ما مصیر السیارات الإيرانية في العراق بعد تصاعد الانتقادات منها في إيران؟
تعد صناعة السيارات الإيرانية، ثالث أكثر الصناعات نشاطا بعد صناعة النفط والغاز، حيث تمثل 10 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي لإيران.
ميدل ايست نيوز: رغم انتقادات كبار المسؤولين الإيرانيين لصناعة السيارات في بلادهم بسبب افتقارها للمتانة والرصانة، وامتناع العراق عن استيرادها في 2018، إلا أن السيارات الإيرانية لا تزال تشكل ما نسبته 10 بالمئة من مجموع السيارات في البلاد، في ظل اقتصار مبيعاتها محليا على مواقع التواصل الاجتماعي بعد عزوف معارض البيع عن التعامل بها.
ويقول الخبير الاقتصادي جبار العلي خلال حديث لـ”العالم الجديد“، إن “عدد السيارات الكلي في العراق يصل الى أكثر من سبعة ملايين سيارة، والإيرانية منها تشكل 10 بالمائة من مجموع السيارات في العراق (نحو 700 ألف)، لكن هذه النسبة في تناقص بسبب توقف استيراد السيارات الإيرانية منذ عام 2018”.
ويضيف العلي، أن “معامل تجميع السيارات التي فتحت بالعراق مثلا في الاسكندرية وغيرها، فهي توقفت أيضا عن العمل بعد العقوبات الأمريكية عام 2015 على إيران، ولكن بقي لديهم بعض المواد المخزونة وصنعوا منها سيارات وسجلت كموديلات حديثة”، مبينا أن “الحكومة الحالية وجهت باستيراد السيارات ذات المواصفات الدولية فقط، وهو ما ضيق على مستوردي السيارات الإيرانية”.
ويتابع أن “السيارات الإيرانية لم تكن بمستويات عالية، حتى أنها لم تكن صناعة واسعة لتدخل إلى جميع دول العالم، بل تركزت ببعض البلدان ومنها العراق وسوريا وبعض الدول الآسيوية القريبة”.
وكان العراق قرر عام 2018 منع استيراد السيارات الإيرانية، امتثالا للعقوبات الأمريكية التي فرضت على إيران، كما منع استيراد قطعها لغرض تجميعها في المعامل العراقية.
يذكر أن المرشد الأعلى في إيران علي خامنئي، انتقد قبل أيام صناعة السيارات وفقدان متانتها، خلال كلمة له تخص الصناعات الإيرانية ونشرتها صحيفة “صبح نور” الإيرانية.
يشار إلى أن عضو مجمع تشخيص مصلحة النظام الإيراني مصطفى ميرسليم، وجه العام الماضي انتقادا لصناعة السيارات في بلاده، قائلا “لا نطالبكم بتصدير السيارات إلى اليابان، لكن يمكن أن نصدر للعراق والسنغال، فحتى هذين البلدين مستاءان من جودة السيارات الإيرانية”.
من جانبه، يبين حسين الشمري، وهو بائع سيارات إيرانية على الإنترنت، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “موضوع بيع وشراء السيارات الإيرانية تراجع بشكل كبير منذ منع الاستيراد، وما هو موجود الآن عارة عن موديلات قديمة”.
ويلفت الشمري، إلى “إقبال الناس في بداية الأمر على السيارات الإيرانية يعود إلى جملة أسباب، أبرزها رخص أثمانها بالنسبة للفقراء والباحثين عن فرصة عمل كسائقي الأجرة، وتوفرها وتوفر أدواتها بأسعار مناسبة في السوق المحلية، لكن الرغبة في اقتنائها تراجعت فيما بعد مع ظهور عيوبها وتوافر سيارات أكثر جودة منها ومن شركات رصينة”.
ويؤكد أن “الكثير من سائقي الأجرة باتوا ينجذبون للسيارات الحديثة، لكونها اقتصادية في استهلاك الوقود ولا تتعطل بسرعة”، مبينا أن “السيارات الإيرانية الموجودة هي من موديل 2018 فما دون، وبيعها بات على مواقع التواصل الاجتماعي بعد أن توقفت معارض بيع السيارات عن عرضها”.
وفي العام الماضي، كشف تقرير اخباري إيراني، نشره موقع “تجارت نيوز”، أن العراق رفض استيراد سيارات إيرانية بسبب تدني جودتها، رغم تعويل وزارة الصناعة الإيرانية على تصدير مليون سيارة محلية الصنع سنويا، خاصة إلى الأسواق في العراق وسوريا.
وتعليقا على رفض العراق في حينها استيراد السيارات الإيرانية، أوضح رئيس الغرفة التجارية الإيرانية العراقية السابق، حميد حسيني، أن العراق يولي اهتماما خاصا بمعايير الأمان ومعدل الوقود والفرامل، ولهذا يجب أن تلبي الحكومة الإيرانية هذه المعايير في صادرات السيارات، كما أن من الصعب إعادة افتتاح موقع السيارات الإيرانية في العراق، نتيجة لتوقفه بسبب العقوبات الدولية المفروضة على إيران.
وحول عيوب السيارات الإيرانية، يرى أبرار البياتي، وهو مصلح سيارات خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أنها “من أكثر الأنواع استهلاكا للمواد الاحتياطية، فعلى سبيل مثال لو تطلبت السيارة الأمريكية تغيير قطعة واحدة فيها خلال سنة، فإن الإيرانية تتطلب تغييرها لثلاث مرات خلال نفس المدة”.
ورغم قلة استهلاكها للوقود، الأمر الذي جعل كثيرا من أصحاب سيارات الأجرة يفضلون شراءها، كما يشير البياتي، إلا أنها تشكل خطرا كبيرا على أرواح الناس، حيث تفتقر لأبسط مقومات المتانة والرصانة، كما هو حال السيارات ذات المناشئ العالمية كالأمريكي أو الياباني أو الكوري، فهي تتلف بشكل تام عند أي حادث بسيط”.
وتعد صناعة السيارات الإيرانية، ثالث أكثر الصناعات نشاطا بعد صناعة النفط والغاز، حيث تمثل 10 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي لإيران و4 بالمئة من القوة العاملة التي تقدر بـ700 ألف شخص.
وتسيطر على سوق السيارات في إيران شركتان لإنتاج العجلات، هما “سايبا” التي تمثل 54 في المائة من مجموع الصناعة، و”إيران خودرو” بنسبة 46 في المائة.