الصحافة الإيرانية: رسالة المرشد الأعلى الإيراني إلى بوتين: وساطة موسكو بين طهران وواشنطن؟
قام أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي لاريجاني، بزيارة غير معلنة مسبقاً إلى موسكو يوم أمس، حيث التقى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

ميدل ايست نيوز: قام أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي لاريجاني، بزيارة غير معلنة مسبقاً إلى موسكو يوم أمس الخميس، حيث التقى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وأكدت مصادر رسمية في طهران أن لاريجاني كان يحمل “رسالة خاصة من المرشد الأعلى الإيراني إلى الرئيس الروسي”، دون الكشف عن تفاصيل محتواها.
وحسب تقرير لموقع رويداد24 الإيرانية، أشارت التصريحات الرسمية وطريقة الإعلان إلى أن الموضوع يتجاوز إطار العلاقات الثنائية بين طهران وموسكو، فيما وصفت وسائل الإعلام الروسية الزيارة بأنها “مهمة واستراتيجية”، وربطتها بتطورات أمنية في الشرق الأوسط وإعادة تشكيل النظام العالمي.
توقيت ذو دلالات
تكتسب الزيارة أهمية خاصة بسبب تزامنها مع مكالمة هاتفية مطولة استمرت ساعة بين بوتين والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ركزت على قضايا الشرق الأوسط، حرب غزة، وتطورات سوق الطاقة.
وعلى الرغم من عدم ذكر إيران في البيانات الرسمية، أثار التزامن بين نقل رسالة طهران إلى بوتين ومحادثاته مع ترامب تكهنات حول احتمال قيام موسكو بدور الوسيط بين طهران وواشنطن.
تحذيرات من “مسار مدمر”
علق حشمت الله فلاحت بيشه، عضو سابق في لجنة الأمن القومي بالبرلمان الإيراني، على الزيارة عبر منصة “إكس”، محذراً من أن “مهمة لاريجاني، إذا لم تهدف إلى فصل مصير إيران عن لعبة الهيمنة الروسية، ستكون استمراراً لمسار مدمر بدأ منذ عام 2021” (عام انطلاق الغزو الروسي على أوكرانيا).
وأشار إلى أن روسيا تعيش في عالم القاذفات الأمريكية الشبحية “بي-2” وليس أنظمة “إس-300” الدفاعية، في نقد ضمني لاعتماد إيران المفرط على موسكو، التي لم تعد شريكاً موثوقاً في المعادلات العسكرية والسياسية العالمية.
روسيا وسيط بين طهران وواشنطن؟
يرى محللون دوليون أن بوتين يسعى لتعزيز دوره كوسيط بين القوى الكبرى، كما فعل في سوريا وأوكرانيا، وربما الآن في أزمة الشرق الأوسط. وتكهنت وسائل إعلام عربية بأن روسيا، بعد الانتخابات الأمريكية، تحاول فتح قنوات تواصل غير مباشرة بين طهران وواشنطن.
ويُعتبر لاريجاني، بخبرته الطويلة في المفاوضات النووية وعلاقاته الجيدة مع المسؤولين الروس، مرشحاً مناسباً لحمل رسائل تتجاوز المستوى الرسمي لوزارة الخارجية.
دلالات اختيار لاريجاني
تزامنت زيارة لاريجاني مع جولة دراجات رئيس الجمهورية مسعود بزشكيان في أصفهان، مما يبرز اختيار لاريجاني كمبعوث مباشر من المرشد الأعلى، وليس من الحكومة، كإشارة إلى أن المحادثات تتعلق بقضايا استراتيجية تفوق التعاون الاقتصادي أو العسكري.
ويُنظر إلى هذا الاختيار كمحاولة لنقل مواقف طهران مباشرة إلى موسكو، وربما عبرها إلى واشنطن، على غرار دور عُمان في المراحل الأولى من المفاوضات النووية.
ردود فعل الإعلام
اتسمت تغطية وسائل الإعلام الإيرانية بالحذر، مكتفية بالإعلان عن الزيارة، بينما تناولت وسائل إعلام دولية، مثل “رويترز” و”المونيتور”، الحدث بعناوين مثل “رسالة إيران في الكرملين” و”لاريجاني يحمل رسالة طهران الجديدة إلى الغرب”.
واعتبرت قنوات روسية الزيارة دليلاً على “عودة الثقة بين طهران وموسكو”، بينما رأت وسائل إعلام غربية أن إيران تبحث عن سبل لتخفيف الضغوط الاقتصادية والعقوبات.
سياق إقليمي مشحون
تأتي الزيارة في ظل أزمات متصاعدة في الشرق الأوسط، من غزة إلى لبنان واليمن، وسط علاقات إيرانية-أمريكية محفوفة بالتوتر والحذر.
ويمكن أن تحمل رسالة لاريجاني إلى بوتين أبعاداً مزدوجة: تعزيز التعاون الاستراتيجي مع روسيا من جهة، ومحاولة فتح قنوات دبلوماسية جديدة مع واشنطن عبر موسكو من جهة أخرى.
فرصة أم فخ؟
إذا كانت فرضية وساطة بوتين بين إيران وأمريكا صحيحة، فهي المرة الأولى منذ عقدين التي تلعب فيها روسيا دور الوسيط النشط بين طهران وواشنطن. لكن التجارب السابقة تُظهر أن موسكو غالباً ما استغلت “الفجوة بين طهران والغرب” لتحقيق مكاسب سياسية.
وبالتالي، قد تكون مهمة لاريجاني فرصة لدبلوماسية جديدة، أو مخاطرة بالوقوع في لعبة روسية متعددة الأوجه. والسؤال الجوهري الآن: هل ستستخدم طهران الكرملين كجسر لمحادثات أوسع، أم ستبقى في مدار موسكو؟