طهران تطالب بـ«نهج عملي» أميركي لإحياء «النووي»

رهن وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان إمكانية إحياء الاتفاق النووي الموقع عام 2015 في مفاوضات فيينا على المدى القصير.

ميدل ايست نيوز: لليوم الثاني على التوالي، رهن وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان إمكانية إحياء الاتفاق النووي الموقع عام 2015 في مفاوضات فيينا على المدى القصير، بإظهار الولايات المتحدة «نهجاً عملياً» والتحلي بالواقعية.

وصرح عبد اللهيان، خلال مؤتمر صحافي، في بيروت أمس أفادت به صحيفة الشرق الأوسط: «إذا كانت الولايات المتحدة براغماتية، يمكن التوصل لاتفاق نووي في المدى القريب». مشيراً إلى أن مسألة رفع العقوبات عن بلاده لم تتم تسويتها بالكامل بعد.

وتابع قائلاً: «بدلاً من تضييع الوقت بالتلاعب بالكلمات والوقت، يتعين على الولايات المتحدة أن تتبع الطريق الصحيح، وتتصرف بشكل عملي. نحن مستعدون لاتفاق جيد وقوي ومستقر، ولكن ليس على حساب خطوطنا الحمراء».

وخلال زيارة لدمشق أول من أمس (الأربعاء)، قال أمير عبد اللهيان إن بلاده والقوى العالمية أقرب من أي وقت مضى للتوصل لاتفاق في فيينا.

لكن مسؤولين أميركيين أبدوا حذراً أكبر في تقييمهم لمساعي إحياء الاتفاق الذي يحدّ من البرنامج النووي الإيراني، مقابل رفع عقوبات اقتصادية مفروضة عليها. وقال مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان، أول من أمس، إن الولايات المتحدة وحلفاءها أحرزوا تقدماً في محادثات إيران النووية، لكن لا تزال هناك مشكلات قائمة، ومن غير الواضح إن كانت ستحل.

وأجرى مسؤولون روس وإيرانيون، أمس، مشاورات في فيينا بشأن المحادثات النووية التي دخلت مرحلة توقف لأجل غير مسمى، بعد طلب مفاجئ من موسكو للحصول على ضمانات أميركية، بألا تضرّ العقوبات المفروضة على موسكو بسبب غزوها أوكرانيا بتجارتها مع إيران.

والتقى السفير الروسي لدى المنظمات الدولية، ميخائيل أوليانوف، رئيس البعثة الإيرانية محمد رضا غائبي، لبحث مسار المفاوضات، بشأن إعادة العمل بالاتفاق النووي.

جاء الاجتماع الروسي – الإيراني، بعدما قال رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية، محمد إسلامي، إن «إيران لم تعتمد على المفاوضات في مجال الاقتصاد والقرارات والخطط التنفيذية في المجال النووي»، حسبما أوردت وكالتا «إرنا» و«إيسنا» الحكوميتان.

وأشار إسلامي ضمناً إلى الخطوات الإيرانية المطلوبة للتفاهم المتحمل في فيينا، وقال إسلامي: «أجرينا محادثات تقنية في إطار المفاوضات، وكل شيء مرهون بالقرار السياسي الأميركي للعودة إلى التزاماتهم» وأضاف: «قضية العودة إلى الالتزامات ليست مطروحة لبلدنا» لكنه تابع: «على الطرف الآخر هناك التزامات يجب العودة إليها، لقد أوفت إيران بالتزاماتها بالكامل، لكن الطرف الآخر لم يفِ بالتزاماته، وهذان العملان متبادلان، والآن إذا أرادوا العمل بالتزاماتهم، سنقوم أيضاً بخطوات تتناسب مع خطواتهم، وسنتوصل لاتفاق».

وتطرق إسلامي إلى إعلان إيران إحباط عملية تخريبية في منشأة فوردو في وقت سابق من هذا الشهر. وقال إن الخطوة «رسالة واضحة للكيان الصهيوني، وهي يقظة الجهاز الأمني الإيراني ضد أي تهديد».

وأعلنت السلطات الإيرانية في 14 مارس (آذار) الحالي عن إحباط أجهزة أمنية محاولة لتخريب منشأة فوردو النووية المحصنة تحت الأرض في مدينة قم على بعد 180 كيلومتراً جنوب طهران.

وزعم التلفزيون الإيراني أن جهاز استخبارات «الحرس الثوري» أوقف «شبكة» كانت تتواصل مع عناصر مرتبطين بالاستخبارات الإسرائيلية، وتخطط لتخريب منشأة فوردو، في خضم استمرار التجاذب في المفاوضات بين إيران وقوى كبرى، هادفة إلى إحياء اتفاق العام 2015 بشأن برنامج طهران النووي.

وقال إسلامي، في تصريح إذاعي، أول من أمس، إن منظمته تعد أهدافاً واسعة لمستقبل الصناعة النووية الإيرانية، متحدثاً عن إزاحة الستار عما وصفه بـ«الوثيقة الشاملة للتنمية الاستراتيجية في الصناعة النووية» في «اليوم الوطني للتكنولوجيا النووية» الذي يصادف 9 أبريل (نيسان)، دون أن يكشف تفاصيل.

وأفادت تقارير، الأسبوع الماضي، أن الوكالة الدولية تحقق من بدء إيران في تحويل ثلث مخزونها من اليورانيوم بنسبة 60 في المائة إلى مواد تستخدم في إنتاج النظائر المشعة الطبية، لكن العملية يصعب معها استرداد اليورانيوم، بالإضافة إلى تخفيفه وشحنه إلى خارج البلاد.

وذكرت وكالة «رويترز» أن فرنسا وبريطانيا وألمانيا حذرت إيران من تداعيات الخطوة على العودة إلى حدود الاتفاق النووي، أي تخلص إيران من مخزون اليورانيوم المخصب فوق درجة النقاء 3.67 في المائة. لكن وكالة «بلومبرغ» توقعت أن تؤدي الخطوة إلى خفض التوترات بين إيران والقوى الكبرى، لأن العملية «تجعل المواد غير صالحة للاستخدام لتصنيع أسلحة».

البروتوكول الإضافي

مع استمرار الترقب بشأن مصير مفاوضات فيينا، أعادت الوكالات الرسمية الإيرانية إثارة ملفات على صلة مباشرة بالاتفاق النووي، ومنها ملف العلاقات بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية، التي تشدد على ضرورة مراقبة البرنامج النووي الإيراني بمهمة خاصة من الأمم المتحدة، في إطار الاتفاق النووي، جنباً إلى جنب مع بنود معاهدة حظر الانتشار النووي التي تعتبر إيران من الموقعين عليها.

وقدّمت وكالة «إرنا» الرسمية، أمس، رواية عن أبرز محطات توتر العلاقات بين الوكالة الدولية وطهران، منذ الكشف عن الأنشطة الإيرانية، قبل جلوس طهران على طاولة المفاوضات مع الترويكا الأوروبية في 2003، عندما كان الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني يتولى منصب أمين عام المجلس الأعلى للأمن القومي، ويترأس مهمة التفاوض.

وذكرت في هذا الصدد: «مع بداية أنشطة توفير الوقود النووي، تزعم الوكالة الدولية أن إيران تكتمت على التقارير المتعلقة بالتفتيش، وذلك في حين لم تكن هناك حاجة لإبلاغ الوكالة بشأن القضايا المعلنة».

ومن بين القضايا التي أشار إليها التحليل، تحديداً قبول إيران الانضمام إلى البروتوكول الإضافي لمعاهدة حظر الانتشار النووي في 2003، قبل أن تنسحب منه في فبراير (شباط) العام الماضي، بعدما قررت تقليص التعاون مع الوكالة الدولية، ما منع المفتشين من الوصول إلى تسجيلات كاميرات المراقبة التي توثق بعض الأنشطة الحساسة. وترهن إيران منذ ذلك الحين وصول الوكالة الدولية إلى التسجيلات بالتوصل لاتفاق في محادثات فيينا.

وتشير وكالة «إرنا» إلى 5 عوامل لقبولها البروتوكول الإضافي. 1؛ تلوث أجهزة الطرد المركزي المستوردة. 2؛ تسريب المعلومات من جانب السماسرة والدول التي كانت مرتبطة بالبرنامج النووي. 3؛ إعلان إيران وقف تخصيب اليورانيوم (حينذاك). 4؛ مشروع البرلمان (ذي الأغلبية الإصلاحية حينذاك) لقبول البروتوكول الإضافي. 5؛ إعلان الرئيس الإصلاحي محمد خاتمي.
كما ألقت باللوم على المدير العام السابق للوكالة الدولية محمد البرادعي، الذي «حذر روحاني من هجوم إسرائيلي – أميركي على إيران».

ومن غير الواضح هل تعود إيران مرة أخرى إلى قيود البروتوكول الإضافي، إذا ما توصلت إلى اتفاق في فيينا، في ظل إصرار الحكومة الحالية على المضي قدماً في برنامجها النووي.

عقدة «فاتف»

يُتوقع أن يعود النقاش بشأن الانضمام إلى مجموعة مراقبة العمل المالي الدولي وتمويل الإرهاب (فاتف)، مع استعداد إيران لرفع العقوبات. ومن باب التذكير بضرورة الخطوة، تناولت وكالة «إيسنا» الحكومية، أمس، محاولات الحكومة السابقة برئاسة روحاني، لتمرير مشروع للانضمام إلى المجموعة الدولية، دون أن تسفر محاولاتها عن أي نتيجة تذكر، بعد التوصل للاتفاق النووي في عام 2015.

وكان الحكومة السابقة قد توصلت إلى تفاهم جانبي في مفاوضات فيينا عام 2015، بشأن إبعادها من القائمة السوداء، وإدراجها على القائمة الرمادية، مقابل أن تمتثل إيران لمعايير المنظمة التي تراقب المخاطر المالية.

وتمكنت الحكومة السابقة من تمرير لائحتين للانضمام إلى «فاتف»، إضافة إلى تعديل قوانين داخلية في البرلمان، لكن مجلس صيانة الدستور (الهيئة المشرفة على قرارات البرلمان) رفض المصادقة على المشروع، ما تسبّب في إحالته إلى مجلس تشخيص مصلحة النظام، للبتّ في خلافات الحكومة و«صيانة الدستور». ومنذ نحو عامين لم يعلن المجلس قراره بشأن قرار الحكومة.

وإذا ما توصلت إيران والقوى الكبرى إلى تفاهم سياسي بشأن إعادة العمل بالاتفاق النووي في محادثات فيينا، فإن التبادلات التجارية والبنكية الإيرانية تواجه تحدياً جدياً بشأن إذا لم توافق إيران على الانضمام لمعايير مجموعة «فاتف» التي أعادت تصنيف إيران على قائمتها السوداء منذ فبراير من العام الماضي.

وفي هذا الصدد، كتبت وكالة «إيسنا» أن مجلس تشخيص مصلحة النظام «لا يواجه ضغوطاً من أجل الموافقة على المشروع، بعد التخلص من حكومة روحاني، وأحال المشروع إلى الأرشيف، لكنه لم يرفضه رسمياً»، وأضافت: «ينتظر تحديد مصير مفاوضات فيينا حتى يتمكن من إعادة فتح القضية إذا تم رفع العقوبات».

وتشدد طهران في مفاوضات فيينا على أولوية رفع العقوبات والتحقق من ذلك وضمان عدم تكرار الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي. ومن شأن عدم امتثال طهران لمعايير مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، أن يعرقل ذلك رفع القيود على علاقاتها البنكية والتعامل بالدولار إذا توصلت لاتفاق في فيينا.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أربعة عشر − تسعة =

زر الذهاب إلى الأعلى