تواصل ردود الأفعال على تصريحات ظريف في تسجيل صوتي مسرب والحكومة تعتبر التسريب مؤامرة ضدها

عد وزير الخارجية الأسبق، منوشهر متكي، التسجيل «اغتيالاً سياسياً» لمسؤول العمليات الخارجية في «الحرس الثوري»، قاسم سليماني.

ميدل ايست نيوز: غداة تسريب تسجيل صوتي لوزير الخارجية، محمد جواد ظريف، حاول الجهاز الدبلوماسي تهدئة الغضب الداخلي، فيما عد وزير الخارجية الأسبق، منوشهر متكي، التسجيل «اغتيالاً سياسياً» لمسؤول العمليات الخارجية في «الحرس الثوري»، قاسم سليماني.

ويوجه وزير الخارجية الإيراني، في التسجيل المسرب أول من أمس، انتقادات إلى سلطة ما سماه بالميدان إشارة إلى القوة العسكرية في تقويض الدبلوماسية الإيرانية، إضافة إلى تنامي التعاون الإيراني – الروسي في سوريا بعد التوصل للاتفاق النووي، متهماً موسكو بمحاولة قلب الطاولة على الاتفاق، خشية التقارب الإيراني – الغربي.

وأثارت الانتقادات غير المسبوقة من المسؤول الإيراني الرفيع لجهاز «الحرس الثوري» ردوداً متباينة في إيران، قبل يوم من بدء الجولة الثالثة من مفاوضات مكثفة في فيينا لإحياء الاتفاق النووي. وهذه المرة الثانية التي يسبق زلزال كبير جولة المباحثات في فيينا، بعدما فصل تفجير منشأة نطنز بين الجولتين الأولى والجولة الثانية التي انتهت الجمعة الماضية.

وقال المتحدث باسم الخارجية، سعيد خطيب زاده، إن التسجيل الذي حصلت عليه بعض وسائل الإعلام الناطقة بالفارسية في الخارج «لم يكن حواراً أو مقابلة صحافية، وإنما مقابلة روتينية سرية في الحكومة»، في تأكيد ضمني لما سمي «التاريخ الشفوي الإيراني».

وأوضح أن التسجيل «جاء بناء على رغبة الرئيس حسن روحاني في نقل تجارب حكومته إلى الحكومة اللاحقة، عبر تسجيل مقابلات للوزراء لضمها إلى الوثائق»، مضيفاً: «كان من المفترض أن تكون المقابلات سرية»، نافياً أي دور لوزارة الخارجية في عملية المقابلة، والفريق الذي أجراها، قائلاً: «لا نعلم من، ولماذا نشرها». وأضاف: «كان هناك بعض التحمس من وسائل الإعلام لتقطيع تصريحات ظريف، لكن يجب النظر إليها بصورة عامة».

وحاول المتحدث التقليل من أهمية تسريب التسجيل إلى وسائل إعلام خارجية، عندما أشار إلى تداوله بين الوسط الإعلامي في الداخل، قبل أن يجد طريقه إلى وسائل الإعلام في الخارج، وقال: «من المؤسف أنه تسرب ليلة أول من أمس… في البداية انتشر بصورة محدودة، ونحن حصلنا عليه صباح أمس من بعض الصحافيين، وفي المساء وصل إلى نطاق أوسع»، لكنه في نهاية المطاف ترك الأمر إلى الأجهزة الأمنية.

وأشار المتحدث إلى أن ظريف «يتحدث عن تكريم الجنرال سليماني في التسجيل، وعن دوره في صناعة السلام، وحكمته ومنطقه». وعد نشر التسجيل «حدثاً غير قانوني»، لكنه حاول أن يضع تصريحات الوزير في إطار «جو من الخبرة والصراحة والشفافية والديناميكية الذي يتخذ فيه القرارات العليا المتفق عليها».

وتقدم وزير الخارجية الأسبق منوشهر متكي منتقدي مقابلة زميله السابق ظريف، معتبراً الحوار «اغتيالاً سياسياً» للجنرال سليماني. وأشار تحديداً إلى تصريحات ظريف عن أفضلية «الساحة» لدى المؤسسة الحاكمة على الجهاز الدبلوماسي. و

ورأى متكي أن تصريحات ظريف «تظهر أنه ليس لديه دراية صحيحة أو تعريف دقيق للساحة ولا الدبلوماسية»، وأضاف: «يكفي أن ينظر (ظريف) إلى أميركا، ويرى كيف أن المجال والدبلوماسية فيها يكمل أحدهما الآخر، بسياسة واحدة ومقاربة متكاتفة».

وعلق متكي أيضاً على الجزء الخاص بتعاون روسيا وإيران في سوريا بعد التوصل إلى الاتفاق النووي، مشيراً إلى أن مباحثات سليماني وبوتين، ودعوته إلى النزاع السوري «كانت رصاصة الرحمة لإقناع روسيا للدخول إلى ساحة الحرب»، وأضاف: «من المؤسف أن هذه المقابلة (ظريف) كانت اغتيالاً سياسياً جباناً لمن أقدمت أميركا على اغتياله عسكرياً».

وفي رده على تصريحات ظريف دافع رئيس البرلمان الإيراني، محمد باقر قاليباف عن دور سليماني في «فتح ساحات (المعارك) ومعابر الدبلوماسية»، وقال: «لا شيء غير الألاعيب السياسية والسذاجة يمكن أن تكتم الحقيقة الواضحة». وكتب عبر «تويتر»: «لن نسمح لمن يريدون انتهاز الفرص للوصول إلى أهدافهم السياسية، بأن يظلموه أو يقلبوا دوره التاريخي».

أما مساعد قاليباف في الشؤون الدولية والدبلوماسي السابق، أمير عبد اللهيان، كتب في تغريدة أن «الإنجازات الميدانية لإيرانية كان ذخراً كبيراً للدبلوماسية في المفاوضات التي انتهت بالاتفاق النووي، المفاوضات الدولية المهمة الأخرى». وأضاف: «الجنرال سليماني لم ينفق من الناس إطلاقاً، إنه كان يعتبر ساحة المعركة والدبلوماسية ركنين أساسيين لحماية مصالح الشعب والأمن القومي».

من جانبه، هاجم منصور حقيقت بور، نائب رئيس لجنة الأمن القومي، وزير الخارجية على أنه «يعرض الخطوط الحمر للنظام، إلى المساءلة»، وقال لوكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» إن «الخطأ يستحق الطرد وإشهار البطاقة الحمراء».

وأضاف: «هذه الأخطاء الفردية من أشخاص مثل ظريف غير مقبولة على الإطلاق»، مطالباً المجلس الأعلى للأمن القومي بمعاقبته، وأوضح: «ظريف يعرف ظرائف العمل في هذا المجال، وتصريحاته ليس مصدرها الجهل أو الخطأ وتجب معاقبته». وقال: «لم يكن هناك خطأ، أدلى بالتصريحات عن وعي». وأعاد النائب تقدم ظريف وزملاء بشؤون السياسة الخارجية إلى دور سليماني في الساحة.

في وقت لاحق، لوّحت النائبة زهر اللهيان، عضو لجنة الأمن القومي، بإمكانية طلب «ملاحقة قضائية وقانونية» ضد وزير الخارجية، وقالت إن تصريحاته «لم ولن تقلل من شعبية سليماني».

وكتب عضو لجنة الأمن القومي في البرلمان، جليل رحيم جهان آبادي، عبر «تويتر»: «ظريف أعلن عدة مرات بوضوح أنه ليس مرشحاً رئاسياً». واعتبر نشر التسجيل «لا صلة له بالانتخابات، وإنما يهدف للإضرار بمفاوضات فيينا وطرح الثقة برئيس الجهاز الدبلوماسي، وتكملة التخريب الأخير في نطنز والأضرار الأخرى بالمصالح الوطنية، علينا الحذر».

أما عضو هيئة رئاسة البرلمان، أحمد أمير آبادي فراهاني، أثار تساؤلات حول تسرب المعلومات السرية، والسرية للغاية في بعض الأحيان إلى وسائل الإعلام الخارجية، وطالب بالتحقيق حول تسريب مقابلة المسؤول الأول في الجهاز الدبلوماسي و«تقديم الأفراد الذين يخونون الشعب والبلاد إلى القضاء». في المقابل، اتهم مندوب محافظة أصفهان، محمد تقي نقدعلي، ظريف بـ«الإساءة» لسليماني، وطالبه بتقديم اعتذار عن تصريحاته.

من جانبه أكد المتحدث باسم الحكومة الإيرانية علی ربیعی أن التسجيل الصوتي المسرب لوزير الخارجية محمد جواد ظريف تمت سرقته، وأن الرئيس حسن روحاني أمر وزير الاستخبارات بمعرفة من سرق الملف.

ووصف المتحدث سرقة الملف الصوتي بأنها “مؤامرة ضد الحكومة والنظام والمصالح الوطنية الإيرانية”.

وأضاف ربیعی أن الحكومة بانتظار عودة ظريف إلى إيران لتقديم إفادة حول ما جاء في التسريب.

ويراهن الخبراء المؤيدون المقربون من ظريف على توظيف ورقة الانتخابات للحصول على مرونة غربية في المباحثات الجارية، محذرين من أن استمرار الوضع الحالي سيؤدي إلى تولي «إدارة متشددة» مع الغرب. وبدورها، تتطلع الحكومة الإيرانية إلى كسر جمود الاتفاق النووي قبل الانتخابات، في محاولة للمصالحة بين الإيرانيين وصناديق الانتخابات، بعد تسجيل أدنى مشاركة في الانتخابات البرلمانية العام الماضي، على الرغم من أنها تصر على نفي أي توجه انتخابي في مباحثات فيينا التي تنطلق جولتها الثالثة اليوم.

لكن موقع «زيتون»، المعارض، أشار إلى احتمالين وراء تسريب التسجيل: أن يكون وراءه معارضون لمفاوضات فيينا وإحياء الاتفاق النووي، أو منافسون في الانتخابات الرئاسية. ومع ذلك، أشار الموقع إلى دور محتمل لأحد المقربين من الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد. ونقل الموقع عن مصادره في طهران أن ظريف كانت بحوزته نسخة من التسجيل.

وسألت وكالة أنباء «إرنا»، المنبر الإعلامي الأول لحكومة روحاني، المتحدث باسم الخارجية، أمس، حول «تصاعد الهجمات» على الخارجية، واحتمال زيادتها مع اقتراب الانتخابات الرئاسية، فأجاب: «للأسف، نشاهد موجة حول توظيف السياسة الخارجية في سياق أهداف انتخابية لبعض التيارات؛ ما حدث له أهداف لكن لن يؤثر على مهمتنا».

وفي وقت سابق، اتهمت وكالة «تسنيم»، المقربة من جهاز استخبارات «الحرس الثوري»، حسام الدين آشنا، مستشار الشؤون الثقافية للرئيس الإيراني، بأنه «المسؤول» عن تسريب التسجيل الصوتي. ورد آشنا على اتهامه في «تويتر»، قائلاً: «إن شاء الله، سوء النية والكيد المحتمل يرد عليهم».

وكتبت صحيفة «فرهيختغان»، المقربة من علي أكبر ولايتي، مستشار «المرشد» الإيراني، أنه يقال إن المقابلة كانت في مركز الأبحاث الاستراتيجية التابعة للرئاسة، بإدارة آشنا، ورأت أن «نوعية تصريحات ظريف تظهر أنه وثق في المستضيف».

وتساءلت: «ألا يعلم ظريف أن إفشاء المعلومات السرية من الاجتماعات الداخلية من جانب وزير الخارجية تعلن إفشاء المعلومات السرية للبلد، ولا تغتفر؟!».

ورجح أستاذ العلوم السياسة في جامعات طهران المنظر الإصلاحي صادق زيبا كلام إمكانية تسريب التسجيل من قبل ظريف نفسه، وقال: «لا أعتقد أن نشر التسجيل الصوتي يضر ظريف؛ إذا بحثنا عن النفع والضرر، أعتقد أن نشر المقابلة ستضر المتشددين أكثر من الوزير».

 

قد يعجبك:

مقطع صوتي مسرب من ظريف يسبب بإحراج لجون كيري ومطالبات جمهورية بإقالته

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
الشرق الأوسطميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

1 × اثنان =

زر الذهاب إلى الأعلى