لماذا تفشل العقوبات الأمريكية في إخضاع إيران خلال المفاوضات النووية؟

تقوم إيران بتخصيب اليورانيوم بما يتجاوز المستويات المتفق عليها في الاتفاق النووي، بالرغم أنها أقل من المستويات المطلوبة للأسلحة النووية.

ميدل ايست نيوز: تقف الولايات المتحدة على مفترق طرق مع إيران حيث تزداد صعوبة المحادثات الدبلوماسية لإحياء الاتفاق النووي. وقال الرئيس الأمريكي “جو بايدن” مؤخرا إن إدارته تبحث في “خيارات أخرى” تتجاوز الدبلوماسية مع إيران، بالرغم من وعده الأخير بالالتزام بالدبلوماسية خلال خطابه الأول أمام الأمم المتحدة.

ومع الأنباء التي تتحدث عن تواصل إدارة “بايدن” مع الصين لخفض وارداتها من النفط الإيراني، يبدو أن الولايات المتحدة تتخلى قبل الأوان عن نهج الدبلوماسية أولا. لكن العودة إلى العقوبات لن تخدم المصالح الأمريكية.

ومن المحتمل أن يأتي هذا النهج بنتائج عكسية. وتنظر إيران إلى الدبلوماسية الأمريكية على أنها حصان طروادة. فبعد كل شيء، تراجعت الولايات المتحدة عن الاتفاق النووي الأول، ولم يمض وقت طويل حتى اغتالت واشنطن علنا القائد العسكري الأعلى لإيران.

ومن المرجح أن تؤكد محاولة استهداف أحد شرايين الحياة التجارية القليلة شكوك إيران في سياسة الولايات المتحدة ذات الوجهين، ما يعني تثبيط العودة إلى المفاوضات النووية.

ومن غير المرجح أن تحرق الصين، التي تعتمد على استيراد النفط الخام، جسرا اقتصاديا ودبلوماسيا مع إيران لكسب ود أكبر منافس لها من الناحية الجيوسياسية. ولا تزال الصين غاضبة من صفقة الغواصات الأمريكية الأسترالية الشهر الماضي، ومن غير المرجح أن تخضع لضغوط الولايات المتحدة. وتبقى هذه الخطوة أقل احتمالا في ضوء الاتفاقيات الاقتصادية الأخيرة بين الصين وإيران ودخول إيران إلى “منظمة شنغهاي للتعاون”.

علاوة على ذلك، لا ينبغي أن تكون القيود الاقتصادية المتزايدة أو تسريع ما وصفته إدارة “ترامب” بحملة “أقصى ضغط” على الاقتصاد، هي الخطة “ب” إذا ابتعدت إيران عن المفاوضات أو فشل الجانبان في التوصل إلى اتفاق. فلم تحقق هذه العقوبات أي شيء ذي مغزى بشأن منع تطوير الأسلحة النووية.

ودفعت حملة العقوبات إيران إلى شن هجمات على ناقلات النفط في الخليج ومنشآت نفطية سعودية فضلا عن هجمات بالوكالة ضد القوات الأمريكية في العراق. ويعد ذلك نتيجة متوقعة تماما للحرب الاقتصادية غير المدروسة.

علاوة على ذلك، تقوم إيران بتخصيب اليورانيوم بما يتجاوز المستويات المتفق عليها في الاتفاق النووي، بالرغم أنها أقل من المستويات المطلوبة للأسلحة النووية.

وتعد أهداف حملة العقوبات منفصلة إلى حد كبير عن التطوير النووي الإيراني، حيث تمتد إلى جميع الصناعات غير العسكرية تقريبا. ويعاني المدنيون وليس الحكومة من العقوبات التي لا يتأثر بها الحرس الثوري حيث زادت ميزانيته رغم حملة العقوبات.

وبالمثل، لم تعرقل العقوبات شبكة وكلاء إيران، التي لا تزال تعمل في سوريا ولا تزال تشحن الأسلحة والنفط إلى “حزب الله”. ولم يُترجم الضغط على الاقتصاد الإيراني إلى أي اضطراب في أنشطتها العسكرية الإقليمية.

ولا يمكن للولايات المتحدة استخدام العقوبات للتأثير على الأوضاع داخل إيران نحو الأفضل. ويقوض النهج الأمريكي مصداقية واشنطن للتأثير على حقوق الإنسان، كما أنه يعيق قدرة المنظمات غير الحكومية على العمل في إيران.

وتعد العقوبات قنبلة موقوتة أيضا حيث يقوض الاستخدام المفرط لها نفوذ الولايات المتحدة. وفي المقابل، تمكنت إيران من تقليل الاعتماد على النفط وتبنت التنويع الاقتصادي بما يعطي الأولوية لصناعتها المحلية. وقد تعلمت إيران من 30 عاما من العقوبات المتقطعة، وعلمت أن الولايات المتحدة ستجلب لها الألم على أي حال. لذا فقد أخذ الإيرانيون هذا على أنه أمر مسلم به، وهم يتأقلمون مع هذا الواقع.

ولا تحتاج الولايات المتحدة إلى البقاء حبيسة سياسة لا تناسب مصالحها، أو أن تدعو إلى الصراع مع إيران ووكلائها. وبدلا من عكس مسار الدبلوماسية ومضاعفة العقوبات نفسها التي ثبت عدم فعاليتها، يجب على واشنطن أن تقوم بالمبادرة الأولى من خلال إنهاء جزء من أكثر العقوبات إرهاقا لتوفير شريان الحياة لمحادثات فيينا.

وكان “بايدن” قد دعا إلى “دبلوماسية لا هوادة فيها”، ويعني هذا أنه لا يجب أن تستسلم الولايات المتحدة الآن.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
بواسطة
الخليج الجديد
المصدر
Responsible Statecraft

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

14 − تسعة =

زر الذهاب إلى الأعلى