كيف تعاملت إيران مع فنانين شاركوا بالاحتجاجات؟

أفرجت السلطات الإيرانية أمس الأربعاء عن نجمة السينما ترانه علي دوستي، بعد أكثر من أسبوعين على اعتقالها.

ميدل ايست نيوز: أفرجت السلطات الإيرانية أمس الأربعاء عن نجمة السينما ترانه علي دوستي، بعد أكثر من أسبوعين على اعتقالها إثر نشر صورتها بلا حجاب مع لافتة كتبت عليها “المرأة، الحياة، الحرية”؛ وهي الشعار الرئيسي للاحتجاجات التي اندلعت على نطاق واسع عقب وفاة الشابة مهسا أميني عند احتجازها من قبل شرطة الأخلاق بطهران في سبتمبر/أيلول الماضي.

وذکرت وسائل إعلام إیرانیة أن الممثلة والناشطة النسائية ترانه علي دوستي أُفرج عنها من السجن بكفالة. وكانت قد اعتقلت يوم 17 ديسمبر/كانون الأول الماضي بتهمة “نشر معلومات كاذبة ومفبركة، والتحريض على أعمال الشغب، ودعم التيارات المعادية للبلاد”.

وحسب تقرير لـ”الجزيرة” تُعد ترانه علي دوستي من أشهر الفنانات الإيرانيات، وهي حائزة على جوائز عالمية، وشاركت في مهرجانات دولية. وكتبت في منشور لها على “إنستغرام” تعليقا على تنفيذ حكم الإعدام بحق أحد المحتجين: انتظروا نتائج وتداعيات سفك هذه الدماء.

ودافعت الصحفية كبرى آسوبار في مقالها بصحيفة “إيران” التابعة للحكومة الإيرانية عن اعتقال دوستي، حيث كتبت “عندما نريد أن نؤدي دورا سياسيا فعلينا أن ندفع ثمن اللعبة السياسية، ومن الممكن أن يؤدي هذا إلى السجن أيضا”. وبالمقابل، احتشدت مجموعة من الفنانين رفقة والدي دوستي عند بوابة سجن “إيفين”، مطالبين بالإفراج عنها.

وعلى الصعيد العالمي، أكثر من 500 سينمائي طالبوا بإطلاق سراح ترانه علي دوستي. كما أعلنت مهرجانات لوكارنو وكانْ وبرلينالي عن مواقف مماثلة.

وفي هذا الصدد، أشار المنتج والناشط في مجال السينما الإيرانية مهدي كوهيان إلى تقارير لروابط السينما والمسرح والموسيقى تؤكد اعتقال المئات من الفنانين في احتجاجات الشهور الأخيرة. وأرجع التفاعل الإيراني والدولي مع اعتقال ترانه علي دوستي إلى مشاركتها في مهرجانات عالمية، وللجوائز التي حصدتها.

ومنذ اندلاع الاحتجاجات في سبتمبر/أيلول الماضي، شكّلت رابطة السينمائيين في إيران المعروفة بـ”بيت السينما” لجنة من أجل “الحماية الحقوقية والقضائية للسينمائيين” لمتابعة قضايا المعتقلين أو المتضررين منهم بسبب مواقفهم السياسية.

وأكد عضو اللجنة علي رضا حسيني أنها تتابع عن كثب ملفات قضايا السينمائيين المعتقلين أو “من منعوا من ممارسة عملهم”، على الرغم من عدم التعاون من الجهات المعنية.

اتحاد السينما في إيران يهدد بالإضراب بعد اعتقال عدد من أعضائه

تفاعل واسع مع الاحتجاجات

وعلى صفحتها بمنصة إنستغرام أيضا، تساءلت نجمة السينما الإيرانية فاطمة معتمد آريا “هل ثمة جريمة أكبر من قتل بنات هذه البلاد البريئات؟”. وأضافت “بأي حق فعلتم ذلك؟ وأي مجرم يؤيد هذه الجريمة؟”. وأرفقت منشورها بصورة للشابة مهسا أميني.

وجاءت منشورات ترانه علي دوستي وفاطمة معتمد آريا ضمن سلسلة احتجاجات شارك فيها عدد كبير من الفنانين الإيرانيين، تزامنا مع الأحداث التي رافقت وتلت مقتل الشابة أميني.

وتزامنا مع المظاهرات في الشارع، نشرت فنانات إيرانيات صورهن من دون حجاب لأول مرة، دعما للاحتجاج على قانون الحجاب الإجباري، ومنهن شبنم فرشادجو وكتايون رياحي ومريم بوباني وآبان عسكري ومريم باليزيان وشيفا إبراهيمي.

وبدورها، قدمت الفنانة مهتاب كرامتي استقالتها من منصبها سفيرة اليونيسف للنوايا الحسنة في إيران، اعتراضا على “قتل الأطفال”. ونشرت على حسابها الخاص بإنستغرام صورة كتبت فيها “أنا مهتاب كرامتي كنت دائما في محل يمكن أن أفعل شيئا من أجل الأطفال.. أعلن استقالتي من اليونيسف”.

ومن الفنانات الأخريات اللواتي واكبن الحركة الاعتراضية في البلاد هانية توسلي وباران كوثري وهنغامة قاضياني وبهنوش طباطبائي، إلى جانب فنانين كانت لهن أصوات عبر مواقع التواصل لدعم المحتجين في الشوارع مثل أصغر فرهادي وشهاب حسيني ومهران مديري وحامد بهداد وبجمان جمشيدي.

اعتقال ومنع عمل

وقوبلت المواقف المناهضة للفنانين باعتقالات، وأزيلت صورهم من بعض الميادين، كما قال بعضهم إنهم مُنعوا من العمل، واشتكى آخرون من مصادرة جوازات سفرهم.

وعلّق وزير الثقافة والإرشاد الإيراني محمد مهدي إسماعيلي قائلا إن “الممثلات اللاتي أزلن الحجاب اخترن عدم اتباع القوانين، ونحن في الساحة الثقافية والفنية نستقبل من يتبع القانون فقط”. وأضاف أن “غالبية الفنانين مع القانون، ولكن من يصر على المجاهرة بعدم اتباع القانون، فالقانون لا يحميه”.

وقوبلت تصريحات الوزير بردود شديدة اللهجة من ناشطي وسائل التواصل الاجتماعي، كما علق فنانون مثل حامد بهداد وكتايون رياحي ضد هذه التصريحات، مما دفع الوزير إسماعيلي للعودة بتصريح مرن نسبيا، إذ قال “إذا أخطأ أحد الفنانين فيما يتعلق بالأحداث الأخيرة، فإن طريق العودة مفتوح، ونحن نستقبله في وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي”.

ومن جانبه، قال المنتج مهدي كوهيان إن من أبدوا رأيهم من الفنانين واتخذوا مواقف سياسية لم يتخطوا حقوقهم المدنية والسياسية. وردا على اتهام الفنانين بأنهم “صنعوا من أنفسهم مرجعية سياسية”، قال كوهيان “لو قامت الأحزاب السياسية بمهامها كما يجب في الوقت الذي يتطلب ذلك، فعندها لا الفنانون ولا الناس سيقومون بالدور السياسي”، مشددا على أن “الفنانين لا يُلامون لأن كل ما أرادوه هو دعم شعبهم”.

أهم مجال ثقافي لإيران عالميا

وردا على دعم الفنانين الاحتجاجات، تحدّثت مصادر إيرانية غير رسمية عن منع انتشار صور بعضهم، دون الإعلان عن ذلك رسميا. إلا أن الروايات الشعبية عزّزتها إزالة لافتات إعلانية كانت تضم صورا لفنانين مثل شهاب حسيني وبجمان جمشيدي، في حين تحدث فنانون عن منعهم من العمل.

وفي هذا الصدد، يقول المنتج مهدي كوهيان إن المنع من العمل يعد عقوبة تصدر في حال وجوبها بعد قرار قضائي. ويؤكد أنه لم يشهد أية أحكام قضائية من هذا النوع بحق الفنانين الذين اعتقلوا على أثر الاحتجاجات الأخيرة.

ومن جانبها، نفت وزارة الثقافة والإرشاد أنها منعت أيا من الفنانين من العمل، مؤكدة أنها لا تمتلك صلاحية ذلك أساسا.

وعن تأثير هذه الأحداث على السينما الإيرانية التي تقدم على أنها صاحبة مدرسة عالمية خاصة، يقول كوهيان إن السينما الإيرانية تعد أهم مجال ثقافي فني إيراني على الصعيد الدولي، ولا شك في أن الوضع الأمني في هذه الفترة قلّص من حجم تبادلها عالميا.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

20 − 11 =

زر الذهاب إلى الأعلى