صدمة في التيار الأصولي بإيران بعد تسرب “وثائق سرية” في هجوم سيبراني

لا تزال القضايا الساخنة المتعلقة بتسريب "نشرة أخبار سرية" أعدتها وكالة أنباء فارس تحدث ضجة واسعة على الساحة الإعلامية.

ميدل ايست نيوز: لا تزال القضايا الساخنة المتعلقة بتسريب “نشرة أخبار سرية” أعدتها وكالة أنباء فارس، والتي أطلق عليه رواد مواقع التواصل الاجتماعي اسم “فارس جيت”، تحدث ضجة واسعة على الساحة الإعلامية وتتصدر حديث الصحف والمواقع الإخبارية الناطقة بالفارسية.

وبحسب وسائل إعلام إيرانية، تم إعداد هذه النشرات الإخبارية أولاً لكبار المسؤولين في إحدى المؤسسات العسكرية في إيران. لكن مع إنكار مسؤولي هذه المؤسسة، لا يزال من غير الواضح ما هو الهدف والدافع الذي تم إعداد هذه البيانات الإعلامية لأجله، ومن كان جمهورها المستهدف؟

في غضون ذلك، وصفت وكالة تسنيم للأنباء، المقربة من الحرس الثوري الإيراني، محتويات النشرة الإخبارية بأنها مضحكة للغاية، وكتبت في تقريرها نقلا عن مصدر مطلع: “يعتبر قائد الحرس الثوري من أهم عناصر مؤسسة القوات المسلحة في البلاد، والتي يوجد فيها وحدات قتالية ووحدات استخبارات أمنية متطورة، وهناك طرق متطورة أكثر لوصول المعلومات اللازمة من خلالها. لذلك، من السخف الادعاء بأن صحفيًا أو أحد مسؤولي وكالة أنباء هو المسؤول عن إعداد نشرات إخبارية سرية لهذا القائد العام”.

وفي الوقت الذي اعتقد فيه البعض أن مضمون هذه النشرات سيمر على الملأ مرور الكرام وينسى مع مضي الوقت، كشف فحص التفنيدات التي صدرت بشأن هذه القضية، أنه على الرغم من إنكار مضمون هذا الاجتماع من قبل مؤسسات الدولة العليا، إلا أنه لم يقتصر على عدم نفي جوهر الموضوع فحسب، بل بات من الواضح أن كاتب هذه النشرة كان نائب مسؤول وكالة أنباء فارس وذلك بعد تصريحات أدلى بها أمس شخصان مؤثران في المعسكر الأصولي.

إيران تعلن تصديها لـ120 “هجوما سيبرانيا هائلا” في 20 يوما الماضية

مزيج من الحقيقة والأكاذيب

ومساء يوم الجمعة 25 نوفمبر الماضي، تم الكشف عن هذه النشرة السرية نتيجة اختراق مجموعة الهاكرز “بلاك ريوارد” لوكالة أنباء “فارس”، حيث أعلنت على حصولها على عشرات النشرات السرية لهذه الوكالة الإخبارية والتي تم إعدادها للمؤسسات الأمنية والعسكرية في البلاد.

وكما جرت العادة، نفى مديرو وكالة فارس للأنباء هذه القضية في البداية واعتبروا الخبر في المجمل غير مهم. ولكن مع نشر بعض الوثائق والصور الأصلية من الأنظمة الداخلية لهذه الوكالة الإخبارية، أصبح من الواضح أن المحتوى المخترق، خلافا لما أدعى مديرو هذه الوكالة، لم يعد تافهاً وغير مهماً، وخصوصاً بعد تضمنه مجموعة واسعة من الأخبار والصور وبيانات الأرشيف.

ومع اتساع نطاق المعلومات المسربة، اعترفت وكالة فارس أخيرًا، يوم الأربعاء الموافق 30 نوفمبر، أن المهاجمين اخترقوا نشرات هذه الوسيلة الإعلامية، لكنها في الوقت نفسه، أكدت أن النشرات التي تم حذفها من النظام كانت فقط (مراقبة منصات إعلامية وشائعات عبر الإنترنت وادعاءات إعلامية أجنبية) وليست نشرات ذات أهمية تذكر كما يشاع.

وفي تكملة تصريحها، أعلنت وكالة فارس كذلك أن مجموعة الهاكرز “بلاك ريوارد” استطاعت حذف معلومات وبيانات يوم الجمعة. هذا، بينما أعلنت مجموعة الهاكرز نفسها عن حذف ما يقرب من 250 تيرابايت من البيانات من جميع الخوادم وأجهزة الكمبيوتر الخاصة بهذه الوكالة في رسالة نشرتها على الصفحة الأولى لموقع أخبار فارس.

وأظهرت أحداث الأيام الأخيرة من الأسبوع أن البيانات المعلوماتية لهذه النشرات الإخبارية حساسة بدرجة كافية لتصبح الموضوع الرئيسي للشبكات الاجتماعية ووسائل الإعلام الناطقة باللغة الفارسية. إذ سرعان ما دشن مغردون إيرانيون على منصة تويتر هاشتاج #فارس_گیت و#فارس_فایل. وكالنار في الهشيم، أصبح هذا الموضوع الأكثر تداولاً في معظم أنحاء البلاد.

وكالة “فارس” الايرانية خارجة عن الخدمة بعد هجوم سيبراني كبير

محاولة لاحتواء الأزمة

ومع تصدر هذه القضية “الترند الإيراني”، ظهرت شخصيات أصولية شيئًا فشيئًا، على الشاشات الإعلامية لتحليل وتفسير ما حدث. حيث كتب في البداية رئيس مركز التقييم الاستراتيجي ومراقبة تنفيذ السياسات العامة للنظام، ياسر جبرائيلي، على صفحته على تويتر: “أرسلت رسالة في العام الماضي، إلى السيد عباس درويش ومجتبى توانجر الرئيس التنفيذي لوكالة أنباء فارس، مفادها أن المعلومات التي تنشرها عني خاطئة. قال لدي وثيقة تؤكد ذلك. قلت: لذلك سأتخذ موقفًا عامًا إلى أن تنشروا الوثيقة. اتخذت موقفا، لكن لم يكن هناك أي ذكر لوثيقة أو مستند. الأمر نفسه يشبه ما حصل مع النشرة الإخبارية التي تم الكشف عنها أمام العلن هذه الأيام تحت اسم نشرة أخبار فارس! إذ ما جاء فيها ادعاء لا صحة له”.

وأضاف في تغريدة أخرى: “هذه الوثيقة ليست نشرة إخبارية تخص شخص أو وكالة أنباء. إنما كانت سلاحًا سياسيًا قذرًا صُممت حقيقته وأكاذيبه عن قصد لتقوية العناصر المرغوبة لحركة معينة وإضعاف عناصرها غير المرغوب فيها. ولتحقيق هذا الهدف لم يتردد صانعها في الكذب على أحد”.

بالإضافة إلى ذلك، كتب عضو مجلس الإعلام الحكومي، إحسان صالحي، ردًا على هذه النشرات: “فتيل النشرات غير المجدية هذه، يقوم بإشعاله شخص ينشر نفس الأشياء منذ سنوات دون تحقيق أي هدف يذكر، الغريب، أنه لا أحد يأخذ بكلامه. هل بالإمكان تصديقه؟”

وفي السابق، حذر العديد من النشطاء السياسيين المستقلين والمعتدلين من الأخبار التي لا أساس لها من قبل وكالات الأنباء الأصولية، وقالوا: “إن دخان نشر أخبار كاذبة وغير موثقة ولا أساس لها، يشاهده أيضًا بين الحين والآخر قامات الجانب الأيمن”. إلا أنه تم تجاهل هذه التذكيرات.

الخبر المنسوب للمرشد الأعلى في النشرة غير دقيق وغير كامل ومزيف

واعتبر عضو مكتب حفظ ونشر أعمال المرشد الأعلى أن الخبر المنسوب إلى المرشد الأعلى الإيراني في النشرة المسربة غير دقيق وغير كامل ومزيف.

وكتب عضو مكتب حفظ ونشر أعمال المرشد الأعلى، مهدي فضائلي، في حسابه الشخصي على تويتر: “بالإضافة إلى حقيقة أن معظم الأخبار والمواقف المنسوبة إلى المرشد الأعلى في النشرة الإخبارية المسربة باطلة لكونها غير دقيقة وغير كاملة ومزيفة في بعض الأحيان، إلا أنه يجب الانتباه أيضاً إلى النوايا الواهية للعدو لتقديم أخبار كاذبة بعنوان “أخبار حقيقية” في هذه النشرة السرية”.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

7 + سبعة عشر =

زر الذهاب إلى الأعلى