العربي الجديد: تفاصيل مباحثات المفاوض الأوروبي في طهران

باقري تحدث لمورا عن "امتعاض إيراني شديد من السلوك الأوروبي منذ انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي (عام 2018) وخلال مفاوضات فيينا". 

ميدل ايست نيوز: كشفت مصادر إيرانية مطلعة، لموقع “العربي الجديد”، أنّ زيارة مورا إلى إيران لم تحقق هدفها المنشود أوروبياً في التوصل مع إيران إلى موعد محدد لاستئناف مفاوضات فيينا، مضيفة أنّ المسؤول الأوروبي “لم يحمل معه إجابات مقنعة عن تساؤلات وتحفظات الجمهورية الإسلامية” حول الجولات السابقة والسياسة الأميركية والأوروبية خلالها.

وأوضحت المصادر، التي رفضت الكشف عن هويتها، أنّ المباحثات الأوروبية الإيرانية خلال زيارة مورا تركزت بشكل أساسي حول الاتفاق النووي ومفاوضات فيينا، ما استحوذ على “أكثر من 90% من المباحثات”، مشيرة إلى إجراء نقاشات مفصلة بهذا الشأن مع المسؤول الأوروبي.

إيران أكدت للضيف الأوروبي “جديتها وقرارها بالعودة الحتمية” إلى مفاوضات فيينا “من دون تحديد موعد”، حسب هذه المصادر، التي أشارت إلى أنّ الخارجية الإيرانية، في الوقت ذاته، أبلغته بـ”جملة ملاحظات وتحفظات”.

وكانت التحفظات حول نقطتين أساسيتين، حسب ما قالت المصادر لـ”العربي الجديد”؛ الأولى بشأن المسار الذي سلكته المفاوضات خلال الجولات الست الماضية والتوجه الأميركي فيها، والنقطة الثانية حول سلوك الإدارة الأميركية الراهنة والأطراف الأوروبية تجاه الاتفاق النووي منذ تسلم الرئيس جو بايدن السلطة خلال يناير/كانون الثاني الماضي.

وبشأن مسار المفاوضات، أبلغ المفاوض الإيراني علي باقري ضيفه الأوروبي بـ”أربع ملاحظات أساسية”، كما تقول المصادر، التي لفتت إلى أنها “ارتبطت في الأساس بالخلافات التي أوصلت مفاوضات فيينا إلى طريق مسدود”، وقالت إنّ باقري تحدث لمورا عن “امتعاض إيراني شديد من السلوك الأوروبي منذ انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي (عام 2018) وخلال مفاوضات فيينا”.

الملاحظة الأولى تتصل بـ”الموقف الأميركي من إلغاء العقوبات وعدم التعهد برفعها جميعها، حيث لم يوافق الجانب الأميركي على رفع جميع العقوبات كمّاً وكيفاً، والتي فرضت تحت عدة تسميات، فأكدت خلال المفاوضات السابقة رفعها جميع العقوبات المنصوص عليها في الاتفاق النووي، لكن المشكلة أنّ جزءاً أساسياً من هذه العقوبات مفروضة تحت عناوين أخرى”.

ولفتت المصادر إلى أنّ الإدارة الأميركية أعلنت خلال المفاوضات السابقة عن موافقتها على “تعليق” بعض هذه العقوبات التي فرضت تحت عنوان “مكافحة الإرهاب”، لكن هذا ما ترفضه طهران وتطالب برفعها وليس تعليقها.  وفي السياق أيضاً، أكدت إيران للمفاوض الأوروبي إنريكي مورا تشكيكها بـنية إدارة بايدن رفع العقوبات بشكل مؤثر وفاعل.

وعن الملاحظة الثانية التي أبدتها إيران للمسؤول الأوروبي، قالت المصادر لـ”العربي الجديد” إنها “أهم الملاحظات، وترتبط بشرط إيران التحقق من رفع العقوبات قبل العودة إلى التزاماتها”، مشيرة إلى أنّ “هذه عقدة أساسية في المفاوضات التي لم تتوصل إلى حل يحقق الشرط الإيراني بسبب الرفض الأميركي”.

والملاحظة الثالثة أنّ إيران تصرّ على “ضرورة الحصول على ضمانات وتعهدات أميركية بعدم النكث لاحقاً بما سيتم الاتفاق عليه في فيينا، وهو ما لم يحصل خلال الجولات السابقة”، حسب المصادر التي قالت إنّ الملاحظة الرابعة تمثلت في ربط أميركا الاتفاق في فيينا بالتفاوض لاحقاً حول قضايا أخرى، مثل برنامجها الصاروخي وسياستها الإقليمية “فأبلغ السيد باقري المسؤول الأوروبي مورا رفض إيران القاطع لذلك”، فضلاً عن التأكيد على رفض “أي تغيير ببنود الاتفاق النووي، في ما يتعلق بالجداول الزمنية للقيود على البرنامج النووي”.

وكشفت المصادر الإيرانية، عن أنّ إيران تسعى من خلال طرح هذه الملاحظات إلى “وضع أجندة جديدة على طاولة المفاوضات بعد استئنافها، ما يجعل من الصعب استئناف المفاوضات من النقطة التي توقفت عندها، ويستدعي ذلك إعادة النظر في اتفاقات جزئية قد حصلت سابقاً”. 

وأشارت إلى أنّ الجانب الإيراني أكد أنه “لم تصدر أي مؤشرات من الإدارة الأميركية، خلال الفترة الماضية، تنم عن حسن نية أميركية ورغبة بالتوصل إلى حل، ولم تنفذ وعودها عبر الوسطاء بالإفراج عن أرصدة إيرانية مجمدة”.

وعلى الرغم من أنّ المباحثات مع مورا في طهران “اتسمت بالوضوح والإيجابية، لكنها لم تصل إلى نتائج واضحة بشأن تحديد موعد لاستئناف المفاوضات من جهة، وحصول إيران على إجابات وإيضاحات واضحة عن تساؤلاتها من جهة أخرى”، بحسب المصادر، وهو ما دفع إلى مواصلة المباحثات خلال الأسبوعين المقبلين، في بروكسل، بين نائب وزير الخارجية الإيراني ومفوض الاتحاد الأوروبي إلى مفاوضات فيينا، كما تحدث عن ذلك وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان في محادثة هاتفية مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، أمس الخميس، بعد مباحثات مورا مع الخارجية الإيرانية.

وتزامناً مع هذه الرسائل التي تضغط بها طهران على أطراف مفاوضات فيينا لتحصيل تنازلات في الموقف قبل استئنافها، ما زالت المشاورات الإيرانية الداخلية مستمرة بشأن رسم استراتيجة تفاوضية جديدة قبل العودة إلى المفاوضات، حسب ما كشفت مصادر إيرانية مطلعة لـ”العربي الجديد”.

وأضافت المصادر أنّ “فريق عمل، بحضور رؤساء السلطات الإيرانية الثلاث وشخصيات سياسية، يعمل على إعداد الاستراتيجية الجديدة لخوض المفاوضات”، مشيرة إلى أنّ الأدميرال علي شمخاني، أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، يقود هذا الفريق، وهو عقد حتى اليوم 7 جلسات.

وناقش الفريق في هذه الاجتماعات تفاصيل المباحثات النووية السابقة و”أفكاراً عدة لتبني استراتيجية جديدة، لكنه لم يتوصل بعد إلى نتيجة نهائية”، حسب المصادر، التي أوضحت أنّ “أهم مبادرة يناقشها الفريق، والتي تشكل الركيزة الاستراتيجية، هو ما طرحه رئيس مجلس الشورى الإسلامي محمد باقر قاليباف”.

وبشأن مضمون المبادرة، اكتفت المصادر بالقول إنه “يرتكز على فكرة التفاوض الجيد للوصول إلى اتفاق جيد”، مرجحة أن تُستأنف مفاوضات فيينا أواخر الشهر الجاري أو مطلع نوفمبر/تشرين الثاني، “بالنظر إلى اقتراب المشاورات الداخلية في إيران إلى نهاياتها”.

لكن تأخير إيران العودة إلى مفاوضات فيينا يعود بالأساس إلى استراتيجية جديدة تتبعها البلاد في السياسة الخارجية بشكل عام، وخاصة في التعاطي مع الاتفاق النووي، حيث قال عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني فدا حسين مالكي لـ”العربي الجديد”، في وقت سابق، إنّ الاتفاق “لا يشكل الأولوية الأولى للحكومة الإيرانية الجديدة”، مشيراً، في حديثه مع “العربي الجديد”، إلى أنّ “الاتفاق النووي ليس إلا مجرد ملف، وبعد تقييماتنا، سيستمر التفاوض بشأنه شريطة ألا تعاود أميركا نكث العهود”.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
العربي الجديد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

سبعة عشر − خمسة عشر =

زر الذهاب إلى الأعلى