من الصحافة الإيرانية: ماذا تخفي الوساطة الصينية بين إيران والسعودية؟
من بين كل الآراء ووجهات النظر كانت قضية الوساطة الصينية من القضايا التي حظيت باهتمام واسع في خضم التحليلات والتفسيرات المختلفة بشأن الاتفاق بين إيران والسعودية.

ميدل ايست نيوز: لم يمض الكثير من الوقت منذ إعلان الاتفاق بين إيران والسعودية على استئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما وإعادة فتح سفاراتهما في أراضي البلدين، لتقوم التيارات السياسية والإعلامية الإقليمية والدولية بمناورات واسعة في هذا الصدد وتجري تحليلات وتفسيرات مختلفة حول هذه الخطوة المفاجئة.
وبحسب موقع فرارو الإيراني، يحاول كل من المراقبين والمحللين المختلفين مناقشة وتحليل جانب محدد وجديد من الموضوع المذكور أعلاه وتحليل هذا الحدث من منظور استراتيجي.
هذا، وكانت قضية الوساطة الصينية من القضايا التي حظيت باهتمام واسع في خضم التحليلات والتفسيرات المختلفة بشأن الاتفاق بين إيران والسعودية.
وفي مقابلة مع مهدي مطهرنيا، أستاذ العلوم السياسية والخبير في مجال السياسة الخارجية، حلل موقع فرارو الأبعاد المختلفة لمعاني ودوافع وأهداف النشاط الصيني الأخير في شكل وساطة بين إيران والسعودية وتسهيل عملية التوصل إلى اتفاق لتطبيع العلاقات بين الجانبين.
هل تستطيع روسيا لم شمل إيران وأذربيجان كما فعلت الصين مع السعودية؟
وساطة الصين بالتنسيق مع ملتقى القوى العالمية
وفي الولوج لفحوى والمرمى لمضمون الوساطة الصينية في إطار الاتفاق الأخير بين إيران والسعودية لإعادة العلاقات الدبلوماسية، قال مطهرنيا: “إن تحليل تحركات الصين الأخيرة في إطار الوساطة بين إيران والسعودية مرتبط بمفهوم (ملتقى القوى العالمية). ويعتبر هذا الملتقى في الواقع تحالفًا بين أعضاء متنافسين في ساحة القوة العالمية، ويضم بين صفوفه الولايات المتحدة الأمريكية وإنجلترا وفرنسا وروسيا والصين وألمانيا. هذه الدول من النشطاء تتسم بالمنافسة الشديدة مع بعضها البعض، وقد تصل إلى حد أنه حتى الصداقة الوثيقة فيما بينها يمكن أن تكون مظهرًا موضوعيًا لأخطر العداوات.”
وأضاف: “إذا سألوني اليوم كمحلل للقضايا الدولية، من هو أخطر عدو لأمريكا في النظام الدولي؟ أجيب أن إنجلترا هي الأخطر وليس الصين وروسيا. وعلى الرغم من حقيقة وجود منافسة جادة بين أعضاء ملتقى القوى العالمية، إلا أن لديهم أيضًا تعاونًا وثيقًا مع بعضهم البعض لحماية الهيكل العام المطلوب لهذا الملتقى في الساحة الدولية.”
وبحسب مطهرنيا، فإننا نشهد نفس المسألة بين واشنطن وبكين وقد يكون لها مغزى كبير. وفي ظل هذا الوضع، شهدنا أيضاً تزايد التهديدات الإسرائيلية ضد إيران، والتطبيع السعودية الأخير مع بلادنا، إذ سبق وحددت الرياض علاقات وثيقة وخفية مع إسرائيل وأعادت فتح مجالها الجوي أمام الطائرات القادمة من تل أبيب، وبالطبع لاقت ترحيباً لا بأس منه من حلفائها في الخليج الذي تربطهم علاقة وثيقة مع إسرائيل، والذي قام بتنميتها الغرب ودعم الأطراف في الخليج لتشكيل ائتلاف عربي عبري.
وفي نفس السياق، أكمل الأستاذ في السياسة الدولية: “من المثير للاهتمام أن هذه الأحداث تزامنت مع التقارب بين الصين وإسرائيل والصين مع السعودية ودول عربية أخرى على امتداد الخليج. لذلك، إذا قبلنا حقيقة أن الصين قد اقتربت من السعودية وإسرائيل، وفي نفس الوقت في قضية الجزر الثلاث، فإنه من المتوقع بعد فترة وجيزة من العلاقات الحميمة مع دول مجلس التعاون أن تتخذ موقفًا يصب في مصلحة هذه الدول ويزيد من حدة التهديدات الإسرائيلية بقيادة نتنياهو ضد إيران.”
وشدد مطهرينا: “يجب أن نسأل أنفسنا إذا جاء يوم وهاجمت إسرائيل منشآت بلادنا النووية، فهل يمكن لإيران أن تهدد حقول الطاقة في العالم؟”
وفي الختام قال مطهرنيا: “دعونا لا ننسى أن ضمان طاقتها وأمنها، أي إسرائيل، في ملتقى القوى العالمية قد تم تأكيده بالتعاون مع الصين، وكمحلل، لا يمكنني قبول فكرة أن الصينيين مثلاً قد يتخذون خطوة فردية كهذه دون التنسيق مع الأعضاء الفعالين في ملتقى القوى العالمية، بهدف خفض التصعيد بين إيران والسعودية.”
وأضاف: “ومع ذلك، أعتقد أن أي تحرك حكيم وعقلاني وبعيد عن المواقف الكلامية في مجال السياسة الخارجية لبلدنا، هو أمر مقبول ومبارك تمامًا. ما يصب في مصلحة الشعب الإيراني أن تسود الحكمة السياسية في مجال السياسة الخارجية لإيران بدلاً من الحنك السياسي، ولكن يجب أن نتذكر أننا إذا دخلنا ساحة ملتقى القوى العالمية، فلا خيار أمامنا سوى المبارزة للنهاية.”