانب إيران.

وفي هذا السياق، قال وزير الخارجية الفرنسي جان-نويل بارو في 13 سبتمبر الماضي: «على إيران أن توقف تخصيب اليورانيوم وتنفذ البروتوكول الإضافي حتى تستمر الدبلوماسية». من جهته، أكد وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو أن «نزع القدرات الصاروخية ورفع العقوبات هما مفتاح الاتفاق الجديد».

هذه المحاور، المستندة إلى تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية (GOV/2025/53) الصادر في 3 سبتمبر 2025، والبيان الثلاثي الأوروبي في 28 أغسطس، حوّلت المفاوضات إلى ما وصفه مراقبون بـ«لعبة الوقت»، إذ تستخدم طهران ورقة التخصيب بنسبة 60 في المئة (بمخزون يبلغ 440 كيلوغراماً) كوسيلة ضغط، فيما تتمسك الدول الغربية بورقة العقوبات الأممية لاستمرار التفوق السياسي.

وقف كامل لتخصيب اليورانيوم

وقالت وكالة خبر أونلاين الإيرانية، إن المطلب الأساسي للغرب يتمثل في الوقف الفوري لتخصيب اليورانيوم أو على الأقل العودة إلى الحد المسموح به في اتفاق 2015 وهو 3.67 في المئة. وقد وصف المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، هذا الشرط بأنه «ضروري لبناء الثقة». وفي بيان مشترك في 28 أغسطس 2025، شددت الدول الأوروبية على أن «إيران يجب أن توقف التخصيب وتخفّض مخزونها من اليورانيوم عالي التخصيب». كما قال الوزير الأمريكي ماركو روبيو في 19 سبتمبر: «التخصيب الصفري هو أساس أي اتفاق».

ويستند الموقف الغربي إلى قرار مجلس الأمن رقم 2231 (الصادر عام 2015) الذي يفرض قيوداً على تخصيب إيران، ويلزمها برقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية. غير أن وقف التخصيب قد يفتح الباب أمام رفع تدريجي للعقوبات النفطية، وهو ما اعتبرته صحيفة «وول ستريت جورنال» فرصة لزيادة الناتج المحلي الإجمالي لإيران بنسبة 2 في المئة.

التنفيذ الكامل للبروتوكول الإضافي ورقابة الوكالة الدولية

المطلب الثاني هو تنفيذ البروتوكول الإضافي بشكل كامل، ما يتيح للوكالة الدولية للطاقة الذرية الوصول الشامل إلى المنشآت الإيرانية. ووصف غروسي ذلك بأنه «أساسي للشفافية»، فيما دعت الدول الأوروبية في بيانها إلى «تصديق البروتوكول وتنفيذه دون تأخير». وأكد روبيو أن «الرقابة هي أساس الثقة».

وترى طهران أن هذا البند يمثل خضوعاً للغرب أكثر من كونه أداة شفافية، بينما يعتبره الغربيون اختباراً لمصداقية إيران. وقد أدى هذا الخلاف إلى ما تسميه بعض الأوساط «الجمود الرقابي»، إذ تعتبر إيران أن البروتوكول يعني المساس بسيادتها، في حين يراه الغرب شرطاً لا يمكن تجاوزه.

نزع السلاح الصاروخي وتقييد البرامج الباليستية

المطلب الثالث يتمثل في نزع سلاح إيران الصاروخي أو على الأقل تقييد برنامجها الباليستي، وهو ما وصفه روبيو بأنه «تهديد إقليمي». وأكدت الدول الأوروبية الثلاث في بيانها الصادر في 28 أغسطس أن «إيران يجب أن تحدّ من برنامجها الباليستي»، فيما حذّر غروسي من أن «القدرات الصاروخية تهدد البرنامج النووي نفسه».

ويستند هذا المطلب إلى القرار 2231 أيضاً، الذي يفرض قيوداً على تطوير الصواريخ الباليستية. غير أن هذا البند حوّل المفاوضات إلى «جمود عسكري»، إذ يراه الغرب خطوة نحو الأمن الإقليمي، فيما تعتبره طهران مساساً بأمنها القومي.

الرفع التدريجي للعقوبات مقابل التزامات دائمة

أما المطلب الرابع، فهو الرفع التدريجي للعقوبات مقابل التزامات دائمة من جانب إيران. ووصفه روبيو بأنه «جزرة لإيران»، إلا أن محللين في طهران يعتبرونه «فخاً مشروطاً»، إذ لا يأتي الرفع إلا بعد تنفيذ كامل التعهدات.

في المحصلة، أدت هذه الشروط الأربعة – وقف التخصيب، تنفيذ البروتوكول الإضافي، تقييد القدرات الصاروخية، والرفع المشروط للعقوبات – إلى تحويل الدبلوماسية بين طهران والغرب إلى «سباق مع الزمن»، فيما يرى مراقبون أن القوى الغربية تسعى إلى إطالة أمد المفاوضات، بهدف تعميق تأثير العقوبات داخل الشارع الإيراني.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

20 + 12 =

زر الذهاب إلى الأعلى