تقرير: لهذه الأسباب أحجم العرب عن التفاعل مع احتجاجات إيران
سلط مركز ويلسون الأمريكي الضوء على ما وصفها بإحجام وتحفظ وتردد العالم العربي عن التفاعل مع الاحتجاجات الأخيرة في إيران.
ميدل ايست نيوز: سلط مركز ويلسون الأمريكي الذي يركز على تحليل ومعالجة القضايا العالمية، الضوء على ما وصفها بإحجام وتحفظ وتردد العالم العربي عن التفاعل مع الاحتجاجات الأخيرة في إيران، والتي اندلعت بسبب وفاة الشابة مهسا أميني (22 عاما).
وفي 16 سبتمبر/ أيلول 2022، اندلعت احتجاجات بأنحاء إيران إثر وفاة أميني (22 عاما) بعد 3 أيام على توقيفها لدى “شرطة الأخلاق” الإيرانية المعنية بمراقبة قواعد لباس النساء، وأثارت الحادثة غضبا شعبيا واسعا في الأوساط السياسية والإعلامية بإيران، وسط روايات متضاربة عن أسباب الوفاة.
وبينما أظهر العالم دعمًا فوريًا للنساء الإيرانيات الغاضبات اللائي نزلن إلى الشوارع، ظلت ردود الفعل من الحكومة العربية صامتة بشكل ملحوظ.
وفي تحليله لذلك، حدد الأكاديمي المتخصص في شؤون السياسية الخارجية عمر مُنصّر عدد من العوامل السياسية والأيديولوجية والاجتماعية التي تحد من اتخاذ العرب موقفا صريحا من الاحتجاجات المناهضة للنظام في طهران.
سياسيا
وفق مُنصّر، فإن العديد من الحكومات العربية ولاسيما الموجودة في الخليج لديها علاقات معقدة مع إيران.
فدول مثل السعودية والإمارات والبحرين لديها موقف عدائي تجاه إيران، في حين أن العراق وسوريا والجزائر تحتفظ بعلاقات وثيقة وأيديولوجيات مماثلة.
وتحاول عُمان الحفاظ على توازن بين إيران والسعودية، في حين لدى قطر روابط اقتصادية قوية مع إيران والتي نمت أقوى فقط في السنوات الأخيرة بعد حصار مجلس التعاون الخليجي في عام 2017.
وأشار إلى أن تلك الدول قد لا تؤيد قمع الاحتجاجات، لكنهم يرون إيران أيضًا منافسًا إقليميًا وقد لا يرغبون في إعطاء انطباع بدعم المعارضة المحلية، مما يسمح لطهران بتبرير سياساتها التدخلية في أماكن أخرى من المنطقة.
من الصحافة الإيرانية: ما هو سر الصمت العربي تجاه أحداث إيران؟
وذكر أن الدول العربية لديه حالة عدم يقين بالاحتجاجات ويرجع ذلك لأربعة مخاوف:
أولاً: أنه من غير الواضح ما إذا كانت موجة الاحتجاجات ستكون أكثر تأثيرًا من الموجات السابقة في التأثير على النظام، وبالنظر إلى الإخفاقات السابقة للاحتجاجات في تحقيق مطالبها، من المفهوم أن يتوقع العرب أن تفشل الاحتجاجات الحالية أو تظل مركزة فقط على الإصلاحات دون أن تهدف إلى تغيير النظام.
ثانيًا: احتمال قيام النظام بالانتقام على الدول المجاورة والمصالح إذا تصاعدت الاحتجاجات إلى حد الإطاحة بالحكومة
ثالثًا: ما إذا كان دعم التظاهرات سيضغط على النظام للرد بشكل إيجابي على مفاوضات خطة العمل الشاملة المشتركة أو العكس.
رابعًا: كيف سيبدو النظام الجديد إذا سقط النظام في طهران ودور مجموعات المعارضة التي ابتليت بالفعل بالانقسام الداخلي الحاد.
قد يكون تردد الحكومات العربية في التعليق حول تعامل السلطات الإيرانية للاحتجاجات راجع إلى خوفها من تأثير الدومينو واحتمالية حدوث عدوى ثورية كما حدث في انتفاضات الربيع العربي، فضلا عن التقويض المحتمل لهكذا خطوة لعلاقاتها الأيديولوجية مع إيران.
ويمكن القول إنه من الواضح أنه منذ انتفاضات الربيع العربي، عمل التغيير في ديناميكية القوة في المنطقة لصالح إيران، مما سمح لها بتوسيع محور المقاومة الذي تقوده، لا سيما على حساب السعودية.
من ناحية أخرى، قد تتجنب هذه الحكومات العربية اتخاذ موقف من هذه القضية لتجنب لفت الانتباه إلى تاريخها الخاص في قمع الاحتجاجات وإثبات حسن نيتها وعدم التدخل في السياسة الداخلية لإيران على أساس مبدأ حسن الجوار والمزايدة الأخلاقية
وبالتالي، فإنهم يعتقدون أن هذا من شأنه أن يعزز مواقفهم التفاوضية مع إيران بشأن القضايا العالقة والمعقدة ويعزز شرعيتهم في المجتمع الدولي.
اجتماعيا وثقافيا
يشترك العرب والإيرانيون في نفس المنطقة والدين. ومع ذلك، يتمتع كلاهما بتراث متميز ويبعث على الفخر، ويتحدثان لغات مختلفة ويتبعان فروعًا مختلفة للإسلام، حيث يغلب العرب على السنة بينما يكون الإيرانيون شيعة.
تخلق هذه الاختلافات الثقافية واللغوية حواجز اتصال وصورة نمطية ثنائية، مما يجعل من الصعب فهم المصالح والمطالب المشتركة الحالية لبعضنا البعض.
تركز وسائل الإعلام العربية والخليجية في المقام الأول على نفوذ إيران الإقليمي وصراعات القوى، لكنها لا تولي اهتمامًا كبيرًا للقضايا المحلية مثل الاحتجاجات الشعبية وانتهاكات حقوق الإنسان ضد الأقليات.
أدى الافتقار إلى وسائل إعلام عربية هادفة ومخصصة للتغطية المتعمقة للمجتمع الإيراني إلى زيادة الانقسام بين الشعبين العربي والإيراني
ووفق مُنصّر فإن التنميط الإعلامي المتعمد الذي يصور إيران فقط من خلال نظامها وسلوكها الإقليمي، من منظور ديني ضيق، يحجب الصورة العامة للمجتمع الإيراني ويقوض ثقة وتعاطف الجمهور العربي.
في المقابل، تمتلك إيران جهازًا إعلاميًا واسعًا يستهدف كلا من الجماهير العربية والإيرانية ويعكس وجهات نظر النظام الإيراني ويعرض الأحداث السياسية من خلال عدسات أيديولوجية وطائفية.
وخلص مُنصّر إلى أنه في ضوء تلك المعطيات فمن غير المرجح أن نشهد ردود فعل عربية حاسمة على الاحتجاجات في إيران في أي وقت قريب.