لماذا لا تردّ إيران بالمثل على اغتيال إسرائيل لقياداتها؟
تعرّض صياد خدايي -الذي شارك سابقا بالحرب في سوريا- لإطلاق نار من مسلحَين كانا يستقلان دراجة نارية وأطلقا 5 رصاصات عليه ولاذا بالفرار.

ميدل ايست نيوز: أعاد اغتيال الضابط في الحرس الثوري الإيراني العقيد حسن صياد خدايي، أمام منزله وسط العاصمة طهران الأحد، إلى الأذهان عمليات مشابهة أسفرت عن مقتل علماء نوويين ومهندسين آخرين كانت لهم بصمة بارزة في تطوير البرنامج الصاروخي لبلادهم، ووجّهت طهران أصابع الاتهام في كل هذه الاغتيالات إلى إسرائيل.
وحسب تقرير لموقع الجزيرة جاءت عملية الاغتيال الأخيرة مختلفة تماما للطريقة المستخدمة في اغتيال العلماء السابقين التي عادة ما تتم عبر زرع متفجرات في سياراتهم، أو عبر إطلاق نيران من سيارات عابرة.
وتعرّض صياد خدايي -الذي شارك سابقا بالحرب في سوريا- لإطلاق نار من مسلحَين كانا يستقلان دراجة نارية وأطلقا 5 رصاصات عليه ولاذا بالفرار، مما أدى إلى وفاته على الفور.
ومع تكرر الاغتيالات على الأراضي الإيرانية، وتوجيه طهران أصابع الاتهام لعدوها اللدود إسرائيل، توجّهت الجزيرة نت بالسؤال إلى قيادات سابقة وشخصيات مقربة من الحرس الثوري، بحثا عن تفسير لعدم رد إيران بالمثل علی اغتيال قياداتها، والاكتفاء بالهجمات البحرية أو السيبرانية على المواقع والشبكات الإسرائيلية.
العقيد في الحرس الثوري الإيراني صياد خدايي
العقيد في الحرس الثوري الإيراني صياد خدايي، والذي اتهمت إيرانُ إسرائيلَ بالوقوف وراء اغتياله (مواقع التواصل الاجتماعي)
لطالما اتهمت إيرانُ إسرائيلَ بالوقوف وراء اغتيال قياداتها، لماذا لا يوجد رد إيراني مماثل على هذه العمليات؟
كشف مصدر إيراني غير رسمي مقرب من فيلق القدس، أن قوات الحرس الثوري وأجهزة الأمن الإيرانية سبق وردت أكثر من مرة باستهداف عدد من القيادات الإسرائيلية داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة وخارجها.
واستدرك المصدر المطلع -الذي اشترط عدم الكشف عن هويته لأسباب أمنية- بالقول إنه بالرغم من عدم رغبة طهران بفتح ملفات أمنية مع دول مستقلة، سبق وسددت ضربات لمصالح إسرائيلية على أراضيها، فإن عملية يوم أمس كانت نقلة نوعية في إخراج الصراع من الظل إلى العلن، وهذا سيجعل الرد الإيراني واضحا بعد اليوم.
ما العمليات التي استهدفت إسرائيليين ولم تتبنها إيران رسميا؟
عدّد المصدر المقرب من فيلق القدس، العمليات الإيرانية المباشرة ضد قيادات إسرائيلية، وقال إنها أودت بحياة أكثر من 20 شخصا حتى الآن، ومنها حسب تصريحه:
- اغتيال الضابط في جهاز الموساد الإسرائيلي المدعو فهيم هيناوي (45 عاما) في 4 ديسمبر/كانون الأول 2020 بأحد تقاطعات منطقة غيناتون جنوب شرقي تل أبيب. وتمت العملية بعد 7 أيام فقط من اغتيال العالم الإيراني محسن فخري زاده بإطلاق أكثر من 15 رصاصة على سيارته.
- وخلال العام الماضي قامت إيران بتصفية ضابطين آخرين -غير هيناوي- داخل تل أبيب ردا على اغتيال فخري زاده.
- اغتيال قائد لواء الناحال في الجيش الإسرائيلي الجنرال شارون أسمان (42 عاما) في 1 يناير/كانون الثاني 2021 في إحدى القواعد العسكرية بمدينة نتانيا وسط فلسطين المحتلة.
- مقتل غابريل تالكر الضابط الكبير في الموساد الإسرائيلي -على مستوى نائب وزير- برفقة 12 شخصا آخر في 13 مارس/آذار الماضي جراء القصف الصاروخي الإيراني على مقر للموساد في أربيل العراقية. و”لدينا تقارير موثقة عن إصابة ومقتل عدد من العناصر الإسرائيلية في هذا الهجوم منهم: ماتيس داتريس، واسميت، وآدام باتلر، وشاؤول، ومليس رابرت واسمه المستعار آفينز، وجوني، وجونز، وغابريل تالكر، ومارك زال”.
ولا تخشى إيران من الإعلان أنها تقف خلف العديد من العمليات التي تستهدف الوضع الأمني بداخل “الكيان الصهيوني”.
هناك عمليات أخرى استهدفت عناصر إسرائيلية في دول مستقلة، لم ولن تتبناها إيران، إلا أن قادة “الكيان” يعرفون جيدا أنها هي من تقف خلفها.
لماذا لا تتبنى إيران رسميا عملياتها بحق العناصر الإسرائيلية؟
يعتقد القيادي السابق في الحرس الثوري الإيراني حسين كنعاني مقدم، أن إيران تتبنى جميع العمليات التي تستهدف الكيان الصهيوني، وهي الدولة الوحيدة التي تعلن بوضوح بأنها تعمل من أجل القضاء على كيان الاحتلال، مضيفا أن طهران في حالة حرب مفتوحة مع إسرائيل ولا تريد تضييق دائرة الصراع إلى عمليات هنا وهناك.
وأشار إلى أن “الكيان الإسرائيلي” يعتمد إستراتيجية “القتل بألف جرح” لمواجهة إيران؛ وأن عمليات الاغتيال في الداخل الإيراني والهجمات على أهداف محور المقاومة في سوريا ولبنان تندرج في هذا الإطار، مؤكدا أن طهران تتبنى إستراتيجية التحضير لمعركة تحرير القدس.
وأكد كنعاني مقدم أن “عمليات العدو في العمق الإيراني -سواء الاغتيالات أو العمليات التخريبية ضد المنشآت النووية- تأتي لاستدراج طهران إلى حرب شاملة بمواجهة الولايات المتحدة وحلفائها إلى جانب العدو الإسرائيلي”. وهذا ما تعي طهران خطورته، لكنها ستواصل عملياتها لردع الاحتلال دون تبنيها، إلا إذا كانت العمليات على أراضي دولة ثالثة كما حدث في هجوم أربيل.
كيف ترد طهران على العمليات الإسرائيلية التي تستهدف قياداتها ومصالحها على الأراضي الإيرانية؟
يرى القيادي السابق في الحرس الثوري أن بلاده لم تغض البصر يوما عن العمليات الإسرائيلية، وأنها قامت بالرد بشكل مباشر أو غير مباشر عبر حركات المقاومة المتحالفة معها سواء عبر جبهة الجولان السوري أو جنوب لبنان أو من داخل الأراضي الفلسطينية.
وأضاف كنعاني مقدم، أن أحد أوجه الانتقام الإيراني في الرد على العمليات الإسرائيلية “هو مد الحركات الحليفة المناهضة للصهيوأميركية بالسلاح والتكنولوجيا العسكرية، لا سيما الطائرات المسيرة والصواريخ الموجهة والدقيقة التي أصبحت تؤرق كيان الاحتلال وتنذر بقرب زواله”.
كيف كان وقع اغتيال الضابط حسن صياد خدايي على إيران وكيف سيثأر الحرس الثوري له؟
الحرس الثوري الإيراني كان أول من أعلن عن استهداف عنصره في عملية وصفها بأنها إرهابية وتقف خلفها “جهات تابعة للاستكبار العالمي”، وفق تعبير مقدم، في حين شددت الخارجية الإيرانية على أن اغتيال العقيد خدايي لن يمنع إيران من تحقيق أهدافها.
وبعد أن وصف الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي -قبيل مغادرته صباح الاثنين طهران متوجها إلى مسقط- بأن “الثأر لدماء خدايي بالتأكيد سيكون في المتناول”، اتهم مساعد وزير الداخلية الإيراني للشؤون الأمنية مجيد ميراحمدي، إسرائيل بارتكاب هذه الجریمة، وهدد تل أبيب بتلقي صفعة قاسية من إيران، ستجعل المجرمين نادمين على أفعالهم، علی حد تعبيره.
من جانبه، كشف القيادي السابق في الحرس الثوري ومستشار رئاسة البرلمان الإيراني منصور حقيقت بور، أن بلاده كانت قد أعدت بنك أهداف من المصالح الأميركية والإسرائيلية للرد علی أي “مغامرة”، مقترحا على بلاده عدم دفن قتلاها قبل الانتقام لهم من القتلة.
وتوقع حقيقت بور -في حديثه للجزيرة نت- بأن يكون الرد على اغتيال الضابط بالحرس الثوري قريبا وبحجم الجريمة، مؤكدا أن سهم الانتقام كان قد خرج من القوس بالفعل.