انقسام وخلافات بين الفصائل العراقية المسلحة بشأن حكومة الكاظمي.. مخاوف من التصعيد
تحدث مسؤول بارز في هيئة "الحشد الشعبي" عن وجود ما وصفه بـ"انقسامات بين الفصائل المسلحة بشأن حكومة الكاظمي".
ميدل ايست نيوز: يبدو أن فصائل عراقية مسلّحة، تشهد انقسامات وخلافات حادة حول الحكومة العراقية الجديدة، برئاسة مصطفى الكاظمي، وسط مخاوف من أن ينعكس ذلك على سير حكومة الكاظمي، لجهة معاودة هجمات صواريخ الكاتيوشا على المصالح الأميركية، ورفض أي خطوة لرئيس الحكومة الجديد تتعلق ببسط سيطرة الدولة على بلدات ومدن تسيطر عليها مليشيات مسلحة منذ سنوات، وتمنع أهلها من العودة إليها كجرف الصخر ويثرب والعوجة والعويسات ومناطق أخرى.
ومنح البرلمان العراقي، خلال جلسة امتدت لساعة متأخرة من ليل أمس الخميس، الثقة لحكومة غير مكتملة برئاسة الكاظمي، إذ تم التصويت على 15 وزيراً، فيما رفض 5 مرشحين لوزارات التجارة والعدل والثقافة والزراعة والهجرة، وتم تأجيل التصويت على مرشحي وزارتي الخارجية والنفط.
وقالت مليشيات “كتائب حزب الله”، في بيان، “نعلم ونقدر الضَغط الكبير الذي تعرضت له الفئة المخلصة من الإخوة في مجلس النواب من أجل التصويت على تمرير حكومة الكاظمي، لكن هذا لا يعفي من الاستمرار بملاحقة من تورط في جريمة اغتيال القادة الشهداء ورفاقهم أيا كان وصفه الوظيفي”، في إشارة إلى اتهامهم السابق لرئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بالتعاون مع الولايات المتحدة بعملية اغتيال زعيم “فيلق القدس” قاسم سليماني، والقيادي بـ”الحشد الشعبي” أبو مهدي المهندس.
وتحدث مسؤول بارز في هيئة “الحشد الشعبي”، لـ”العربي الجديد”، عن وجود ما وصفه بـ”انقسامات بين الفصائل المسلحة بشأن حكومة الكاظمي”.
وأوضح أن “هناك فريقا يميل إلى ترك التصعيد ضده والاستجابة لطلبات قادة كتل سياسية شيعية بهذا الخصوص، وآخرين يرفضونه وقد يترجمون هذا الرفض بمعاودة الهجمات الصاروخية على المنطقة الخضراء لإحراج حكومة الكاظمي”، مشيراً إلى أن “أبرز هذه الفصائل الرافضة هي كتائب حزب الله والنجباء”.
ولفت إلى أن “تلك الفصائل لا تأثير عراقيا عليها، لذا قد يضطر الكاظمي لفتح اتصال مع المسؤولين في فيلق القدس لضبط إيقاع تصرفاتها بالعراق”.
كما بين أنه “حتى بالنسبة للفصائل المسلحة، التي سكتت أو رحبت على مضض بالكاظمي، لديها تخوف وحالة عدم ثقة بشأن خطواته المقبلة، خاصة أن كثيرا من الأطراف بالحشد لا تريد فقدان مكتسبات حصلت عليها في حكومة عادل عبد المهدي”.
في السياق، أكد نائب الأمين العام لحركة “الأبدال”، وهي أحد الفصائل العراقية المدعومة من إيران، كمال الحسناوي، في اتصال هاتفي مع “العربي الجديد”، أن “غالبية الفصائل المسلّحة رافضة للحكومة الجديدة، ورافضة لشخص رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، والذين رضوا وقبلوا هم الجهات التي لها مصالح شخصية وحصلوا على مناصب ووعود وغيرها، لكن غالبية الفصائل الكبيرة والرئيسية، هي رافضة للكاظمي وحكومته”.
غير أنه اعتبر أن “هذا الرفض لا يمكن أن يحدث نوعا من الصدامات والمواجهات بين الفصائل المسلحة والحكومة، فلا يمكن لهذه الفصائل التعدي على أجهزة الدولة، وهذه الفصائل، التي هي جزء من الحشد الشعبي، ستكون مطبقة لأي أمر يصدر لألوية الحشد”.
واستدرك قائلاً إن “رئيس الوزراء الجديد لا يجرؤ على التعدي على فصائل المقاومة، أو اتخاذ أي موقف وقرار ضدها، فهو يخشى هذه الفصائل ويعرف ثقلها، ولهذا لا يمكن له العمل ضدها”.
ويرى المحلل السياسي والأمني العراقي نجم القصاب، في حديث مع “العربي الجديد”، أن “الفصائل المسلحة لم ترضَ بترشيح وتكليف مصطفى الكاظمي، بل وقفت بالضد منه خلال فترة المفاوضات والتصويت له، فهي تعتقد أن الكاظمي قريب جداً من الولايات المتحدة الأميركية”.
ويتابع: “لكن استطاع الجيل الثاني من السياسيين أن ينتصر على الجيل الأول وعلى الأحزاب التي سيطرت وهيمنت على الدولة العراقية منذ 2005 ولغاية الآن، فالكاظمي ليس من الأحزاب السياسية الإسلامية، ولهذا البوصلة السياسية قد تغيرت”.
ويضيف: “إذا الكاظمي، لكي ينجح عليه أن ينطلق من قوتين، الأولى قوة مرجعية النجف والثانية قوة الجماهير، وعليه اتخاذ مواقف وقرارات تستقطب هاتين القوتين لصالحه، فهنا يستطيع التصعيد ومواجهة بعض الفصائل المسلحة، التي لا ترغب أن تعمل تحت سيطرة الدولة العراقية”.
ويبين المحلل السياسي والأمني العراقي أنه في حال “جعل الكاظمي غالبية الأجهزة الأمنية، كالحشد الشعبي والمخابرات والأمن الوطني وغيرها، مرتبطة به شخصياً، فإن هذا الفعل سيجمد الفصائل ويضعف من قوتها”، مرجحاً أن “يحدث التصعيد بين الفصائل والحكومة الجديدة بأي لحظة، لكن إذا عمل الكاظمي على تقوية أجهزة الدولة الرسمية، فلا تستطيع أي جهة مسلحة التقدم نحو الدولة والتعدي عليها”.
وتعد حكومة مصطفى الكاظمي السابعة التي تحكم العراق منذ الغزو الأميركي للبلاد في 2003، إذ تولى إياد علاوي رئاسة أول حكومة عراقية مؤقتة عام 2004، ثم إبراهيم الجعفري الذي ترأس الحكومة الانتقالية في 2005، تلاه نوري المالكي بولايتين متتاليتين (2006–2014)، ثم حيدر العبادي (2014–2018)، وأخيراً عادل عبد المهدي الذي أُرغم على الاستقالة بسبب الاحتجاجات الشعبية (2018–2019).