لماذا دعت تركيا مصطفى الكاظمي لزيارتها في هذا التوقيت؟

تلك الدعوة جاءت بعد أن شعرت أنقرة بالاستقطابات الإقليمية للعراق والتي قد تبعده عن تركيا، الأمر الذي يشكل خطورة عليها من عدة جوانب سواء الأمنية أو السياسية والاقتصادية.

يرى مراقبون أن تلك الدعوة جاءت بعد أن شعرت أنقرة بالاستقطابات الإقليمية للعراق والتي قد تبعده عن تركيا، الأمر الذي يشكل خطورة عليها من عدة جوانب سواء الأمنية أو السياسية والاقتصادية، وربما يعطي مجالا لدول على خلاف مع أنقرة أن تقترب من حدودها بشكل غير مباشر، علاوة على موقف الجامعة العربية الأخير من تركيا وزيارة الرئيس الفرنسي للعراق بعد تصاعد التصريحات والخلافات بين باريس وأنقرة، وعلى كل حال فإن الخطوة التركية إيجابية وسوف يلبيها العراق من أجل مصالحه الكبرى.

موجات من الهدوء والتوتر

قال الكاتب والمحلل السياسي التركي الدكتور سمير صالحة، إن العلاقات العراقية التركية على الدوام تشوبها فترات من الهدوء وأحيانا التصعيد المتبادل على مستوى الملفات الثنائية وأيضا على مستوى الملفات الإقليمية المرتبطة بسياسات البلدين، في ذات الوقت كانت هناك توجهات لدى الجانبين لصناعة تفاهمات تخدم مصالح الطرفين.

وأضاف لـ”سبوتنيك” أن هناك حقيقة موجودة على الأرض تتمثل في الكثير من الملفات الشائكة والمعقدة في العلاقات بين بغداد وأنقرة، وتلك الملفات قد تتخذ أشكالا مختلفة ما بين السياسي والأمني والجغرافي، وهناك أيضا ملفات شائكة ذات طابع إقليمي تؤثر على رسم سياسات الجانبين.

رغبة مشتركة

وتابع المحلل السياسي، والآن وفي ظل الدعوة التركية للكاظمي لزيارتها، يبدو أن هناك رغبة مشتركة تركية عراقية باتجاه مناقشة ملفات التوتر والأزمات التي تفاقمت في الأشهر الأخيرة، هذه المحاولة مهمة، لكن رأيي الشخصي أنها جاءت متأخرة بعض الشىء، تلك الدعوة كان يجب أن تتم منذ أشهر مع وصول الكاظمي للسلطة، وخصوصا بعدما قام الكاظمي بدعوة قيادات تركية لزيارة بغداد في مايو/أيار الماضي، تلك الدعوة كان يجب أن يتم التعامل معها بسرعة وجدية لتخفيض التوتر بين الجانبين.

خطوة إيجابية

وأشار صالحة إلى أن هذه الخطوة إيجابية ومهمة جدا رغم تأخرها، باتجاه تخفيف التوتر والتأزم، وهى خطوة لابد منها في نهاية الأمر إذا كانت هناك رغبة عراقية تركية لمناقشة وحل ملفات الخلاف، لأن هناك أطراف إقليمية أخرى بدأت تستفيد من هذا التوتر وتحاول أن تسييره إلى صالحها.

وحول الملفات التي يمكن أن تتناولها زيارة الكاظمي إلى أنقرة قال المحلل السياسي، في ظني ان جدول الأعمال سيكون مفصل ويتطرق إلى أكثر من ملف نقاش بطابع سياسي وأمني واقتصادي، وحتى موضوع العمليات العسكرية التي تنفذ ضد مجموعات “بي كا كا” الإرهابي في شمال العراق ستكون في قلب النقاش، وبجانبها ستكون هناك مسائل أخرى تحتاج للنقاش منها، تطورات المشهد في شمال العراق وتطورات العلاقات التجارية بين البلدين وسبل حمايتها ومسائل المياه التي طرحت أكثر من مرة في العلاقات بين بغداد وأنقرة، وبشكل خاص بعد ما ظهر من مواقف من جانب جامعة الدول العربية في الأيام الماضية بشأن العملية العسكرية التركية في شمال العراق، وتشكيل لجنة متابعة للسياسات التركية كان العراق أحد أعضائها، فهذه المسائل تحتاج إلى نقاش جدي ومفصل بين البلدين.

تلبية الدعوة التركية

 وعلى الجانب الآخر قال المحلل السياسي العراقي عبد القادر النايل، “من المتوقع أن يلبي الكاظمي دعوة تركيا لزيارتها، لأن هناك ملفات عراقية كثيرة تتحكم فيها تركيا سواء على مستوى الاقتصاد أو المياه، لأن منابع نهر دجلة والفرات من تركيا، كما أن لتركيا تأثير سياسي على بعض الأطراف داخل العملية السياسية من جهة، ومن جهة أخرى فإن الكاظمي يسعى لدعم إقليمي ودولي له، تخطيطا منه للانتخابات القادمة من إجل إعادة تكليفه برئاسة الوزراء”.

وأضاف لـ”سبوتنيك”، “أما تدخل تركيا في الشمال العراقي فلن يتطرق له الكاظمي بزيارته لعدة أسباب منها، أن سبب دخول حزب العمال التركي وتمركزه في شمال العراق وتعاون مليشيات الحشد معه كان بتخطيط من نوري المالكي منذ الدورة الثانية لحكمه، فضلا عن أن تركيا لديها أدلة على تورط الحكومة في دفع رواتب لحزب العمال من المال العراقي، والكاظمي كان رئيس جهاز المخابرات، لذا هو يعلم أن هناك دعم من بعض دول جوار العراق لرئيس حزب العمال.

زيارة ماكرون

وتابع المحلل السياسي، “لذا فإن استجابة الكاظمي للدعوة التركية تأتي في إطار سعيه لكسب تأييد دول الجوار للسياسات التي يتبناها في عملية التوازن، ولتكون له ورقة أخرى يناور بها فضلا عن أن تركيا تريد معرفة أسباب زيارة الرئيس الفرنسي للعراق، التي كان سببها الرئيسي تحشيد الرأي العام والعمل من أجل الضغط على تركيا، وأن هناك أطراف ربما تستخدمها فرنسا ضد تركيا في الأيام القادمة، ولاسيما أن هجمات حزب العمال الأخيرة على القوات التركية، توحي أن هناك طرف دولي زود حزب العمال بأسلحة متطورة، استطاعت الوصول إلى القواعد التركية المحصنة، وأدى إلى مقتل عدد من الجنود الأتراك وجرح أعداد أخرى..لذا هل تنجح زيارة للكاظمي لتركيا في تحييد الساحة العراقية من أن تكون ساحة صراع مع فرنسا، وهل يمكن للكاظمي أن ينجح في ذلك، وهو يشهد ضعف واضح في السيطرة على السلاح المنفلت والتغول المليشياوي الذي يتحكم بالمشهد الأمني والعسكري”.

سوق تجاري

قال الباحث السياسي العراقي محمد الخاقاني، إن تركيا صنفت بي كاكا حركة إرهابية وخارجة عن القانون وتعتدي على القوات التركية بشكل مستمر منذ عام ١٩٨٤، وهو العام الذي بدأت فيه الحركة عملياتها العسكرية بشكل علني في جنوب شرق الاناضول، إذ تسعى الحركة إلى إعلان الانفصال عن تركيا.

وأضاف لـ”سبوتنيك”، مع تلك العمليات العسكرية التي تقوم بها تركيا، فإن العراق يعد سوقا لتصريف البضائع والمنتوجات التركية والتي تصل قيمتها بحدود٢٠مليار دولار سنويا، تركيا تخشى أمرين أساسيين وهما، أن الفعل التركي الذي تقوم به واعتدائها بشكل متكرر على السيادة العراقية قد يدفع بالعراق بالابتعاد عن تركيا والبحث عن دول أخرى، وفي حالة تنفيذ هذا الأمر فإن تركيا ستتكبد خسائر جسيمة لأن الصادرات التركية إلى العراق تصل كما ذكرنا إلى ٢٠ مليار دولار، وهو رقم كبير في التبادلات التجارية، وبالتالي ستخسر تركيا السوق العراقية الواعدة لتصريف منتجاتها وبضائعها في، الأمر الثاني يتعلق بالرغبة العراقية والإنفتاح على جميع الدول وهذا يعني أيضا خسارة تركيا للعمق العراقي وإحتمالية توجهه إلى دول الخليج العربي والدول العربية بعيدا عنها، وهذا ما تمثل برؤية الكاظمي للمشرق الحديد والدور المحوري للعراق في إستعادة دورها الإقليمي المرتقب.

دعوة رسمية

أعلن السفير التركي فاتح يلدز عن توجيه دعوة رسمية إلى الكاظمي لزيارة  تركيا وذلك عند لقائه مع قاسم الأعرجي مستشار الأمن الوطني العراقي لبحث العلاقات التي تربط البلدين الجارين، وأعرب يلدز عن رغبة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لزيارة العراق عندما تتهيأ الظروف المناسبة.

وكان قاسم الأعرجي قد أكد في تصريحات صحفية سابقة بأن حكومة مصطفى الكاظمي تحرص على إدامة العلاقات الثنائية بين العراق وتركيا والعمل على تطويرها وبمختلف المجالات، فالعراق لديه علاقات تاريخية مع الجارة تركيا و تربطهما مصالح مشتركة وتبادل إقتصادي ويجب العمل على تنمية تلك العلاقات وبما يعود بالنفع على كلا البلدين، وأوضح الأعرجي أن علاقات العراق القادمة يجب أن تكون متوازنة مع الجميع، وأن  تشهد هذه المنطقة الأمن والاستقرار.

ومن جانبه، أشار السفير التركي بأن الرئيس أردوغان يضع العراق في أولوياته ومحور اهتماماته، ولديه الرغبة في تعميق العلاقات مع العراق، وحالما تتهيأ الظروف الملائمة للزيارة. وكان السفير يلدز قد وجه دعوة رسمية لمصطفى الكاظمي لزيارة تركيا.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

12 − 2 =

زر الذهاب إلى الأعلى