من الصحافة الإيرانية: دروس وعبر من خليجي 25 في البصرة

في الوقت الذي يصبح فيه حضور السيدات شيئًا طبيعياً في في الملاعب، لا تزال إيران في طور إعداد مشروع مدروس بدقة لإمكانية التطبيع مع مثل هذه الحالات.

ميدل ايست نيوز: صادفت المباراة النهائية لبطولة كأس خليجي 25 في استاد البصرة الدولي مع إقامة اتحاد كرة القدم الإيرانية منافسات دورية بين أندية البلاد.

وعلى بعد بضعة كيلومترات، أقيم حدث رياضي فريد من نوعه في المملكة العربية السعودية ضمن فعاليات موسم الرياض، شارك فيه أشهر لاعبو العالم، ليونيل ميسي ومبابي ونيمار، وكريستيانو رونالدو، النجم الجديد لنادي النصر.

وبحسب صحيفة شرق الإيرانية، لم تكن هذه الفعالية الوحيدة التي قامت بها السعودية في مجال كرة القدم الأسبوع الماضي، فقد استضافت أيضاً نهائيات كأس السوبر الإسباني والإيطالي، فإقامة الكلاسيكو في المملكة لألف المرة لن يلفت انتباه وسائل الإعلام العالمية إلى هذا الجزء من الشرق الأوسط.

وفي استاد البصرة الدولي، كانت المنافسة حاسمة ومذهلة للغاية بين الفريقين الذين وصلا للنهائيات (عمان والعراق)، لدرجة أن مستوى الحضور في المدرجات تجاوز جميع المباريات التي أقيمت في كأس العرب.

وبغض النظر عن هذه الأحداث والهوامش الجانبية ذات الصلة، فإن هذه المباريات كانت تحمل رسالة واضحة لكرة القدم الإيرانية، التي تدعي شيئاً في ظاهرها، وتخفي في باطنها أنها متخلفة جداً عن مجريات العالم.

“لم نكن نتوقع من العراق”.. تسمية الخليج لا زالت تثير الجدل في إيران

وكان تزوير اسم الخليج الفارسي أهم موضوع برز على المشهد الإقليمي أثناء استضافة البصرة لخليجي 25 بالنسبة لإيران. إذ لم يقتصر الأمر على العراق (البلد المستضيف) والدول المشاركة الأخرى، بل شمل أيضًا جياني إنفانتينو، رئيس الفيفا، والذي قام بتزييف مصطلح الخليج الفارسي مرتين على صفحته الرسمية على منصة تويتر.

وفي ظل هذه الأجواء الشاحنة، وجه الاتحاد الإيراني لكرة القدم، حسب قوله، خطابًا حاداً إلى فيفا، طلب فيه من إنفانتينو التدخل شخصيًا وتوجيه تحذير جدي لمنظمي هذه المباريات. فيما يشير التكرار المجدد لاصطلاح “الخليج العربي” من قبل رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم لرسالة مباشرة لكرة القدم الإيرانية، والتي أظهرت أنه إما لم يقرأ خطاب الاحتجاج أو أنه لم يعطي المسألة أهمية تذكر.

وعلى مستوى أعلى، في المجال الدبلوماسي، أثار السياسيون الإيرانيون مرارًا وتكرارًا اعتراضاتهم على تزوير اسم الخليج الفارسي، والمريب في الأمر، أنه حال فوز العراق بالبطولة، وعوضاً عن توبيخ العراقيين بشأن هذا التحريف، هنأ السفير الإيراني في بغداد المنتخب العراقي وأعلن أن الشباب العراقي كبلدهم العراق يسير على طريق التقدم والتطور. حيث أثارت هذه التصريحات سخطاً واسعاً لدى الأوساط الإيرانية.

دروس وعبر من خليجي 25

ومع هذا، تضمنت هذه البطولة ما لا يقل عن حدثين أو ثلاثة أحداث جديرة بالملاحظة يجب على كرة القدم الإيرانية من جهة ومسؤولي صنع القرار من جهة أخرى إلقاء نظرة ثاقبة عليها.

الأول، أصبحت قضية حضور السيدات في الملاعب الإيرانية موضوع جدل خلّف وراءه أزمة لسنوات، إذ اقتصر حضور الفتيات لمشاهدة المباريات برفقة عوائلهم فحسب. وعلى النقيض، وبالرغم من الأرضية الثقافية المشتركة بين إيران والعراق والسعودية إلا إن حضور المتفرجات في مدرجات ملاعب البصرة  كان بارزاً للغاية وبعيداً عن أي دون قيود. كانت هذه القضية الأكثر تداولاً في العراق الذي تمكن بعد فترة طويلة من الحصول على حق استضافة حدث مهم كهذا.

وتَظهر مشاهد حضور المشجعات والمتفرجات في بطولة خليجي 25 في الوقت الذي لم تمنع فيه إيران النساء فحسب من دخول الملاعب، بل المتفرجين ككل. ومن المتوقع أن يُسمح للجمهور بدخول الملعب مرة أخرى اعتبارًا من الأسبوع المقبل، مع مراعاة بعض البنود، إذا وافقت المؤسسات المعنية.

والأمر الآخر الذي كان يضر كرة القدم الإيرانية لسنوات عديدة هو قضية الاستضافة. فمن المثير للاهتمام أن يتمكن العراق، البلد الذي مزقته الحروب وعانى ما عاناه من وطأة الأزمات، من استضافة هذا الحدث تحت إشراف الفيفا، فيما لم تنجح إيران في ذلك لفترات طويلة، وبالإضافة إلى ضعفها في كسب التأييد من قبل الجهات المعنية، فإنها لا تملك البنية التحتية اللازمة لمثل هذا الحدث.

نقطة أخرى جديرة بالملاحظة هي استخدام تقنية VAR المتطورة في ملعب البصرة، والتي ساعدت الحكام بشكل ملحوظ في هذه البطولة. فهذه المسألة هي واحدة من تلك القضايا الغير مبررة بتاتاً من جميع الزوايا في إيران.

والغريب أن العراق يستخدم أحدث نظام في ملعبه، في حين لا تزال كرة القدم الإيرانية عالقة في عملية استيراد أو عدم استيراد هذه التقنية وتدريب الحكام أو عدم تدريبهم على استخدام هذه التكنولوجيا.

وفي هذا الصدد، وبعد سنوات من التخلف عن دول مثل قطر والسعودية، اضطرّ الاتحاد الإيراني لكرة القدم لاستخدام تهديدات متكررة لإجبار الأندية على استخدام تقنية VAR.

وفي الوقت الذي يصبح فيه حضور السيدات شيئًا طبيعياً في الملاعب ومباريات كرة القدم، واستخدام تقنية VAR أمراً لا غنى عنه في العراق ودول الجوار، لا يزال أصحاب القرار في إيران في طور إعداد مشروع مدروس بدقة لإمكانية التطبيع مع مثل هذه الحالات وإدخالها حيز التنفيذ في البلاد.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

19 + أربعة عشر =

زر الذهاب إلى الأعلى