من الصحافة الإيرانية: صورة ثلاثية الأبعاد لمفاوضات غروسي في طهران
في ظل أجواء التوترات المتصاعدة بين إيران والغرب، أظهر المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية لهجة إيجابية خلال زيارته إلى طهران معربًا عن تفاؤله تجاه حل القضايا مع إيران.

ميدل ايست نيوز: في ظل أجواء التوترات المتصاعدة بين إيران والغرب، أظهر المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية لهجة إيجابية خلال زيارته إلى طهران معربًا عن تفاؤله تجاه حل القضايا مع إيران.
وبحسب صحيفة دنياي اقتصاد، يمكن أن تؤثر الرحلة، التي تمت قبل أيام قليلة من الاجتماع ربع السنوي لمجلس المحافظين، على نتائج هذا الاجتماع إذا توصلت إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى اتفاق وحالت دون إصدار قرار قاسٍ ضد إيران وأيضًا أن يكون أساسًا للموازنة بثقل الاتفاقات التكتيكية والمؤقتة.
لماذا تحتاج إيران والغرب إلى زيارة غروسي في هذا الوقت، وما هي الاتفاقات التي من المحتمل أن يتم التوصل إليها في هذه الرحلة، وإلى أي مدى ستكون تأثيرات هذه الرحلة على النتائج المقبلة وإعطاء المصداقية للمفاوضات من جديد؟ سنتطرق في مقالنا هذا إلى ثلاث صور مهمة ومعترف بها خلال هذه الرحلة والاجتماعات رفيعة المستوى والمكثفة لغروسي.
الصورة الأولى؛ حاجة إيران والغرب لهذه الرحلة
زيارة المدير العام للوكالة إلى طهران، والتي أثارت الكثير من التكهنات منذ أشهر قليلة، فعالة للغاية في كسر الجمود في الوضع الحالي الذي ألقى بظلاله على العلاقات بين إيران والغرب منذ سبتمبر من العام الماضي.
عدة أسباب تدفع الغرب للخوض في هذا الحدث. الأول هو النمو السريع لتخصيب اليورانيوم في منشآت فوردو، والتي ورد ذكر مقدارها ونقاوتها في تقرير الوكالة الأسبوع الماضي قبل رحلة غروسي إلى طهران. أما السبب الثاني، فهو اتساع الفجوات في المراقبة والتحقق بسبب تعليق بعض التزامات الحماية الإضافية من قبل إيران، والتي تم وضعها على جدول الأعمال خطوة بخطوة بسبب سلوك الغرب بعد انسحاب ترامب من الملف النووي.
ويعد الأمل بتعاون مكثف بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية، سبباً ثالثاً لرغبة الغرب في التفاوض مع إيران، وهو ما كان يبحث عنه منذ فترة طويلة متبعاً سياسة العصا والجزرة، وقد شهدنا على مثال حي لهذه السياسة، من خلال التقرير غير المتوقع للمدير العام الأسبوع الماضي، والذي ضغط على طهران لاستضافة غروسي.
وفي المقابل، تحتاج إيران أيضًا إلى مثل هذه الرحلة. حيث كشف اجتماع مجلس المحافظين يوم الاثنين 6 مارس هذا الاحتمال بعد صدور قرارين في اجتماعات سابقة لهذا المجلس، أنه إذا لم يسافر غروسي إلى طهران ولم تتوصل إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى تفاهمات أولية، سيصدر قرار صارم وتحال القضية إلى مجلس الأمن فيما يتعلق بالتوتر الكامل والأجواء التي تعيشها إيران والعواصم الغربية، والذي سيضع إيران مرة أخرى تحت الفصل السابع من الميثاق.
وسعى الغرب دوماً لمنع حدوث مثل هذا الأمر، لأن إصدار مثل هذا القرار سيواجه بطبيعة الحال رد فعل مضاد من طهران ووزنًا متساويًا في القرارات، ويمكن أن يحد من عمليات التفتيش المحدودة الحالية ويقلل من الوصول والمراقبة. وقد تكون عاقبة مثل هذه الأجواء المشحونة المزيد من التوتر، ودخول الأطراف في أزمة وسد الثغرات في أي اتفاق مؤقت وتكتيكي.
الصورة الثانية؛ الاتفاقات المحتملة
كانت المناقشات حول قضايا الضمانات المتبقية وبعض حالات الخلافات الفنية والقانونية بين إيران والوكالة على جدول أعمال جولتي المفاوضات بين غروسي وإسلامي. وكانت وفود الوكالة الفنية والخبراء برئاسة ماسيمو أبارو (نائب غروسي)، في طهران في الأسبوع أو الأسبوعين الماضيين وأجريت مناقشات بين الخبراء حول الموضوعات المذكورة أعلاه.
وفي استقبال مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي، مساء السبت أكد الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إن امريكا والكيان الصهيوني وعدد من الدول، اتخذت من القضية النووية ذريعة لفرض مزيد من الضغوط على الشعب الايراني؛ مطالبا بالتزام الوكالة الدولية بالحيادية والمهنية وان لا تتاثر بالمآرب السياسية لبعض القوى العالمية.
وفي اشارة الى سجل التعاون الواسع بين ايران ووكالة الطاقة الذرية الدولية، مضافا الى زيارات مسؤوليها المتتالية للجمهورية الاسلامية، اكد “رئيسي” بان ذلك مؤشر على ارادة ايران الحازمة لمواصلة التعاون البناء مع هذه الوكالة الدولية.
واستطرد : ايران دأبت انطلاقا من مبدا حسن النية والوفاء بالعهود، على تنفيذ اكبر نسبة من التعاون مع وكالة الطاقة الذرية الدولية؛ مصرحا “اننا نتوقع من الوكالة ان تحافظ على كامل مهنيتها كي لا تتاثر نشاطاتها بمحاولات القوى السياسية التي تسعى وراء اجندات خاصة”.
الرئيس الايراني، اشار في هذا اللقاء الى ان “امريكا هي اول دولة انتهكت الاتفاق النووي وانسحبت منه، بينما تنصّل الاوروبيون عن الوفاء بعهودهم، لكن ايران التزمت بكامل التعهدات الموكلة اليها وفقا لهذا الاتفاق وذلك بشهادة 15 تقريرا صادرا عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية في هذا الخصوص”.
من جانبه، اعتبر “غروسي”، سير التعاون بين ايران والوكالة الدولية للطاقة الذرية بانه قديم وايجابي، قائلا خلال اللقاء مع رئيسي اليوم : ان استمرار هذا المسار يتطلب تعاونا مستديما ورفيع المستوى من شانه ان يعزز العلاقات بين الجانبين.
الصورة الثالثة؛ النتائج والتبعات
الصورة الثالثة التي تُستنتج من رحلة العمل المكثفة التي قام بها مدير العام للوكالة هي النتائج التي لها تبعات ورسائل على العلاقات بين إيران والغرب، لا سيما موضوع العودة إلى طاولة المفاوضات.
وبالنظر إلى حقيقة أن الممثل الأمريكي الخاص لشؤون إيران روبرت مالي قال قبل رحلة غروسي إننا سننتظر نتائج هذه الرحلة لنضع تقييم أكثر دقة. فما هو مؤكد هو أنه ربما تم إبرام اتفاقات من وراء الكواليس خلال هذه الرحلة، والتي بطبيعة الحال لن يتم الإعلان عنها بسبب طبيعة العلاقات بين إيران والوكالة.
على الرغم من هذه الاتفاقات المحتملة، فإن المنطق يفرض على إيران ألا تخطو خطوة أخرى إلى الأمام في ظل هذه المرحلة الحالية، فالملف النووي قد علّق منذ فترة طويلة، وفي أفضل الأحوال، يركز الغرب على اتفاقية مؤقتة، لذلك لا يجب أن تخطو خطوة أخرى وأن تحتفظ بأذرعها لقياس رد فعل الغرب على رحلة غروسي.
وعلى وجه الخصوص، يمكن أن يكون للاجتماع ربع السنوي لمجلس المحافظين ونتائجه تأثير كبير على دخول طهران الأكثر جدية في عملية التعاون مع الوكالة وتسهيلها.
يمكن أن تكون هذه القضية أساس ومزود الصورة المستقبلية في مجالات مثل تبادل الأسرى والإفراج عن الإيرادات المحجوزة، وفي الخطوة الثالثة يمكن أن تكون أساسًا لإعادة تقييم طاولة المفاوضات لإحياء الاتفاق النووي أو اتفاقيات تكتيكية ومؤقتة.