لماذا يصر أعداء إيران على تفكيك برنامجها الصاروخي؟

تشير التقارير الإعلامية الخاصة بالتسليح على المستوى العالمي أن إيران تمتلك أضخم ترسانة من الصواريخ الباليستية في الشرق الأوسط.

ميدل ايست نيوز: عندما انسحب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من الاتفاق النووي الإيراني، حدد نقاطاً لم يشملها الاتفاق، أولها البرنامج الإيراني للصواريخ الباليستية، لتكون على طاولة المفاوضات، فهل تمتلك إيران برنامجاً صاروخياً يمثل تهديداً لحلفاء أمريكا في المنطقة بالفعل؟ وهل 55 ألف صاروخ باليستي تمتلكها إيران تعتبر خطراً لا يقل عن البرنامج النووي؟

نشر موقع national interest الأمريكي تقريراً بعنوان “55 ألف صاروخ: لماذا لم تضرب إيران ضربة قاتلة عندما هاجمت؟”، تناول بالرصد والتحليل برنامج إيران للصواريخ الباليستية والقوة التدميرية لتلك الصواريخ.

وعلى الرغم من أن غالبية الترسانة الإيرانية من الصواريخ الباليستية عبارة عن صواريخ قصيرة المدى من طراز شهاب-1 وفتح-110 وهي صواريخ جو-جو، فإن طهران تمتلك أيضاً صواريخ من طراز القائم يصل مداها إلى 500 ميل.

وفي السابع من يناير/كانون الثاني 2020، أطلقت إيران أكثر من 12 صاروخاً باليستياً، استهدفت قاعدتين جويتين داخل العراق توجد بهما قوات أمريكية ودولية تتبع التحالف الدولي لمحاربة داعش، ما تسبب في بعض الأضرار المادية، وأفادت تقارير عن إصابة بعض الجنود الأمريكيين لكن لم يسقط قتلى.

الهجوم الصاروخي الإيراني جاء انتقاماً لاغتيال الجنرال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، مساء 3 يناير/كانون الثاني، من خلال ضربة صاروخية أمريكية لدى وصول سليماني إلى العراق، ومن الواضح أن إيران قررت ألا تخاطر بإطلاق صواريخها الأبعد مدى والأقوى من ناحية القوة التدميرية؛ تفادياً لإسقاط قتلى أمريكيين، حتى لا تخرج الأمور عن السيطرة.

55 ألف صاروخ باليستي

ويعتبر الصاروخ سجيل الأبرز في الترسانة الصاروخية لطهران، وهو صاروخ من الجيل المتطور للصواريخ أرض-أرض  التي تم صنعها بالكامل في إيران، وأعلنت طهران عن تجربته لأول مرة في نوفمبر/تشرين الثاني 2008، ويصل مداه إلى 2000 كيلومتر، ويعمل بوقود صلب على مرحلتين، ما يجعله أكثر تطوراً من موديل الصواريخ شهاب الذي يعمل بالوقود السائل وعلى مرحلة واحدة، وهو ما يعني أن سجيل يمكنه –من الناحية النظرية– أن يصيب أهدافاً في إسرائيل وجنوب شرقي أوروبا.

وفي فبراير/شباط الماضي، نشرت وسائل الإعلام الغربية تفاصيل مواصفات الجيل الثاني من الصاروخ الإيراني سجيل-2، والذي يمكنه ضرب أي هدف في منطقة الشرق الأوسط، ويتم وضعه على مركبات عسكرية ويصل طوله إلى 18 متراً، وقطره 1.25 متر، ويمكنه حمل رأس تقليدي أو نووي، ووصفته مجلة ناشيونال إنترست بالأخطر في ترسانة إيران الصاروخية، مشيرة إلى أن وسائل إعلام إيرانية نشرت أول صور لهذا الصاروخ، من داخل مخازن خاصة به تحت الأرض.

هل تهدد صواريخ إيران الولايات المتحدة؟

تشير التقارير الإعلامية الخاصة بالتسليح على المستوى العالمي أن إيران تمتلك أضخم ترسانة من الصواريخ الباليستية في الشرق الأوسط، لكن الواضح أنها لا تمتلك صواريخ باليستية طويلة المدى بما يكفي لأن تمثل تهديداً للأراضي الأمريكية.

وبحسب جيفري ليويس خبير الصواريخ في معهد ميدلبيري للدراسات الدولية، فإن الصواريخ الإيرانية التي استهدفت قاعدتي الأسد والأنبار في العراق، في يناير/كانون الثاني، كانت من طراز “قيام” وهو أحد موديلات الصواريخ الباليستية قصيرة المدى ضمن الترسانة الإيرانية، وهي أقرب في تركيبتها لصواريخ سكود السوفييتية، وتحمل رأساً تفجيرياً يزن 1700 باوند.

وبحسب تقرير لمركز واشنطن للدراسات الاستراتيجية والدولية، فإن “أبرز ما يميز صاروخ قيام-1 الإيراني هو عدم وجود مروحة الذيل، ما يعني أن الصاروخ مجهز بنظام توجيه متطور يمكنه أن يغير مساره في الهواء سعياً للدقة في ضرب الأهداف، دون الحاجة لوجود مراوح تثبيت في مرحلة الانطلاق”.

كما أن إزالة ذيل الصاروخ تقلل أيضاً من قدرة الرادار على كشفه مبكراً، كما يرفع من قابلية الصاروخ لحمل رأس متفجر أثقل وزناً، إضافة إلى أن ذلك التعديل يرفع من دقة وسرعة الصاروخ ويجعله أكثر صعوبة في الكشف والتدمير من جانب الدفاعات الصاروخية.

صاروخ إيراني تصميماً وإنتاجاً

وإذا كان قيام وشهاب كصواريخ هي تطوير لصواريخ سكود السوفيتية، فإن سجيل عبارة عن تصميم إيراني بحت، يحمل رأساً متفجراً وزنه 2200 باوند وقادر على حمل رؤوس نووية، كما أن استخدام الوقود الصلب يعتبر ميزة أخرى في الصاروخ تم تطويرها من خلال تكنولوجيا الوقود المتطور بالتعاون مع برنامج زلزال أثناء تسعينات القرن الماضي، وهو التطوير الذي يعتقد الخبراء الأمريكيون أنه تم بالتعاون مع الصين.

وعلى الرغم من أن الصاروخ سجيل له حجم ووزن ومدى مشابه للصاروخ شهاب-3، فإن استخدام الوقود الصلب فيه يعتبر تطوراً جوهرياً عن تصميم شهاب، فالوقود الصلب يسمح بالإطلاق شبه الفوري للصاروخ، ما يقلل من تعرض الصاروخ لإمكانية التدمير قبل الإطلاق، حيث إن مرحلة إعداد الصاروخ للإطلاق من خلال تزويده بالوقود السائل تجعله عرضة للكشف قبل إطلاقه بوقت طويل.

وإضافة لذلك، فإن الصواريخ ذات الوقود الصلب لا تحتاج للتزود بالوقود قبل الإطلاق مباشرة، ومن ثم يمكن نقلها بسهولة، وإن كانت تلك النوعية من الصواريخ تكون أصعب في التوجيه والسيطرة عقب إطلاقها، ولا أحد يعرف كيف تمكن المهندسون الإيرانيون من التغلب على تلك الصعوبة، لكن الواضح هو أنهم إما طوروا نظام التوجيه في موديلات الصاروخ شهاب أو أنهم تلقوا مساعدة أجنبية كبيرة في هذا الشأن.

لهذا رفضت إسرائيل والسعودية الاتفاق النووي

يرى كثير من المراقبين أن برنامج الصواريخ الإيراني كان أبرز أوجه اعتراض السعودية وإسرائيل والإمارات على الاتفاق النووي، الذي وقعته إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما مع إيران والقوى الكبرى عام 2015، وهو ما اتضح بالفعل عندما انسحب ترامب من الاتفاق بشكل أحادي عام 2018.

ترامب وصف الاتفاق الذي ضم أيضاً بريطانيا وفرنسا وألمانيا وروسيا والصين بأنه “الصفقة الأسوأ على الإطلاق”، واشترط توقيع إيران على اتفاق آخر يكون تفكيك برنامجها الصاروخي أبرز بنوده، إضافة إلى تعهد إيران بالتوقف عن التدخل في شؤون دول المنطقة وغيرها من الشروط.

لكن على الرغم من مرور أكثر من عامين على انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق بالفعل، وإعادة فرض العقوبات الأمريكية على إيران وتغليظها، وتوسيع نطاقها بصورة غير مسبوقة، لا تزال طهران ترفض الرضوخ لشروط ترامب، وتُواصل العمل على تطوير برنامجها الخاص بالصواريخ الباليستية، التي تمثل نقطة التفوق الأبرز لطهران في المنطقة.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
عربي بست

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ثلاثة × واحد =

زر الذهاب إلى الأعلى