اتفاق الشراكة الإيرانية الصينية يغير موازين القوي بالشرق الأوسط

کتبت باحثة في مقال أنه إذا دخل هذا الاتفاق حيز التنفيذ، فإنه سيجعل إيران تعتمد بشكل كبير على الصين اقتصاديا، بينما ستحصل بكين على مصدر كبير وآمن للطاقة، إضافة إلى موطئ قدم في الخليج.

ميدل ايست نيوز: سلطت الباحثة في “مركز التفاهم الإسلامي المسيحي” بجامعة جورج تاون “شرين هانتر”، الثلاثاء، الضوء على اتفاق شراكة اقتصادية وأمنية شاملة بين إيران والصين، كشفت تفاصيله صحيفة “نيويورك تايمز” قبل أيام.

وتحت عنوان “كيف يمكن للاتفاق بين إيران والصين أن يغير موازين القوى في الشرق الأوسط”، قالت “هانتر”، في مقال بموقع “ميدل إيست آي” البريطاني، إن الحكومة الإيرانية وافقت على مسودة اتفاق مدته 25 عاما مع الصين بشأن التعاون الاقتصادي والسياسي.  وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية “عباس موسوي” عن توقيع الاتفاق إنه كان لحظة فخر للدبلوماسية الإيرانية.

وذكرت “هانتر” أن طهران لم تكشف عن التفاصيل الكاملة للاتفاق، لكن تقرير صدر مؤخرا عن موقع “بتروليوم إيكونوميست” أشار إلى أن إيران مستعدة لتقديم امتيازات ضخمة للصين، بما في ذلك تخفيضات كبيرة على النفط والغاز، وإمكانية تأخير المدفوعات لمدة تصل إلى عامين والدفع بالعملات السهلة، كما ستمنح الصين، أيضا، حق السبق بالشراء للانخراط في أي مشاريع للبتروكيماويات في إيران.

 وعلقت الباحثة أنه إذا دخل هذا الاتفاق حيز التنفيذ، فإنه سيجعل إيران تعتمد بشكل كبير على الصين اقتصاديا، بينما ستحصل بكين على مصدر كبير وآمن للطاقة، إضافة إلى موطئ قدم في الخليج.

وقالت هانتر” بالفعل إنه ترددت شائعات في وسائل إعلام إيرانية بأن طهران تنازلت عن جزيرة كيش إلى بكين. ورغم أن هذه الشائعات غير صحيحة، إلا أن طهران قد تقدم للصين منشآت عسكرية في موانئها على الخليج.

وذكرت الباحثة في مقالها أن الاتفاق يتضمن نشر ما يصل إلى 5000 من أفراد الأمن الصينيين على الأرض (في إيران) لحماية المشاريع الصينية، وهو عنصر يقوض على نحو خطير الاستقلال السياسي لإيران.

وأضافت أنه -في المقابل- يعزز الاتفاق موقع الصين بشكل كبير ليس فقط في الشرق الأوسط، وأيضا في آسيا الوسطي والقوقاز. فمن خلال إيران والقوقاز، سيكون لبكين طريق بري إلى أوروبا والبحر الأسود، شريطة أن تسمح جورجيا لها بالدخول إلى موانئها على البحر الأسود.

وذكرت الباحثة أن المنفعة بالنسبة لإيران، من الاتفاق حال التزام الصين ببنوده، تتمثل في ضخ كمية كبيرة من النقد في اقتصادها، وخاصة قطاع الطاقة (280 مليار دولار) والبنية التحتية للصناعة والنقل (120 مليار دولار)؛ إذ أن من المؤكد أن مثل هذا الضخ المالي، سيساعد في إنعاش الاقتصاد الإيراني وخلق المزيد من الوظائف وبالتالي، تعزيز النظام الإسلامي وتخفيف المعارضة الداخلية.

التحول نحو الشرق

وتابعت “هانتر”:  “لكن مصير الاتفاق لم يتضح بعد، إذ لا يزال يتعين الموافقة عليه من قبل البرلمان في إيران. وعندما ظهرت أنباء عن الاتفاق لأول مرة في وسائل الإعلام الإيرانية، أعرب العديد من المعلقين على قلقهم من أنه قد يجعل إيران تعتمد بصورة مفرطة على الصين، مشيرين إلى أن إيران لم تنه بعد ثورة 1919، عقودا من الاعتماد على الولايات المتحدة لتصبح شبه مستعمرة للصين”.

وقالت “هانتر” إنها سبق لها أن شبهت الاتفاق باتفاق “رويتر” سيئ السمعة الذي وقع عام 1972، إذ وصفتها صحيفة “تايمز أوف لندن” تلك الصفقة بين المصرفي البريطاني “بارون جوليوس دي رويتر” وملك بلاد فارس بأنها أكبر تنازل لموارد دولة وسيادتها لمخاوف أجنبية.

وقالت الكاتبة إن السبب الرئيسي في تحول إيران باتجاه الصين والدول الأسيوية الأخرى، والمعروف محليا بـ”التحول نحو الشرق” هو الفشل الإيراني المتكرر منذ حكم “هاشمي رفسنجاني” في توسيع العلاقات الاقتصادية مع الغرب كتمهيد لتقوية العلاقات الاقتصادية.

وذكرت “هانتر” أن أحدث هذه المبادرات الفاشلة جرت بعد توقيع الاتفاق النووي في عام 2015، حين عرضت إيران شراء طائرات بوينج وإيرباص قائلة إنها ترحب بتواجد الشركات الأمريكية والأوروبية بما في ذلك شركات الطاقة، مثل توتال، على أراضيها، غير أن الرد على تلك العروض الإيرانية لم يكن إيجابيا.

وعام 2018، انسحب الرئيس “دونالد ترامب” من الاتفاق النووي، وفرض عقوبات جديدة وقاسية على إيران بما في ذلك منعها من بيع النفط. ودفعت خطوته تلك حتى المعتدلين في إيران إلى القول بأن الولايات المتحدة ليست مهتمة بتحسين العلاقات مع بلادهم، بل تريد حتى تغيير النظام بها.

ومنح تحرك “ترامب” المعارضين المتشددين لتحسين العلاقات الإيرانية الأمريكية، طاقة جديدة؛ حيث رأوا في الصين منفذا محتملا ودرعا ضد الضغوط الامريكية المستقبلية، ويشمل ذلك مجلس الأمن الدولي، وفقا للباحثة.

الحد من التوترات

وقالت الباحثة إنه تم تنفيذ الاتفاق الإيراني الصيني فسينتعش الاقتصاد الإيراني وتستقر سياساتها. ومن شان هذا التعافي الاقتصادي والسياسي أن يحسن موقف إيران الإقليمي، وربما يحفز الخصوم على تقليل التوترات مع طهران، بدلا من الاتباع الأعمى للسياسيات الأمريكية. وربما سارعت دول الخليج العربية لعقد اتفاقياتها الخاصة مع الصين.

وعلاوة على ذلك، فمن خلال منح الصين موطئ قدم دائم في إيران، فإن الاتفاق سيعزز موقع بكين الإقليمي ويقوض التفوق الاستراتيجي الأمريكي في الخليج، وهذا الأمر من الممكن أن يعمل على تعزيز موقع الصين على الصعيد الدولي.

ووفق “هانتر”، فإن الولايات المتحدة بإمكانها منع هذا التحول من خلال العودة إلى الاتفاق النووي، ورفع العقوبات المفروضة على إيران والسماح للشركات الأمريكية التعامل مع طهران.

وأضافت أن التأثير الفوري لخطوة مثل هذا من قبل أمريكا سيكون إحياء القوى المعتدلة في إيران، وعلى المدي الطويل، سيؤدي ذلك إلى إقامة علاقات سياسية أفضل.

واعتبرت أن اتباع واشنطن سياسة عدوانية تجاه طهران؛ تسبب في تقييد خيارات الولايات المتحدة في منطقة جنوب غرب آسيا، وتركها لعبة في يد الشركاء المحليين مثل السعودية والإمارات.

وختمت “هانتر” مقالها بالقول: “اهتمام الصين الأكثر وضوحا بإيران، يجب أن ينبه واشنطن إلى ضرورة مراجعة نهجها تجاه طهران”.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
الخلیج الجدید

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

11 + عشرة =

زر الذهاب إلى الأعلى