إعادة تفعيل الوساطة الكويتية: مقترح جديد لإنهاء «مقاطعة قطر»
جرت لقاءات لم تُعلَن غالبيتها على مستوى وزراء خارجية الدول الأربع، ومنهم الوزير المصري سامح شكري، الذي بقي في الكويت ثلاثة أيام للمشاركة في صياغة ورقة المصالحة.
ميدل ايست نيوز: تستمرّ الوساطة الكويتية في الأزمة الخليجية، لكن مع احتمالات نجاح أكبر هذه المرّة. صحيح أنه لم يعد يفصل عن الاجتماع السنوي للقادة الخليجيين المنتظر انعقاده في البحرين الشهر المقبل سوى فترة وجيزة، إلا أن ثمة خطوات متسارعة لإنجاح الوساطة الكويتية الساعية إلى إرضاء جميع الأطراف في العلن، مع تقديمهم تنازلات غير معلَنة من دون استثناء، ليضمن ذلك الوصول إلى «توافق عربي» مجدّداً، بعد ثلاثة أعوام ونصف عام من قطيعة «الرباعي» (السعودية والإمارات ومصر والبحرين) لقطر.
أمير الكويت الجديد، نواف الأحمد، أعاد تفعيل الوساطة بصورة مكثفة خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، حيث جرت لقاءات لم تُعلَن غالبيتها على مستوى وزراء خارجية الدول الأربع، ومنهم الوزير المصري سامح شكري، الذي بقي في الكويت ثلاثة أيام للمشاركة في صياغة ورقة المصالحة التي تَضمّنت إرضاءً للقاهرة في ما يتعلّق بالموقف من جماعة «الإخوان المسلمون»، وأيضاً قناة «الجزيرة» التي طُلب منها تخفيف لهجتها العدائية تجاه النظام خلال الأيام الفائتة مقابل تخفيف مماثل عبر الشاشات المصرية.
كذلك، تتضمّن الورقة عودة العلاقات إلى سابق عهدها على جميع المستويات، ولا سيما استئناف رحلات الطيران وحرية الحركة للمواطنين القطريين وفق الاتفاقات الموقعة سلفاً، فضلاً عن استئناف النشاط التجاري وفتح الحدود وغيرها من القضايا المُعلَّقة بموجب قرار المقاطعة، على أن تُقدّم الدوحة مساعدات إلى المنامة كي تتجاوز الأخيرة أزمتها الاقتصادية.
تقول مصادر مواكبة إن الكويت تضغط لتمرير الورقة وموافقة الجميع عليها، وحتى إن صياغتها التي وافق عليها شكري منتصف الشهر الحالي، جرى تعديلها وإرسالها إلى القاهرة مرّة أخرى لمناقشتها على نحو أكثر تفصيلاً، وهو ما حدث بالفعل قبل أيام بين وزير الخارجية الكويتي، أحمد ناصر الصباح، ونظيره المصري.
كما تطرّق إليها الصباح خلال لقائه الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي أبدى له ترحيباً بـ«إعادة وحدة الصف العربي»، لكن بما يضمن تحقيق المطالب الرئيسة. مع ذلك، حذّر السيسي ضيفه من «التلاعب القطري»، خاصة إن لم تكن لدى الدوحة رغبة حقيقية في التصالح، وهو ما أكدّه له مرّات، بل قدّم أمثلة تؤيّد وجهة نظره، بينها الاتفاقات بين الدوحة وحكومة «الوفاق الوطنية» الليبية، وفيها «مخالفة لموقف الرباعي المناهض للوفاق والرافض لتوقيع أيّ اتفاقات معها». لكن الوزير الكويتي وعد بتنسيق أكبر ليضمن «وحدة المواقف تجاه القضايا الإقليمية»، مع مراعاة المصالح الخاصة بكلّ دولة.
على أن لعب الكويت دور الوساطة المعلَن يتزامن مع قلق إماراتي – سعودي من توجّهات سلطان عمان، هيثم بن طارق، خاصة أن السلطنة تعاني من أزمة اقتصادية دفعتها إلى التقرّب من الدوحة أكثر من أيّ وقت مضى، في وقت تُمسِك فيه الكويت العصا من الوسط لأسباب، في مقدّمتها الدور البارز للإسلاميين لديها، وتأثيرهم في السياسة الخارجية للبلد الخليجي الوحيد الذي يلعب فيه البرلمان دوراً في اختيار الأمير وخليفته بموجب الدستور.
مع هذا، تبدي الرياض حتى الآن ارتياحاً للوساطة الكويتية، التي تسعى إلى أن تشمل المصالحة جميع المقاطعين من دون استثناءات، على عكس خطوات التقارب المنفردة التي سعت إليها الدوحة مع الرياض على حساب أبو ظبي، على أن يكون الدعم القطري للبحرين بمنزلة «شكر للسعودية» على دورها في الضغط على الإمارات ومصر لقبول الاتفاق، علماً بأن الأخيرتين تترقّبان بحذر وتتابعان بشكل حثيث ردود الفعل على التسريبات، خاصة أن لديهما رغبة غير معلنة في بقاء الوضع كما هو من دون تغيير.
في المقابل، ترى السعودية في إقرار المصالحة سريعاً خطوة مهمة لإنهاء أحد الملفات المزعجة لها، بعدما أخفقت في إنهاء الحرب على اليمن بما يناسبها حتى اللحظة. كما أنها ستكون خطوة جيدة لفتح قنوات اتصال مع الإدارة الأميركية الجديدة برئاسة جو بايدن الذي يدرس ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، السبل لاحتواء أيّ رد فعل منه على تولّي الابن حكم المملكة بعد أبيه.
وهو الآن قلق، كما تنقل المصادر، من اتصالات بدأت بالفعل بين معارضين سعوديين وإدارة بايدن هدفها تغيير المسار المرسوم لنقل الحكم إلى الأمير الشاب وتفعيل قضية مقتل جمال خاشقجي.
أما الإمارات، فترى أنها ليست بحاجة إلى التعجّل في المصالحة، على عكس الهرولة السعودية الواضحة، مع أنها تخشى أن تؤدي عرقلتها إلى رمي عُمان في الحضن القطري، وانفكاك تحالفها مع الرياض التي لا تزال تشعر بالغضب من قرار إنهاء العمليات العسكرية الإماراتية في اليمن قبل انتهاء الحرب.
وفي شأن البحرين، تواصل المنامة سياسة التبعية للموقف السعودي من دون نقاش. هنا، تقول المصادر إن مصر تحاول تحقيق أكبر المكاسب مع إدراكها أن مقاطعتها المنفردة لقطر ومطالبتها الأخيرة بالشروط التي تمّ التوافق عليها مع «الرباعي» لن تكون ممكنة لاحقاً، ولا سيما إذ اتخذت الدوحة موقفاً ضدّ العمالة المصرية.