من الصحافة الإيرانية: ما هو سر الصمت العربي تجاه أحداث إيران؟

التزمت الدول العربية الصمت تجاه أحداث إيران إلى حد كبير وهو أمر يمكن تفهّمه نظراً إلى التداعيات السلبية للغاية التي ستهدد سلطة الحكام العرب.

ميدل ايست نيوز: بينما سارعت دول العالم لإدانة الأحداث الأخيرة في إيران، التزمت الدول العربية الصمت إلى حد كبير وهو أمر يمكن تفهّمه نظراً إلى التداعيات السلبية للغاية التي ستهدد سلطة الحكام العرب.

وفي شهرها الثاني، لم تفارق الاحتجاجات شوارع وجامعات ومدارس إيران، حيث لا يزال الاستنفار الأمني في جميع المحافظات الإيرانية حيز التنفيذ فيما يسيطر التوتر على أجواء البلاد.

وخلال هذه الفترة، اتخذت قادة العديد من الدول الغربية مواقف على الأحداث في إيران، حيث تبنت الولايات المتحدة وأوروبا رسميًا موقفًا داعمًا للاحتجاجات ووعدت بفرض المزيد من العقوبات ضد الحكومة الإيرانية.

وفي هذا الصدد، فرضت الولايات المتحدة وكندا عقوبات على بعض الشخصيات ذات الصلة بشرطة الأخلاق، في حين التزمت الدول العربية الصمت حيال كل ذلك.

وبما لا شك فيه، فإن أي انتفاضة وسخط شعبي في منطقة الشرق الأوسط يشكل تهديدا للأمن الاستراتيجي والنفوذ الإقليمي للدول العربية، وخاصة السعودية، بصفتها زعيمة تكتل الدول السنية في المنطقة.

ومن هذا المنطلق فإن أي حادث في منطقة الشرق الأوسط يعتبر تهديدا حقيقياً لاستقرار السعودية، ونتيجة لذلك تحاول الأخيرة وحلفاؤها اتخاذ موقف بنّاء وحكيم تجاه أي نشاط يهدد كيانها.

ولنا في أحداث الربيع العربي، واحتجاجات يناير 2017 ونوفمبر 2018 في إيران خير مثال، حيث كانت مواقف قادة الدول العربية في الغالب حذرة ومتماشية مع عدم دعم المحتجين بشكل مباشر في تلك الدول.

وخلال الاحتجاجات الإيرانية عام 2019، رفضت الدول العربية، وخاصة السعودية، التعليق بشكل مباشر، حيث كان رد فعلها الوحيد مقتصرًا على تصريح ملك المملكة العربية السعودية، سلمان بن عبد العزيز، في الاجتماع التشاوري السنوي السعودي في 20 نوفمبر 2019، قال خلاله: “سلوك الجمهورية الإسلامية أضر بالشعب الإيراني. نتمنى أن تحكّم الحكومة الإيرانية موقفها بتعقل وتدرك أنه لا سبيل لتجاوز القوانين الدولية التي لا تتوافق مع سلوك هذا البلد “.

وفي وقت سابق، كتب المدير الأسبق لقناة العربية، عبد الرحمن الراشد، مقالاً ذكر بوضوح فيه أن: “تغيير النظام في إيران لن يصب في مصلحة أحد، لكن يجب على الساسة في طهران اتباع نهج سياسي آخر يتوافق مع متطلبات شعب هذا البلد”.

تخشى الدول العربية من نشوب الاحتجاجات في بلدانها، خاصة بعد أحداث الربيع العربي وما خلفه من تبعات سيئة لها. من ناحية أخرى، أرجحت وسائل إعلام ومحللون عرب أن الربيع العربي كان امتدادا لاحتجاجات شعبية لإيران عام 2009.

فيما اشتدت وتيرة الربيع العربي عام 2011 بعد الاستياء العام من الوضع الاقتصادي السيئ في تونس. بحيث أثرت هذه الحركة على الفور على دول ليبيا ومصر وسوريا. في حين أدت تلك الاحتجاجات في ذلك الوقت في النهاية إلى الإطاحة بالأنظمة الحاكمة في تونس وليبيا ومصر واليمن.

وأثناء احتجاجات إيران في يناير 2018، أعربت قطر وتركيا رسميًا عن معارضتهما لاحتجاجات إيران وأعلنا أن هذه الحركة منظمة ومدارة من قبل الخارج. وبدورها نشرت قناة الجزيرة حينها، تقريراً أعلنت فيه أن احتجاجات إيران انطلقت بدعم وتحريض أجنبي.

من ناحية أخرى، أظهرت استطلاعات الرأي بين دول العالم العربي، وخاصة البلدان المسلمة السنية، أن هناك انطباع سلب عن سياسات الحكومة الإيرانية، الأمر الذي أدى إلى تضامن شعبي عربي مع الاحتجاجات في إيران.

بالمثل، أظهرت استطلاعات الرأي التي أجراها معهد واشنطن ومعهد الزغبي الدولي في عام 2019، الرأي المخالف لشعوب الدول العربية تجاه الحكومة الإيرانية. سبب هذا الرأي هو بعض السياسات التي كانت تتبعها إيران في المنطقة، مع بعض الاستثناءات بالطبع. حيث كان لمليوني شيعي لبناني وحوالي 400 ألف شيعي في البحرين رأي مختلف، وهو دعم إيران والوقوف بصفها ضد المؤامرة التي تواجهها.

ايضاً، 80 إلى 90 في المائة من سكان مصر والأردن والسعودية والكويت والإمارات كانت لديهم نظرة مخالفة لسياسات إيران في هذه الاستطلاعات. يشار إلى أن السكان الشيعة في هذه البلدان أبدو رأيًا إيجابيًا تجاه سياسات إيران.

وبالأمس، نشرت مجلة “كونفرسيشن” تقريراً عن الاحتجاجات في إيران وقالت: “هذه الاحتجاجات جذبت أنظار النساء في المنطقة وإعلانهن عن التضامن والتعاطف على مواقع التواصل الاجتماعي. وتجدر الإشارة إلى أن قوانين مثل الحجاب تعترض عليها العديد من النساء في المنطقة، وهذه القوانين ليست خاصة بإيران فحسب، فالمعاناة من قانون الحجاب الاجباري مشتركة بين نساء دول هذه المنطقة”.

وفي المحصلة، رجحت دراسة “معهد واشنطن”، نوفمبر 2019، في تحليلها سبب صمت العرب وعدم تدخلهم في الاحتجاجات الداخلية لإيران، يعود إلى خوف السلطات العربية من قوة إيران (شرطي المنطقة كما وصفها قادة دول عربية) وإجراءاتها الانتقامية مقابل أي موقف يصدر من قادة تلك الدول.

على صعيد آخر، خلال احتجاجات إيران نوفمبر من ذلك العام، كتبت مجلة “الدبلوماسية الحديثة” مذكرة أشارت فيها إلى أن عدم تماسك العرب على قرار واحد هو الجذر الأساس في عدم إبداء رأي تجاه الأحداث في إيران.

وذكرت المذكرة أيضا، أن الاختلاف بين الدول العربية في دعم المحتجين الإيرانيين لا يرجع إلى اختلافهم في تقييمهم لطبيعة الاحتجاجات في إيران، بل إنه يشير إلى وجود فجوة بين الائتلافات في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا حول قيادة المنطقة.

بمعنى أوضح، فشلت القيادة السعودية في وقت سابق، بحصارها الاقتصادي والعقوبات التي فرضتها على دولة قطر، كذلك لاقت فشلاً ذريعاً في تدخلها العسكري في اليمن والسعي إلى ممارسة السلطة في لبنان. من ناحية أخرى، سعت تركيا وبرغم خلافاتها السابقة مع إيران بالتقرب من قطر ومقاطعة السعودية.

وأخيراً، تعتبر مصر نفسها زعيمة بلا منازع للعالم العربي، رغم أنها لم تستطع لعب دور قيادي واضح في المنطقة، لكنها تحاول جاهدة فتح طريق للوصول إلى هذا الهدف.

بيت القصيد، أدت هذه الهشاشة في التماسك والوحدة في المنطقة العربية إلى خلل في تقييم قادة هذه الدول فيما يتعلق بدعم أو عدم دعم المتظاهرين الإيرانيين ونتيجة لذلك تختلف ردود أفعالهم على هذه الأحداث.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
هم ميهن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أربعة × 3 =

زر الذهاب إلى الأعلى