استئناف الاتصالات السعودية – الباكستانية يحيي المخاوف النووية

النظرة الحالية تميل إلى الاعتقاد بأن باكستان ربما تكون قد زوّدت السعودية بتكنولوجيا التخصيب.

ميدل ايست نيوز: في 28 نيسان/أبريل، بدأ رئيس الوزراء الباكستاني الجديد شهباز شريف زيارة تستغرق ثلاثة أيام إلى السعودية، وهي الرحلة الأولى له إلى خارج البلاد منذ توليه السلطة، بعد تنحية عمران خان من منصبه في وقت سابق من هذا الشهر. والهدف من هذه الزيارة جزئياً هو الحج، ولكنها ستشمل أيضاً عقد اجتماعات رفيعة المستوى، من المتوقع أن يكون أحدها مع حاكم المملكة الفعلي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

وستمثل هذه الاجتماعات فرصة لإصلاح العلاقات السعودية – الباكستانية، التي توترت خلال القيادة المتقلبة لعمران خان، الذي بدأت ولايته في عام 2018. ويُعزى ذلك جزئياً إلى تواصل خان مع دول كماليزيا وإيران وتركيا، وهي مساعٍ توقفت حين أوضحت الرياض أنها تهدّد استمرار الدعم المالي المقدّم من السعودية. ولكنها جاءت أيضاً نتيجة تنامي الروابط التجارية والدبلوماسية للرياض مع الهند، الخصم التاريخي لباكستان ومنافستها في المجال النووي.

وتعود العلاقات النووية السعودية – الباكستانية إلى عقود من الزمان. ففي مقالة افتتاحية نشرتها صحيفة “عرب نيوز” السعودية التي تصدر باللغتين الإنكليزية والعربية في 26 نيسان/أبريل، أشار سفير سعودي سابق في إسلام آباد إلى أنه في سبعينيات القرن الماضي “قدّمت… السعودية مساعدة مالية لنظام بوتو من أجل إحباط طموحات الهند النووية”، بعد اختبار أجرته نيودلهي في عام 1974.

وما قد يُعتبر حتى أكثر صلة بالموضوع هو ترحيب شقيق شهباز شريف ورئيس الوزراء في ذلك الحين نواز شريف بوزير الدفاع السعودي الأمير سلطان في مصنع تخصيب اليورانيوم في كاهوتا خارج إسلام آباد في حزيران/يونيو 1999، بعد عام من إجراء باكستان اختبارين نووين. وإلى جانب الجولة في مصنع التخصيب بأجهزة الطرد المركزي، تمّ عرض صاروخ “غوري” – وهو النسخة الباكستانية للنوع الكوري الشمالي القادر على حمل أسلحة نووية – على الوفد السعودي فضلاً عن نماذج أسلحة نووية بالحجم الفعلي. (وأثارت الزيارة احتجاج دبلوماسي أمريكي رسمي). ولاحقاً، حضر أمير سعودي اختبار إطلاق صاروخ “غوري”. والجدير بالذكر أن هناك مصنع سعودي لإنتاج الصواريخ في الصحراء جنوبي الرياض، يبدو أنه نسخة طبق الأصل من مصنع باكستاني قام بتجميع صاروخ “أم-11” الصيني، وهو سلاح نووي آخر.

ومن الأسباب التي تدعو إلى إيلاء أهمية خاصة لهذا الأسبوع هو تصريح محمد بن سلمان عام 2018 على تلفزيون أمريكي حيث قال: “إذا طوّرت إيران قنبلة نووية، سنحذو حذوها بأسرع وقت ممكن”. وفي عام 2020، أفادت صحيفة “وول ستريت جورنال” أن الصين ساعدت المملكة على بناء مصنع لمعالجة خام اليورانيوم، ومن جهتها، أشارت صحيفة “نيويورك تايمز” إلى وجود منشأة غامضة يُعتقد أنها مرتبطة بالمجال النووي. وفي حين يبدو أن مفاوضات العودة إلى «خطة العمل الشاملة المشتركة»، وهي التسمية التي يُعرف بها الاتفاق النووي مع إيران، متوقفة ووسط التكهنات بأن أسبوعيْن يفصلان طهران عمّا يُسمى بقدرة اختراق العتبة النووية، سيكون من المفاجئ عدم طرح تعاون نووي جديد خلال المحادثات الثنائية.

وفي الماضي، تمحورت المحادثات بشأن أي مساعدة نووية تقدمها باكستان إلى السعودية حول احتمال نشر صواريخ باكستانية ذات رؤوس نووية في المملكة. إلا أن النظرة الحالية تميل إلى الاعتقاد بأن باكستان ربما تكون قد زوّدت السعودية بتكنولوجيا التخصيب باستخدام شبكة الدكتور الراحل عبد القدير خان الذي وُضع في الإقامة الجبرية عام 2004. والسؤال إلى أي مدى كان خان عميلاً متمرداً يعمل بشكل مستقل عن الجيش الباكستاني النافذ، لطالما كان موضع جدل، وربما كانت السعودية “الزبون الرابع” الغامض الذي يُعتقد أنه كان موجوداً، إلى جانب إيران وليبيا وكوريا الشمالية.

يُذكر أن النفاذ إلى التكنولوجيا النووية المدنية هي في الأساس أحد “مطالب” الرياض من إدارة بايدن. ونظراً إلى التوترات المُبلغ عنها بين القيادة في السعودية والولايات المتحدة، فمن المرجح أن يؤدي أي تعاون نووي عسكري سعودي – باكستاني في المستقبل إلى اندلاع أزمة جديدة.

 

سايمون هندرسون
متخصص في شؤون الطاقة والدول العربية

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
معهد واشنطن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ثلاثة × 5 =

زر الذهاب إلى الأعلى