لا تزال إيران شريكا رئيسيا لإثيوبيا طالما استمر صراع تيجراي

حاولت إيران أيضا التعامل مع رئيس الوزراء الإثيوبي بشأن التحديات المشتركة الأخرى، بما في ذلك نتيجة النزاعات الأهلية والمسلحة في السودان والصومال.

ميدل ايست نيوز: تبقى إثيوبيا بوابة إيران إلى القرن الأفريقي ومنطقة شرق أفريقيا الأوسع. ومن خلال مساعدة إثيوبيا في صراعها المستمر مع قوات تيجراي المتمردة، التي تمثل أقلية تيجراي العرقية، تحافظ إيران على ما يسمى بعمقها الاستراتيجي في المنطقة. ويمكّن هذا إيران من إبراز قوتها في قارات بعيدة والانخراط في مناورات جيوسياسية في أفريقيا، مع احتواء خصومها ومواجهة نفوذ القوى المنافسة لها.

وبقدر ما يتعلق الأمر بطهران، نظرا للموجات الأخيرة من الاضطرابات السياسية في البلدان الأفريقية حيث كانت تتمتع بنفوذ في السابق، مثل تونس والسودان وجنوب أفريقيا، قد يكون للصراع في إثيوبيا علاقة بموقف رئيس الوزراء “آبي أحمد” تجاه إيران.

ومنذ عام 2018، دافع البلدان عن البرنامج النووي الإيراني والتدخل السياسي غير العسكري لإنهاء الصراع في اليمن.

وربما كانت عزلة إثيوبيا النسبية عن المبادرات السياسية والبحرية والأمنية التي تقودها الدول المطلة على البحر الأحمر، مصر والسعودية والسودان وجيبوتي وإريتريا، وخلافات أديس أبابا مع الدول المجاورة مثل السودان، قد شجعت توجه “آبي أحمد” نحو دول أبعد وأكثر صداقة مثل إيران.

وحاولت إيران أيضا التعامل مع رئيس الوزراء الإثيوبي بشأن التحديات المشتركة الأخرى، بما في ذلك نتيجة النزاعات الأهلية والمسلحة في السودان والصومال، ولتحقيق هذه الأهداف، شجعت إيران إثيوبيا على استخدام خبرة طهران في مكافحة الإرهاب.

والأهم من ذلك، حاولت إيران بناء ممرات نفوذ في منطقة الصراع الإثيوبي في تيجراي، حيث تتعرض المصالح الأمريكية للخطر. وتحاول إثيوبيا، التي كان يُنظر إليها في السابق على أنها شريك للولايات المتحدة، مقاومة مطالب واشنطن بوقف الصراع الدامي مع قوات تيجراي، الذي اندلع في نوفمبر/تشرين الثاني 2020 بعد أن تعرض الجيش الإثيوبي لهجوم من قبل جبهة تحرير شعب تيجراي، واستولت بعد ذلك على عاصمة منطقة تيجراي، ميكيلي.

ورفضت إثيوبيا محاولات من جانب الولايات المتحدة للعمل مع تيجراي، ما يشير إلى أنها لا تثق في نوايا واشنطن. وربما يخلق هذا فرصة لإيران لجلب إثيوبيا إلى دائرة نفوذها وربما يشجع طهران على قيادة عملياتها الخاصة من هناك ضد “الإرهابيين” مثل القاعدة وداعش وحركة الشباب.

وتحتاج طهران أيضا إلى جذب قوات الأمن الإثيوبية إلى جانبها لاحتواء الروابط التاريخية القوية لإسرائيل مع الدولة الأفريقية. وورد أن إسرائيل رفضت طلبات من أديس أبابا لتزويدها بطائرات “كاميكازي” بدون طيار. ووفقا لمصادر إخبارية في إيران نقلا عن موقع الاستخبارات الإسرائيلي “ديبكافايل”، فإن إسرائيل أجرت اتصالات سابقة مع تيجراي.

وإذا كان هذا صحيحا، فقد ترى إيران فرصة لعرض معداتها العسكرية على حكومة إثيوبيا. هذا بالرغم من حقيقة أن الصراع العرقي المعقد مع تيجراي قد يجعل من الصعب على إيران أن تلعب دورا مهما في هذا الشأن.

ومع ذلك، من خلال بناء وجود في النزاع الإثيوبي القائم مسبقا، يمكن لإيران أن تبرز كشريك بديل للحكومة الإثيوبية المحاصرة. وتقول الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي إن إيران تزيد من حدة الصراع من خلال تقديم المساعدة للحكومة الإثيوبية.

وقد تكون الزيادة في استخدام الطائرات بدون طيار في أفريقيا أحد الأسباب التي دفعت إيران إلى إنشاء طرق جوية إلى إثيوبيا للمساعدة في الصراع وتزويدها بطائرات بدون طيار خاصة بها. وترفض الحكومة الإثيوبية التقارير التي تفيد بأنها تلقت المعدات، لكن الطائرة الإيرانية من دون طيار “مهاجر 6” ظهرت في مقطع فيديو لرئيس الوزراء “آبي” في مطار “سيميرا” في منطقة عفار بالقرب من تيجراي في أوائل أغسطس/آب 2021، بعد أن استولت جبهة تحرير تيجراي على ميكيلي وتعهدت بالتوجه نحو أديس أبابا.

ويمكن لإيران أيضا التفكير في بيع أسلحة إلى إثيوبيا بعد أن خففت الأمم المتحدة القيود المفروضة على مبيعات الأسلحة الإيرانية في أكتوبر/تشرين الأول 2020 بموجب قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2231.

وتؤكد مصادر إخبارية مقربة من الحرس الثوري الإسلامي أنه إذا كانت الطائرات الإيرانية بدون طيار يمكن أن تساعد في قمع تمرد تيجراي، فإن هذا النجاح سيجذب عملاء للأسلحة الإيرانية في أسواق أفريقيا المربحة للأسلحة.

ومن الواضح أن إثيوبيا تعد الآن جزءا من مسرح أكبر لإسقاط القوة الإيرانية خارج حدودها. ولم تؤكد إيران ما إذا كانت قد أرسلت طائرات بدون طيار إلى إثيوبيا، لكن وكالة أنباء “تسنيم” التابعة للحرس الثوري الإيراني تقول إن طائرة “مهاجر 6” التي تم رصدها في الدولة الأفريقية تشبه الطائرات بدون طيار التي سلمتها إيران إلى الحشد الشعبي في العراق وفنزويلا.

وتعد الطائرة بدون طيار رخيصة وسهلة التشغيل، ويمكنها حمل صاروخ أو قنبلة، وهي مجهزة بأنظمة للمراقبة والاعتراض، ويتم إنتاجها بكميات كبيرة.

وتبقى أهداف إيران الأخرى في إثيوبيا كبيرة مثل أهدافها الأمنية. وتريد طهران تعزيز التجارة في أسواق أفريقيا المستقبلية ومن خلال خط السكك الحديدية القاري في شرق أفريقيا.

وتعتبر إثيوبيا أحد أسرع الاقتصادات نموا في أفريقيا في الأعوام الأخيرة، وتريد الحفاظ على إيران كثالث أكبر سوق لها في الشرق الأوسط، بينما تظل إثيوبيا الوجهة الأولى للصادرات الإيرانية من السلع والخدمات.

وفي الأشهر الـ10 الأولى من عام 2018، صدرت إثيوبيا ما يقرب من 31 مليون دولار من المنتجات إلى إيران. وفي عام 2017، بلغ رقم ​​الصادرات الإثيوبية إلى إيران 50 مليون دولار، في حين بلغ إجمالي الصادرات الإيرانية إلى إثيوبيا نحو 12 مليون دولار.

وبينما كانت الأرقام متواضعة، إلا أنها مثلت جزءا كبيرا من صادرات إيران إلى أفريقيا، التي تقدر بنحو 300 مليون دولار.

وتريد إيران أيضا حماية تأثير قوتها الناعمة في الاتحاد الأفريقي، الذي يوجد مقره في أديس أبابا، فضلا عن حماية اتفاقية ثقافية طويلة الأمد مع إثيوبيا سارية المفعول منذ عام 1989 للترويج للإسلام الشيعي في الدولة الأفريقية. وبعد وقت قصير من اندلاع الصراع الإثيوبي، كانت إيران تجري محادثات دينية في البلاد.

ومن الآن فصاعدا، سيظل تقدم النفوذ الإيراني في إثيوبيا مشروطا جزئيا بإحراز تقدم حقيقي في علاقاتها مع أديس أبابا والمدى الذي يمكن أن يعرقل فيه الطرفان جهود القوى المتنافسة لاحتوائها.

ويعني هذا أن نفوذ إيران الأمني ​​على الدولة الأفريقية قد يستمر في النمو طالما ظل الصراع مع تيجراي دون حل.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
بواسطة
الخليج الجديد
المصدر
MEI

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

14 − 9 =

زر الذهاب إلى الأعلى