التطبيع أشعله.. هل بدأ التوتر بين البحرين وإيران من المنامة؟

إعلان البحرين الانضمام إلى صفوف الدول العربية المطبعة مع الاحتلال، أعاد تهديدات طهران للخليج مستهدفة هذه المرة البحرين.

ميدل ايست نيوز: مرة أخرى تلوح بوادر أزمة كبيرة بين البحرين وإيران، إثر إعلان المنامة التطبيع مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، قابله تحذيرات من طهران بـ”انتقامٍ قاس”، ما يعيد التوتر مجدداً بين البلدين.

ولم تكن قد هدأت الاتهامات المتبادلة بين إيران والإمارات على خلفية إعلان تطبيع الأخيرة مع “إسرائيل”، حتى فاجأت البحرين الجميع بإعلانها الانضمام إلى صفوف الدول العربية المطبعة مع الاحتلال، ما أعاد تهديدات طهران للخليج مستهدفة هذه المرة البحرين.

وتستخدم طهران غالباً ورقتها الرابحة، المتمثلة بالنفوذ الشيعي المتغلغل داخل البحرين، والدفع نحو خروج المعارضين للنظام البحرين إلى الشارع، في وقتٍ قد تدفع هذه التهديدات إلى إسراع المملكة بعلاقات التطبيع، وصولاً إلى إقامة قاعدة عسكرية إسرائيلية على أراضيها لتمثل حماية لها من أي تحرك إيراني.

ولم تمضِ أيام من توقيع اتفاقية السلام بين “إسرائيل” والبحرين، حتى كشفت صحيفة محلية عن إحباط مخطط وصفته بـ”الإرهابي”، أكدته قناة سعودية حكومية، قبل أن تخرج وزارة الداخلية البحرينية، نافية ذلك الأمر، وقالت إن ما حدث كان في وقتٍ سابق من العام الجاري.

تهديدات ورفض

في حين أكدت البحرين و”إسرائيل” المضي قدماً في تطبيع العلاقات بينهما، تصاعدت خلال الأيام الماضية لغة التهديدات والتحذيرات بين المنامة وطهران، على خلفية التطبيع.

وبينما حذر الحرس الثوري الإيراني المنامة من “انتقام قاسٍ” بسبب التطبيع، أدانت الخارجية الإيرانية بشدة تطبيع البحرين علاقاتها مع “إسرائيل”، معتبرة ذلك “وصمة عار في سجل حكام البحرين”، وقالت إن البحرين والإمارات ستتحملان منذ الآن مسؤولية أي تحرك إسرائيلي يهدد أمن المنطقة الخليجية.

أما الرئيس الإيراني حسن روحاني فقال إن المنطقة تشهد مؤامرات تخطط لها الولايات المتحدة و”إسرائيل”، مضيفاً: “أن على طهران العمل على ضمان الأمن والاستقرار في المنطقة في ظل الظروف الجديدة”.

ودفعت تلك التصريحات وزير الخارجية البحريني، عبد اللطيف الزياني، إلى إعلان رفضه للتصريحات الإيرانية، مؤكداً أن “البحرين بلد ذو سيادة يرفض التدخلات الخارجية في شؤونه الخاصة”، مشيراً إلى أن “إيران قدمت الدعم للمليشيات في المنطقة لزعزعة استقرار وأمن المنطقة”.

لا تبعات على الواقع

ترى الباحثة في الشأن الإيراني، أمل عالم، أن القضية الفلسطينية بالنسبة لإيران “هي ملف تستثمر فيه نفوذها الإقليمي”، مشيرة إلى أن فلسطين “تحضر في الخطابات الإيرانية لا في الأفعال”.

وتعتقد أن النظام الإيراني يستخدم قضية فلسطين “كإحدى أدوات قوته الناعمة في المنطقة التي يسعى من خلالها إلى الظهور بصفته زعيم العالم الإسلامي، تحت لافتة ما يعرف بمحور المقاومة، واستطاع أيضاً من خلالها فيما مضى كسب شعبية في الدول الإسلامية”.

وتؤكد، في حديثها لـ”الخليج أونلاين”، أن التحركات الإيرانية في المنطقة، سواء المباشرة منها أو التي تكون من خلال الإيعاز لجماعاتها المنتشرة، “جميعها تحدث في الوقت الذي تحصد فيه إيران منفعة ما من خلال هذا التحرك”.

وتقول إن أقصى ما قد يذهب إليه الإيرانيون مع التهديدات ضد البحرين “هو إطلاق تصريحات لمحاولة كسب شعبية، وعلى الأرجح لن يتعمد النظام الإيراني إثارة فوضى في الشارع البحريني في هذه المرحلة”، مشيرة إلى أن ذلك “لن يحقق له شيئاً، وليس من مصلحته إثارة قلق ومخاوف جدية من ناحيته تجاه دول المنطقة في هذا الجانب”.

كما ترى أن النظام الإيراني “يتصرف ببراغماتية تامة في كل مرة تتعارض مصالحه القومية مع مبادئ المقاومة والقضية الفلسطينية”، مضيفة: “لذلك لا يمكن قراءة تصريحات المسؤولين الإيرانيين- وإن كانت على مستوى رفيع جداً- على أن لها تبعات عملية في موضوع التطبيع”.

كما تحدثت عن وجود شريحة واسعة من الإيرانيين يرون أن تصريحات المسؤولين الإيرانيين فيما يتعلق بفلسطين “له أثر سلبي في العلاقات الإيرانية الدولية، بمعنى أن القضية الفلسطينية هي محل سخط إيراني داخلي ضد النظام، وتحركات النظام الإقليمية في هذا الإطار لها ارتدادات ناقمة في الداخل”.

قاعدة عسكرية

ويبدو أن التهديدات الإيرانية قد تدفع البحرين للإسراع في إقامة قاعدة عسكرية إسرائيلية على أراضيها.

وكشف المحلل والصحفي الإسرائيلي إيدي كوهين، في صفحته على “تويتر”، عن “اتفاقية أمنية وقاعدة إسرائيلية عسكرية في مملكة البحرين”، مضيفاً: “ويلاً وتعساً لملالي إيران، درة ولؤلؤة الخليج في حصانة كاملة عن عبث الملالي منذ الآن”.

وليست هذه المرة الأولى التي يجري فيها الحديث عن إنشاء قاعدة عسكرية في البحرين، ففي نوفمبر 2018، أعرب كبير الحاخامات العسكريين في الجيش الإسرائيلي، إيال موشيه كريم، عن ارتياحه لمحاولات رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، فيما يتعلق بافتتاح أول قاعدة عسكرية إسرائيلية في الشرق الأوسط.

وأضاف: “إذا استمر الوضع الحالي، فمن المتوقع في المستقبل القريب إجراء تغييرات إيجابية كبيرة في العلاقات بين إسرائيل ودول الخليج”.

قواعد الصراع

يتحدث المحلل السياسي اللبناني محمود علوش، عن التهديدات الإيرانية المتلاحقة منذ إعلان الإمارات عن اتفاق التطبيع وعقب إعلان البحرين أيضاً، مشيراً إلى أن تلك التصريحات “لم تهدأ حتى اليوم”.

ويؤكد لـ”الخليج أونلاين” أن تلك التصريحات “مؤشر واضح على مدى قلق الإيرانيين من التحولات في منطقة الخليج والنفوذ الإسرائيلي المتصاعد على الضفة الثانية من الخليج”.

ويشير إلى أن البحرين “هي الساحة الخليجية الأكثر عرضة للتأثير الإيراني بالنظر إلى الديناميكية السياسية والتركيبة الطائفية فيها، وهناك فئات واسعة ترفض التطبيع وقد تلجأ إلى الشارع للتعبير عن رفضها”.

لكنه يرى، في حديثه لـ”الخليج أونلاين”، أن وضع المعارضة في البحرين الآن “أضعف من الوضع الذي كانت عليه خلال احتجاجات 2011″، لافتاً إلى أن دول الخليج التي أرسلت قوات درع الجزيرة في تلك الفترة لمنع سقوط النظام “لن تسمح بأي حال من الأحوال بتكرار ذلك السيناريو”.

وعن التطبيع الإسرائيلي الخليجي، يقول علوش، إنه “يغير قواعد الصراع الخليجي مع إيران”، موضحاً: “هذا التغيير لن يكون في مصلحة الإسرائيليين بطبيعة الحال، لكنّه في نفس الوقت لن يشكل تهديداً وجودياً للنظام الحاكم في طهران في المدى القريب”.

وأضاف: “كما أن إيران ستبقى لاعباً مؤثراً في منطقة الخليج وهذا التأثير مرتبط بالجغرافيا وليس بهوية من يحكم في طهران، لكن الدخول الإسرائيلي قد يُحدث حالة من التوازن بين الإيرانيين والخليجيين”.

مخطط إرهابي

وعقب 5 أيام فقط من توقيع اتفاقية التطبيع مع “إسرائيل”، أثارتا صحيفة “أخبار الخليج” البحرينية وقناة “الإخبارية” السعودية الجدل، بعد نشرهما خبراً في 20 سبتمبر، نقلاً عن الداخلية البحرينية من إحباط هجوم إرهابي ضخم تلقّى دعماً وتمويلاً من عناصر الحرس الثوري الإيراني.

ونقلتا عن الوزارة البحرينية قولها إن عمليات البحث والتحري كشفت عزم الحرس الثوري الإيراني على تشكيل “تنظيم إرهابي” جديد في البحرين تحت اسم “سرايا قاسم سليماني”.

وأضافتا: “وضع التنظيم الجديد، التابع لخلايا الأشتر التي تصنفها المنامة مجموعة إرهابية، مخططاً لتفجير عدد من المنشآت الأمنية والعامة في البحرين”، مشيرة إلى أنه “رصدت العناصر عدداً من الحراسات الخاصة لشخصيات مهمة في البحرين بغرض اغتيالها، رداً على مقتل قائد فيلق القدس الذي اغتيل في غارة جوية أمريكية على مطار بغداد مطلع العام الجاري”.

لكن سرعان ما أصدرت الداخلية البحرينية توضيحاً، قالت فيه “إن القضية المشار إليها ليست جديدة بل تعود إلى أوائل العام الجاري، وهي منظورة حالياً أمام المحكمة المختصة”.

وأشارت إلى أن نشر صحيفة “أخبار الخليج” البحرينية اليومية تفاصيل القضية “بشكل غير دقيق وبهذا الأسلوب يؤثر على سيرها أمام المحكمة”.

وأضافت: “توضح وزارة الداخلية أن طريقة العرض الصحفي أحدثت حالة من اللبس والبلبلة محلياً وإقليمياً، مؤكدين أن الأجهزة الأمنية ملتزمة بأداء واجباتها في حفظ أمن الوطن”.

توتر طويل الأمد

وتميل البحرين إلى الاستقواء بمحيطها الخليجي الذي يشكّل عمقها الاستراتيجي، وهو عمق متعدد الجوانب من نواحيه الجغرافية، والقبائلية، والقومية، والمذهبية، وهي جميعها على النقيض من الطرف الإيراني.

منذ ما يقارب الـ40 عاماً، والاتهامات المتواترة بين البحرين وإيران لا تهدأ، وخصوصاً من قبل الطرف البحريني الذي دأب على اتهام إيران بالتدخل في شؤونه الداخلية، مرة عبر تجنيدها لعناصر بحرينية من أجل زعزعة الأمن، وتقويض نظام الحكم، ومرة عبر الدعاية الإيرانية بادّعائها الحق في السيطرة على أرخبيل الجزر متناهي الصغر الواقع في أحضان الضفة الغربية من الخليج العربي.

وشهدت مملكة البحرين اضطرابات متقطعة، منذ قمع حركة احتجاج في فبراير 2011 في خضم أحداث “الربيع العربي”، والتي قادتها الأغلبية الشيعية المطالبة بإقامة ملكية دستورية في البحرين، وسط اتهامات لطهران بالتدخل في إذكاء تلك الاحتجاجات.

وفي المقابل لم تشهد البحرين تحركات كبيرة على الأرض ضد التطبيع باستثناء بعض المسيرات المحدودة، لكن الرفض الأبرز كان على مواقع التواصل الاجتماعي، بعدما أعلنت شخصيات بحرينية رفضها اتفاق التطبيع، حيث اعتبر سياسيون وناشطون ورجال دين شيعة مقربون من إيران، أن اتفاق الحكومة مع الاحتلال لا يمثلهم.

كما نشط وسم “بحرينيون ضد التطبيع”، و”التطبيع خيانة”، في موقع “تويتر”، عقب إعلان التطبيع الرسمي.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
الخلیج اونلاین

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

4 × 2 =

زر الذهاب إلى الأعلى