“إيران على عتبة اليورانيوم المطلوبة”.. توصية إسرائيلية باتفاق جديد
تعتقد شعبة الاستخبارات في الجيش الإسرائيلي أن على "إسرائيل" عقد صفقة نووية جديدة مع إيران، تحل مكان الصفقة السابقة التي انهارت.
ميدل ايست نيوز: صحيفة “إسرائيل هيوم” الإسرائيلية تنشر مقالاً لمحلل الشؤون العسكرية يوآف ليمور، يتحدّث فيه عن خشية إسرائيلية غربية من وصول إيران في غضون أسابيع معدودة إلى كمية كافية من اليورانيوم المخصّب لصنع قنبلة نووية، ويصف الاتفاق النووي السابق بأنه “أهون الشرور”.
في ما يلي نص المقال منقولاً إلى العربية:
تعتقد شعبة الاستخبارات في الجيش الإسرائيلي أن على “إسرائيل” عقد صفقة نووية جديدة مع إيران، تحل مكان الصفقة السابقة التي انهارت.
في “إسرائيل” يتابعون في الأشهر الأخيرة بقلقٍ متزايد التقدّم في البرنامج النووي لإيران، وأجهزة الاستخبارات في الغرب موحدة في رأيها بأن طهران من اليوم فصاعداً باتت في وضعٍ يمكنها فيه الانتقال فوراً إلى تخصيب يورانيوم بمستوى عسكري بنسبة 90%، والوصول في غضون أسابيع معدودة إلى كمية كافية من اليورانيوم المخصّب لصنع قنبلة نووية.
صحيح أن إجراءاتٍ أخرى ترتبط بصنع قنبلة وإنجازها ستستغرق نحو عامين، لكنّ إيران يمكنها من الآن، إذا قررت ذلك، أن تتموضع كدولة عتبة نووية تمتلك قدرة ومعرفة لن يكون بالإمكان انتزاعها منها.
صفقة “أهون الشرور”
الخشية من وتيرة مراكمة اليورانيوم المخصب بمستوى مرتفع، ومن الكمية المتراكمة، مثُلت في صلب رغبة إدارة بايدن في العودة إلى الصفقة النووية الأساسية، التي انسحبت منها إدارة سلفه ترامب عام 2018.
الأميركيون تعهدوا في البداية بأنّ الاتفاق المستجد الذي سيحققونه سيكون أطول وأقوى، لكن لاحقاً تراجعوا عن هذا المطلب ووافقوا على العودة إلى الاتفاق السابق.
وإيران تحديداً هي مَن وضعت العراقيل، ونسفت عملياً العودة إلى الاتفاق، وهي التي أصرت على عدم التعاون مع طلب الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالإجابة على مسألة “الملفات المفتوحة”.
جهات مهنية في “إسرائيل” كانت مختلفة في الرأي بشأن العودة إلى الاتفاق الأصلي.
في الموساد، المسؤولون عن الملف الإيراني، عارضوا ذلك بشدة، وقالوا إنّ الاتفاق سيكون ممكناً فقط في حال أبعد إيران فعلياً عن النووي لمدة طويلة، وتضمّن عناصر إضافية مثل منع التعاظم، ووقف الأنشطة الإرهابية.
في المقابل، في “أمان” يعتقدون بأنّ الاتفاق السابق يعتبر “أهون الشرور”، وأنّ إمكانية الرقابة على إيران من دون اتفاق هي إمكانية محدودة جداً، وفي الواقع إنها حرّة في الوصول إلى المستوى النووي عندما تقرر.
الاتفاق لم يُفرض
المستوى السياسي، بدايةً برئاسة نفتالي بينيت ثم يائير لابيد، أخذ جانب موقف الموساد، لكنّ السجال الداخلي الإسرائيلي هذا كان إلى حدٍ كبير عقيماً، فالولايات المتحدة وإيران لم تتوصلا إلى اتفاق أسساً.
وفي الأسبوع الماضي كُشف تسجيل للرئيس بايدن قال فيه إن الاتفاق مات، بالرغم من أنّ الشركاء الآخرين فيه مثل الصين، روسيا، بريطانيا، فرنسا وألمانيا، لم ينسحبوا من الاتفاق، ومن دون انسحابهم فإنّ الاتفاق لا يزال قائماً رسمياً.
هذا الواقع، الذي فيه الاتفاق قائم لكن غير مفروضٍ فعلياً، يُقلق “إسرائيل” كثيراً.
صحيح أنّ إيران تريثت نحو عام منذ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي إلى أن بدأت بنفسها بخرق التزاماتها وفق الاتفاق، لكن من اللحظة التي فعلت فيه هذا سجّلت تقدّماً مهماً سواء في مستوى اليورانيوم المخصّب أو في كمية اليورانيوم التي راكمتها، أو في أجهزة الطرد المركزي المتقدّمة التي ركبتها، أو حتى في تشغيلها في المنشأة تحت الأرض المحفورة في قلب جبل في فوردو كي تكون محصّنة من هجمات.
هذا القلق الإسرائيلي تُرجم في جزءٍ منه إلى حث الاستعدادات العسكرية لإمكانية شن هجومٍ في إيران. كجزءٍ من ذلك أُعدت في “الجيش” الإسرائيلي 3 خيارات عمل، لكن احتمال أن تعتمدها “إسرائيل” منخفضة لعدة أسباب، بدءاً من تراجع فرص النجاح، مروراً بالخشية من أن ترمم إيران قدرتها في وقتٍ قصير بل وحتى تحظى بدعمٍ دولي لذلك، وصولاً إلى تقديرات بأن أي هجوم ضد إيران سيؤدي إلى معركة إقليمية واسعة النطاق.
تنازلات مقابل تخفيف العقوبات
إلى ذلك، تتزايد الأصوات في “إسرائيل” التي تعتقد أنه حان الوقت لدفع صفقة نووية جديدة. الهدف هو بلورة تحالفٍ دولي يتوصل إلى اتفاقٍ تكون الصيغة فيه “المزيد مقابل المزيد”؛ كلما تنازلت إيران في المدة الزمنية التي سيسري فيها الاتفاق، في المواد وفي المعرفة التي راكمتها، وتوافق على التنازل عنها، وكذلك في مجالات أخرى، ستحصل على تخفيفٍ في العقوبات الدولية عليها.
ويعتقدون في “أمان” أنّ إدارة بايدن (وكذلك الدول الأوروبية) ستكون شريكة في فكرة كهذه، أيضاً بسبب تعهدها بعدم السماح لإيران بامتلاك سلاحٍ نووي، وكذلك لأنها ترغب في إزالة المسألة عن جدول الأعمال الأميركي والدولي.
المشكلة الأساسية يُتوقع أن تكون في انعدام الثقة العميق بين طهران وواشنطن؛ الإيرانيون لا يعوّلون على الأميركيين ولا يثقون بهم، ويخشون من أنه مع صعود إدارة جديدة إلى السلطة في سنة 2024، من الممكن أن تنسحب مرة أخرى من الاتفاق مثلما فعلت إدارة ترامب.
خشية إيرانية إضافية، ثارت خلال المداولات الأخيرة لاستئناف المفاوضات النووية، ترتبط بالتظاهرات الجارية في إيران منذ 3 أشهر. إيران أعربت عن خشية في المحادثات من أنّ الأميركيين سيرفعون العقوبات في مسألة النووي، لكنهم سيفرضونها من جديد بذريعة “حقوق الإنسان”.
لا حل جاهزاً لدى الغرب
في “إسرائيل” يعتقدون أنه في ظل غياب اتفاق، إيران ستكون في وضعٍ خطر ليس للغرب حل جاهز حياله.
“أمان” تشير إلى أن الحرب في أوكرانيا “طبّعت” النقاش في موضوع النووي، وفي الأساس جلّت الرسالة بأنه لا يمكن هزيمة دولة تمتلك سلاحاً نووياً.
صحيح أن إيران تمتنع في المرحلة الحالية عن تحويل هذه الدروس إلى خطة عمل، لكنها قد تفعل هذا إذا اضطرت أو شعرت بحرية عمل.
لذلك، من المتوقع أن توصي “أمان” الحكومة الجديدة بأن تبلور من الآن خيارات لاحتمال أن تحاول إيران الاختراق إلى النووي، ودفع هذه الخيارات بعدة طرق، من بين جملة أمور في محاولة بلورة اتفاقٍ جديد.
ليس واضحاً كم سيؤيد نتنياهو هذا الموقف، وكيف سيقود علاقاته وعلاقات حكومته الجديدة مع إدارة بايدن، ومع الحكومات في أوروبا الغربية.
في “أمان” يرون في ذلك موضوعاً مركزياً للعمل، من بين عدة أمور بسبب التداعيات الواسعة على جملة من القضايا في الشرق الأوسط، على رأسها الاستقرار الإقليمي.