روسيا وإيران.. خصومة نفطية رغم التحالف السياسي

تخوض إيران وروسيا منافسة شرسة على مبيعات النفط والمنتجات الخام المكررة والمعادن في الهند والصين وعبر مختلف دول قارة آسيا.

ميدل ايست نيوز: تخوض إيران وروسيا منافسة شرسة على مبيعات النفط والمنتجات الخام المكررة والمعادن في الهند والصين وعبر مختلف دول قارة آسيا، حيث تبيع موسكو منتجاتها بأسعار تقوّض مبيعات طهران، حسبما أفادت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية.

وقالت الصحيفة، في تقرير نشرته السبت، إن الصراع بين إيران وروسيا على حصصهما في السوق هو مثال صارخ على الدور الذي تلعبه حرب أوكرانيا في أسواق الطاقة العالمية، خصوصاً بعدما خرجت موسكو من الأسواق الغربية، لكنها تعاود الظهور مرة أخرى في أماكن أخرى.

وتمسكت الهند والصين، وهما من أكبر مستهلكي السلع الأساسية في العالم، بموقف محايد إلى حد كبير في حرب أوكرانيا، رافضين الانضمام إلى العقوبات الغربية، وواصلا الشراء بشكل كبير من النفط والمعادن الروسية الرخيصة على حساب إيران، التي كانا يعتمدان عليها في السابق للحصول على منتجات مخفضة السعر. وامتدت المنافسة بين موسكو وطهران عبر دول أخرى في آسيا ووصلت إلى أسواق أصغر، مثل تركيا وأفغانستان، بحسب الصحيفة.

العقوبات الغربية على روسيا تضيق الخناق على النفط الإيراني

حلفاء وخصوم

وتشترك إيران وروسيا في موقفهما السياسي المعاكس للغرب، ولكنهما تضررا من العقوبات الغربية لأسباب مختلفة، حيث تضررت طهران بسبب برنامجها النووي، أما موسكو فبسبب “أفعالها” في أوكرانيا.

ونقلت الصحيفة عن نائب رئيس الأبحاث في مجموعة “أوراسيا”، هنري روما، قوله إن المنافسة بين موسكو وطهران ستضر بقدرة إيران على تجنب العقوبات، مما يقلل من نفوذها خلال المحادثات النووية المتوقفة مع أوروبا والولايات المتحدة.

وأضاف روما: “هناك انفصال حقيقي بين العلاقات السياسية والاستراتيجية مع روسيا والمنافسة في تجارة السلع الأساسية”، واصفاً مبيعات النفط والمنتجات الأخرى بأنها “تمثل جوهر جهود النظام الإيراني لمواجهة الضغوط الاقتصادية”.

ووفقاً للصحيفة، فإنه على مدى العقد الماضي حاولت إيران إيجاد طرق لتجنب العقوبات عن طريق بيع النفط إلى الصين، التي لم تنفذ العقوبات الأميركية بشكل كامل، وإرسال الوقود الأحفوري المُعالَج مثل الأسفلت والبتروكيماويات والبنزين وغاز البترول المُسال إلى الأسواق في الهند وتركيا وأفغانستان.

وهذه الاستراتيجية آتت بثمارها، إذ قفزت قيمة مبيعات النفط الإيرانية الدولية بنسبة 91% في الأشهر التسعة المنتهية في ديسمبر الماضي، إلى 27.9 مليار دولار، أي نصف دخل صادرات البلاد، حسب بيانات البنك المركزي الإيراني.

وذكرت الصحيفة أن هذا الإنجاز بات يواجه الآن عدة تحديات، حيث تنتقل شركات النفط التي تديرها الدولة والتجار في موسكو إلى الفناء الخلفي لإيران بعدما بات يتم استبعادهم بشكل متزايد من الأعمال التجارية الأوروبية.

تنافس على الأسعار

وفي تصريحات لـ”وول ستريت جورنال”، اتهم المتحدث باسم اتحاد مصدري النفط والغاز والبتروكيماويات الإيراني حميد حسيني الروس بـ”تدمير السوق”.

وأشارت الصحيفة إلى أن روسيا تبيع غاز نفطي مُسال عبر آسيا والقوقاز بسعر 300 دولار للطن، وهو ثلث السعر العادي البالغ 900 دولار، كما تبيع الديزل بسعر 900 دولار للطن مقارنة بالسعر الدولي البالغ 1200 دولار.

وأوضحت أن بيع موسكو للخام المخفض إلى مصافي التكرير الهندية تسبب في تعطيل تجار النفط الإيرانيين، حيث حافظت طهران على تجارة شبه سرية من الأسفلت المخفض مع نيودلهي. والآن، باتت الأخيرة تحصل على كميات ضخمة من النفط الروسي بتخفيضات تصل إلى 40 دولاراً للبرميل مقارنة بالأسعار الدولية.

كما بدأت الظاهرة نفسها تحدث في الصين، وهي أكبر عميل للنفط الخام الإيراني، فقد انخفضت مبيعات طهران من النفط الخام إلى بكين بمقدار النصف تقريباً لتصل إلى 395 ألف برميل يومياً خلال نفس الفترة، وفقاً لمزود بيانات السلع الأساسية “Kpler”.

وتابعت: “لكن لم يتسبب التنافس على مبيعات السلع في حدوث خلاف دبلوماسي علني بين إيران وروسيا، ففي مايو الماضي، قال نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك، وهو أيضاً رئيس قطاع الطاقة في البلاد، إن البلدين سيتمكنان من تجنب العقوبات الغربية من خلال العمل معاً، إذ تخطط طهران وموسكو لتعزيز تجارتهما لعشرة أضعاف الأرقام الحالية لتصل إلى 40 مليار دولار سنوياً، من 4 مليارات دولار العام الماضي”.

ولكن يعد اصطفاف إيران مع روسيا فكرة مثيرة للانقسام داخل طهران، إذ لا يثق الكثير من الإيرانيين في موسكو، التي احتلت أراضي القوقاز التابعة للإمبراطورية الفارسية، مثل أذربيجان في القرن التاسع عشر، وتدخلت في الشؤون الإيرانية حتى الأربعينيات، كما يقول بعض المسؤولين التنفيذيين الإيرانيين إن الشراكة مع موسكو تضر بمجتمع الأعمال في البلاد، حسب الصحيفة.

وقالت “وول ستريت جورنال” إنه بالنسبة للشركات الروسية، فإنه ليس أمامها سوى القليل من الخيارات، إذ باتت صهاريج تخزين النفط والوقود الفائض ممتلئة في روسيا وهولندا، ونقلت الصحيفة عن تاجر إيراني يبيع الوقود الروسي مقابل 35 دولاراً أقل للطن للمشترين الآسيويين، قوله إن هذه الشركات “بحاجة إلى بيع النفط الموجود لديهم”.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
بواسطة
الشرق

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

5 × 3 =

زر الذهاب إلى الأعلى