توتر متصاعد بين إيران وأذربيجان.. الثقة الزائدة تكلف إيران نفوذها بجنوب القوقاز

علاقات إيران مع أذربيجان تدهورت في الوقت الذي تبحث فيه طهران عن استعادة نفوذها بالمنطقة تحت ضغط انتقادات دولية متزايدة على خلفية تحالف إيران الواضح مع موسكو في غزوها لأوكرانيا.

ميدل ايست نيوز: “ربما لم تنته شراكة البلدين بعد، لكنها معرضة لخطر شديد”.. هكذا وصف المحلل السياسي “فؤاد شهبازوف” التوتر المتصاعد بين إيران وأذربيجان، مشيرا إلى أن الثقة الزائدة لسياسات طهران قد تكلفها نفوذها بمنطقة جنوب القوقاز.

وذكر “شهبازوف”، في مقال نشره بموقع “منتدى الخليج الدولي”، أن علاقات إيران مع أذربيجان تدهورت في الوقت الذي تبحث فيه طهران عن استعادة نفوذها بالمنطقة تحت ضغط انتقادات دولية متزايدة على خلفية تحالف إيران الواضح مع موسكو في غزوها لأوكرانيا.

لكن النفوذ الإيراني جنوب القوقاز تدهور بشكل كبير في السنوات الأخيرة، خاصة في الأشهر التي أعقبت حرب إقليم “قره باغ” بين أذربيجان وأرمينيا (حليفة إيران) عام 2020، إذ أهملت إيران إعادة تأكيد نفوذها بالمنطقة، ما دفع أذربيجان، التي انخرطت في نزاع جيوسياسي طويل مع طهران، لمواصلة توطيد أوثق للعلاقات مع تركيا وروسيا وإسرائيل.

وعلى عكس تركيا وروسيا، المنافسين الرئيسيين لإيران في القوقاز، فشلت طهران في الحصول على مقعد بمفاوضات السلام بين أذربيجان وأرمينيا، ما أدى فعليًا إلى إبعادها لمكان المتفرج.

وفي مواجهة النفوذ المتزايد لمحور أذربيجان وتركيا وإسرائيل، تجد إيران نفسها معزولة دون أي أدوات فعالة لردع توسع هذا التجمع الثلاثي، حسبما يرى “شهبازوف”، الذي نوه إلى أن المناورات العسكرية، التي أجرتها إيران في 20 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، في المنطقة المجاورة مباشرة للحدود مع أذربيجان، تسببت في زيادة التوتر بين البلدين.

وبينما صرح مسؤولون في طهران أن “المناورات لم تكن موجهة ضد دول الجوار”، إلا أن أذربيجان لم تخف استياءها، وانتقدت إيران وموقفها إزاء النزاع مع أرمينيا صراحة.

وفي السياق، نوه “شهبازوف” إلى جهود أذربيجان لإنشاء طريق بري يربط مدينة نخجوان بتركيا، وهو ما تعتبره طهران تهديدا قد يقوض شراكتها مع أرمينيا ويعزلها عن جميع أنحاء المنطقة.

ورغم أن الدبلوماسيين الأذربيجانيين قدموا ضمانات لإيران بأن الممر سيستخدم حصريًا للتجارة، إلا أن هذه التأكيدات لم تخفف المخاوف الإيرانية، كما لم تسفر محاولات طهران لتخويف باكو للتخلي عن المشروع عن نتائج.

ولإصلاح العلاقات بين باكو وطهران، أجرى وزيرا خارجية إيران وأذربيجان محادثة هاتفية في 30 أكتوبر/تشرين الأول لمناقشة “قضايا السياسة والأمن الإقليمي”، أبلغ خلالها وزير الخارجية الإيراني “حسين أمير عبد اللهيان” نظيره الأذربيجاني “جيهون بيراموف” بأن رئيس البرلمان الإيراني “محمد باقر قاليباف” ينتوي زيارة أذربيجان.

وقال “عبد اللهيان” إن الزيارة “تبشر بالخير للعلاقات الثنائية بين الدولتين”، لكن هذه الجهود فشلت بعد وقت قصير من المكالمة الهاتفية، بعدما دعا الرئيس الإيراني “إبراهيم رئيسي” نظيره الأذربيجاني “إلهام علييف” لزيارة طهران، ليرد المسؤولون في باكو برفض قبول الدعوة على الفور، ما دفع “قاليباف” للإعلان عن “تأجيل” زيارته إلى باكو.

وما زاد الطين بلة، أن أجهزة أمن الدولة الأذربيجانية نفذت عملية استخبارات مضادة في البلاد، أوائل نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، واعتقلت 19 مواطنًا يُزعم أنهم مرتبطون بشبكات تجسس إيرانية، تم تدريبهم في سوريا.

وبعد الحادث بوقت قصير، اعتقلت الأجهزة ذاتها 5 أشخاص آخرين بتهمة التجسس لصالح إيران، ما أدى إلى تأجيج التوترات بين البلدين بشكل أكبر.

ونتيجة لذلك، استدعت إيران السفير الأذربايجاني مرتين للاحتجاج، في حين قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية “ناصر كنعاني” إنه “لا يحق لأحد أن يسيء فهم سياسة إيران”، داعيا دول المنطقة إلى “الامتناع عن أي استفزاز ضد طهران”.

ويرى “شهبازوف” أن إيران سعت إلى تصعيد التوترات مع أذربيجان استنادا إلى ثقة زائدة بقدراتها، لكن من الواضح أن هذا الجهد أدى إلى نتائج عكسية.

ففي مناورات عام 2021، استعرضت إيران عضلاتها عبر مناوراتها العسكرية، لكن أذربيجان ردت بتعزيز العلاقات الدفاعية مع تركيا، وتوقيع اتفاق دفاع جديد مع إسرائيل، والتحول إلى آسيا الوسطى لإنشاء هيئة تعاون جديدة متعددة الأطراف لا تشمل إيران.

كما أطلقت أذربيجان مناورات عسكرية خاصة بها على طول حدودها مع إيران، ما أثار غضب طهران.

كما أسفرت الجولة الثانية من المواجهة الدبلوماسية بين البلدين في عام 2022 عن موافقة أذربيجان على إنشاء سفارة في إسرائيل، وهي خطوة كانت باكو قد أجلتها طويلاً لتجنب إغضاب إيران والدول الإسلامية الأخرى.

ويرجح “شهبازوف” أن تظل العلاقات بين باكو وطهران متوترة في المستقبل القريب، في ظل مؤشرات قليلة على الرغبة في المصالحة من الجانبين.

 

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
بواسطة
الخليج الجديد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

خمسة عشر − سبعة =

زر الذهاب إلى الأعلى