تقديرات إسرائيلية: 4 سيناريوهات إذا فشلت جولة فيينا النووية الحالية
تبنّت تغطية الصحف الإسرائيلية للمفاوضات النووية موقفا متشائما، في ظل إحباط من عدم قدرة الحكومة الإسرائيلية، حتى الآن، على ثني الولايات المتحدة عن التوجه للعودة للاتفاق النووي.
ميدل ايست نيوز: تبنّت تغطية الصحف الإسرائيلية اليوم للمفاوضات النووية بين الدول الخمس +1 وإيران، التي تبدأ اليوم في العاصمة النمساوية فيينا، موقفا متشائما، في ظل إحباط من عدم قدرة الحكومة الإسرائيلية، حتى الآن، على ثني الولايات المتحدة عن التوجه للعودة للاتفاق النووي مع إيران، وتوقعات بنية إيرانية مسبقة لإفشال المفاوضات إن لم تحصل طهران على مطالبها.
وعبّرت هذه الصحف عن خشيتها من تداعيات فشل هذه الجولة من المفاوضات، وربطت ذلك بقراءة تعتبر الأخيرة امتحانا للولايات المتحدة الأميركية تحت إدارة الرئيس بايدن.
اختارت صحيفة هآرتس، أن تتناول بدء المفاوضات اليوم بالحديث عن “مخاوف إسرائيلية ” عن التداعيات المحتملة لفشل المفاوضات، والتكتيك الذي تتبعه إيران لزيادة ضغوطها على الإدارة الأميركية، بموازاة نشر تحليل لمحللها للشؤون العربية، تسفي برئيل، بقراءة مغايرة يذهب فيها إلى أن خطوات إيران في الأشهر الأخيرة تشهد على نية إيران في العودة إلى الاتفاق.
وفي شقها الإخباري، قالت الصحيفة إن التقديرات في إسرائيل تشير إلى أن فشل مفاوضات فيينا، التي تبدأ اليوم: “قد يفضي إلى فترة من عدم استقرار إقليمي في مواجهة إيران”.
وقالت الصحيفة نقلا، عن مصادر، وضفتها بـ “المطلعة” و”الضالعة” في الاتصالات التي تقوم بها الدول العظمى مع إيران، إن النظام الإيراني يسعى لافتعال احتكاك أمني على مستوى منخفض في مواجهة إسرائيل ودول الخليج، في محاولة منه للضغط على المجتمع الدولي.
وأضافت المصادر أن الإيرانيين يسعون عبر هذه الضغوط لانتزاع إنجازات ومكاسب تمكنهم من الحفاظ على المشروع النووي، وتخفيف العقوبات. وبحسب هذه التقديرات، فإنه في حال فشل الجولة الأولى من المفاوضات تحت عهد الرئيس الإيراني الجديد رئيسي، فقد تتجه إيران إلى “زيادة المواجهات في المنطقة”.
وفي سياق الترويج لهذه التقديرات، تشير الصحيفة إلى ما تدعي المنظومة الأمنية أنها رصدته مؤخرا، من علاقة بين الهجمات التي نفذتها طائرات إيرانية مسيرة في الخليج، وبين الضغوط التي تمارسها طهران على الولايات المتحدة والدول العظمى في المسألة النووية.
وتكرر الصحيفة التقديرات الإسرائيلية في الأيام الأخيرة التي تحدثت عن تشاؤم إسرائيلي في فرص الجولة الجديدة من المفاوضات، لجهة القول إنها لن تفضي إلى أي تقدم حقيقي على المدى الزمني المباشر.
ونسبت الصحيفة إلى مصادرها، أن إيران غير معنية بالعودة للاتفاق النووي، وإنما بالمراوحة في المفاوضات، مما يمكنها من المضي في تطوير مشروعها النووي سرا. وتفترض إسرائيل أن إيران ستعرض في المفاوضات أقصى حد من المطالب، بينما سيطلب منها الأميركيون العودة لاتفاق 2015 والالتزام الكامل به. وبحسب هذه التقديرات فإن “الدراما بين أميركا وإيران ستبدأ فقط في ختام هذه الجولة من المفاوضات”.
وترصد الصحيفة 4 سيناريوهات إسرائيلية لمخرجات المفاوضات في فيينا، واليوم الذي يليها في حال فشلها: الأول، وهو الأكثر احتمالًا: اعتراف أميركي بعدم القدرة على إعادة إيران للاتفاق الأصلي، وبالتالي الانتقال للتوصل لاتفاق جزئي أو مرحلي، وهو ما نشر عنه مؤخرا وأكدت إسرائيل رفضها له، وصفته بأنه “اتفاق الأقل مقابل الأقل” (less for less).
الثاني، هو الأقل رجحانا، مفاده أن فشل مفاوضات فينا سيؤدي إلى أزمة، وتدهور المواجهة بين إيران والمجتمع الدولي، مما يعني في هذه الحالة اتهام أميركي لإيران بأنها مسّت الجهود للتوصل إلى تفاهمات، وبالتالي قيام الولايات المتحدة بالدفع لعقوبات شديدة ضد إيران، فيما سترد إيران بتهديد المجتمع الدولي لرفع العقوبات عنها.
السيناريو الثالث وهو أقل رجحانا من الثاني: تراجع إيران عن برنامجها النووي بشكل جزئي أو كلي بهدف رفع العقوبات. ويعتبر هذا السيناريو ضعيف التحقق لأن إيران لم تبد للآن أي بوادر إيجابية تجاه المجتمع الدولي.
السيناريو الرابع: وحظه من التحقق قليل أيضا، وهو أن يقود فشل المفاوضات الولايات المتحدة إلى تخفيف مطالبها من إيران بشكل كبير في محاولة للتوصل لحد أدنى من التفاهمات لإنهاء الأزمة. ويعتمد هذا السيناريو على الاعتقاد بأن المسألة الإيرانية لم تكن من الأهداف المركزية لإدارة بايدن، التي تركز أساسا على مواجهة تعاظم النفوذ الصيني، والدفع بخطط وخطوات عملية للحد من جائحة كورونا.
أما صحيفة يديعوت أحرونوت، فركّزت على ما نقلته الصحيفة عن مصادر في الوفد الأميركي، من أن واشنطن” لن نسمح لإيران بالحصول على سلاح نووي، هذا الأمر مفروع منه حتى لو اضطرنا إلى استخدام القوة العسكرية”.
وفي هذا السياق، لفت كل من نحوم برنيع ورونين بيرغمان إلى دلالات ضم إسرائيل لقيادة الشرق الأوسط للقوات الأميركية (سينتكوم)، لمواجهة إيران، مع إبراز برنيع تشاوما في سياسة الإدارة الأميركية الجديدة، التي لم تختلف عمليا عن سياسة إدارة باراك أوباما، بل إن كل من كان في تلك الإدارة، ترقى في الهرم الأميركي بدءا من بايدن الذي كان نائبا لأوباما ومرورا بروبرت مالي، وكولن كاهل (نائب وزير الدفاع الأميركي لشؤون السياسات).
ويكشف برنيع، عن وثيقة أميركية، أو مذكرة تقدير موقف، وضعها كاهل عام 2013 تدعو لوضع سياسة إحتواء لإيران في حال فشلت محاولات منعها من امتلاك قوة نووية. وبحسب برنيع، فإن المذكرة التي وضعت في عهد إدارة أوباما هي ذات صلة، على نحو خاص الآن، تحت إدارة بايدن.
وأضاف برنيع، أن “المركب الأول في الخطة هو ردع إيران (النووية) من استخدام سلاحها النووي. ثم تعزيز التزام الولايات المتحدة تجاه حلفائها في المنطقة وأن تبسط لهم مظلة حماية شرط أن يلتزموا بعدم السعي لتطوير قدرات نووية. ثالثا، تزويد إسرائيل بضمانات نووية خاصة بها، والاتفاق مع حكومة إسرائيل على خطوات تعزز مصداقية الردع النووي الإسرائيلي. وأخيرا، تحسين قدرات رصد وإحباط إرهاب نووي”.
وبحسب برنيع، فإن تقدير الموقف هذا سار اليوم بشكل أكبر، خصوصا أن واضعه كان لفت إلى أن سياسة احتواء أميركية ستفرض على الولايات المتحدة الانحراف عن أهداف سياساتها الخارجية المعلنة. وفي حالة بايدن، فإن ذلك يعني حرف تركيز السياسة الخارجية الأميركية عن مواجهة النفوذ الصيني والسياسة الروسية، وتحديات المناخ، ووقف الهجرة غير الشرعية من أميركا الوسطى لصالح المشروع النووي، الذي يمثل عمليا عبئا على السياسة الأميركية وليس هدفا من أهدافها.
وعلى غرار تقديرات “هآرتس”، يقول برنيع:”إن الوفد الأميركي يعود لمفاوضات فيينا وسط مشاعر متشائمة، وتقول التقديرات السائدة بأن إيران غير معنية بالتوصل إلى اتفاق، وهدفهم هو استنفاد الوقت والمماطلة، وقد يقبلون باتفاق جزئي يتم بموجيه تجميد عمليات تخصيب اليورانيوم مؤقتا مقابل إلغاء جزء كبير من العقوبات، ومع أن هناك خلافات داخل الوفد الأميركي حول نوعية مثل هذا الاتفاق وعدم تحمس له، فإن حكومة إسرائيل ترفض مثل هذا الاتفاق كليا، فهو لن يزيل التهديد الإيراني، وفي المقابل سيسمح بتدفق الأموال الإيرانية لأهداف عسكرية أخرى. وعلى أي حال، فإن البشائر السارة لن تأتي من فيينا.
ويخلص برنيع إلى القول، إنه يمكن الإكثار من انتقاد سياسات نتنياهو، لكن المهم هو أنه توجد في إسرائيل اليوم حكومة جديدة، وفي ظل ولايتها ستتحول إيران لدولة حافة نووية.
من جهته، اعتبر رونين بيرغمان، في “يديعوت أحرونوت”، بعد أن عدد مزايا الاتفاق السابق إلى حين انسحاب الولايات المتحدة منه، في عهد ترامب، أن “رغبة إدارة الرئيس بايدن في التوصل لاتفاق بأي ثمن، مقابل التمنع الإيراني، هي أكبر دليل على ضعف الولايات المتحدة، وتراجع قوة الردع الأميركية.
وما يدلل على ذلك أكثر، برأيه، هو احتياج الولايات المتحدة لتحذيرات من الاستخبارات الإسرائيلية لإخلاء قواتها بشكل سريع من قاعدة أميركية في سورية، الشهرالماضي، خوفا من هجمات طائرات إيرانية مسيرة، أو حقيقة أن الولايات المتحدة، رغم معرفتها بأن الهجوم على قاعدتها في سورية، تقف خلفه إيران، لم تفعل شيئا، وهذا دليل آخر على غروب شمسها”.
ويضيف بيرغمان أن موضوع التوصل لاتفاق جديد هو أمر مفروغ منه بالنسبة للولايات المتحدة والدول الأوروبية، المسألة هي: هل ستطالَب إيران بالعودة إلى النقطة التي كانت فيها عشية الاتفاق السابق أم سيدور الحديث عن “تجميد الوضع القائم” بما في ذلك الإبقاء على التقدم الذي حققته إيران منذ الانسحاب الأميركي من الاتفاق. والغريب هو أن الدول الأوروبية هي التي تتخذ الموقف المتشدد تجاه إيران.
ومثلما أشار برنيع لوثيقة تقدير الموقف التي وضعها كولن كاهل عام 2013، فإن بيرغمان يكشف ما يصفه بانطباع إسرائيلي أن “هناك تعليمات وتوجيهات غير مكتوبة في الخارجية الأميركية بعدم إبداء حماس زائد عن اللزوم في ما يتعلق بمسألة العقوبات، وأن التقديرات تشير إلى عودة عجلة التاريخ لجهة هوية أعضاء الوفد الأميركي وموقعهم الأصلي المفضل للتوصل لاتفاق، ذلك أن كل من أخذ دورا في التوصل لاتفاق العام 2015 عاد لمعالجة نفس الموضوع اليوم.
كما أن تغيير رئيس الحكومة في إسرائيل، ووصول بينت بدلا من نتنياهو، لم يغير شيئا في الموقف الإسرائيلي المعارض للاتفاق. فمع بدء ولايته، أعلن بايدن أنه يريد العودة للاتفاق، ونبع هذا الأمر بالأساس من الرغبة بمحو ميراث ترامب.
وذهب بيرغمان، إلى أنه من وجهة نظر كثيرين في الإدارة الحالية، فإن كل ما قامت به إسرائيل في تلك الفترة، بالتعاون مع الولايات، ملوث بالسم الترامبي ولذلك يجب التخلص منه. هذه العقيدة هي ما ينبغي له أن يقلق إسرائيل أكثر من أي شيء آخر”.