نيويورك تايمز: علي شمخاني يدفع ضريبة الجاسوس المزدوج أكبري
إيران أقصت يوم الإثنين مسؤول الأمن القومي، أحد أقوى الرجال في البلاد، بعد أن خضع للتمحيص بسبب علاقاته الوثيقة بجاسوس بريطاني رفيع المستوى.
ميدل ايست نيوز: نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” تقريرا قالت فيه إن إيران أقصت يوم الإثنين مسؤول الأمن القومي، أحد أقوى الرجال في البلاد، بعد أن خضع للتمحيص بسبب علاقاته الوثيقة بجاسوس بريطاني رفيع المستوى.
المسؤول الأمني، علي شمخاني، كان سكرتيرا للمجلس الوطني الأعلى، الذي يرسم الأمن والسياسة الخارجية الإيرانية، لمدة عشر سنوات، وقبل ذلك عمل في وزارة الدفاع. ولكن الجاسوس علي رضا أكبري، الذي كان يعمل عميلا مزدوجا لصالح بريطانيا، وعمل في الماضي كنائب لشمخاني في الوزارة ثم مستشارا له في المجلس.
وفي عام 2019، مع ظهور شكوك حول أكبري، استدرجه شمخاني للعودة إلى إيران من بريطانيا حيث كان يعيش، مما أدى إلى اعتقاله وإعدامه في كانون الثاني/ يناير.
الجاسوس الإيراني المزدوج.. سيرة بدأت بالقيادة العسكرية وانتهت بحبل المشنقة
في البداية بدا أن شمخاني لم ينجو فحسب، بل تحسن وضعه بعد الفضيحة حتى الإطاحة المفاجئة به يوم الاثنين.
ففي آذار/ مارس قاد المفاوضات الإيرانية لاستعادة العلاقات مع السعودية، بوساطة الصين، وعمل أيضا كمبعوث دبلوماسي يسافر إلى الدول العربية المجاورة في الخليج لتعزيز العلاقات التجارية والسياسية.
وفي يوم الإثنين أظهرت الجمهورية الإسلامية مرة أخرى أنه حتى أكثر أعضائها ولاء ليس محصنا من الطرد والإطاحة به من السلطة. ففي مرسوم أقال المرشد الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي شمخاني من منصبه وشكره على خدمته. واستبدله بقائد بحري كبير في الحرس الثوري لديه خبرة قليلة في السياسة المدنية.
وفي حزيران/ يونيو الماضي، عزلت إيران رئيس وحدة استخبارات الحرس الثوري، حسين طائب، بعد سلسلة من الهجمات السرية والاغتيالات في إيران مرتبطة بإسرائيل والتي أشارت إلى تعرض دوائر المخابرات الإيرانية للخطر. وقال محللون إيرانيون إن عددا من الخلافات ساهمت في عزل شمخاني.
منها تهم الفساد وسط مزاعم بأن عائلته جمعت ملايين الدولارات من خلال شركة شحن نفطية لمساعدة إيران على التهرب من العقوبات. كما أُلقي عليه باللوم في فشل المحادثات لإحياء الاتفاق النووي لعام 2015 وتعرض المجلس لانتقادات بسبب تعامله مع الاضطرابات الداخلية في الانتفاضة التي استمرت لأشهر وانتقد مؤيدو الحكومة قيادته بأنها لم تكن قاسية بما فيه الكفاية.
علاوة على ذلك، رأى الفصيل المتشدد الذي يسيطر الآن على البرلمان والرئاسة أنه قريب جدا من الحكومات السابقة، التي كانت وسطية وإصلاحية، وبالتالي لم يكونوا يثقون به.
ونقلت الصحيفة عن قيس قريشي، المحلل السياسي المقرب من الحكومة، في مقابلة هاتفية من إيران: “كان هناك ضغط متزايد على المرشد الأعلى من الفصيل المتشدد والرأي العام لعزل شمخاني. وقاوم لفترة لكن الضغط أصبح قويا للغاية”.
في إعلانه عن الإقالة، قال المرشد الأعلى إنه عين شمخاني كعضو في مجلس تشخيص مصلحة النظام، الذي يقدم المشورة إلى المرشد الأعلى إلى حد كبير. ينظر إلى التعيين على أنه رمزي إلى حد كبير، ففي السنوات الماضية، تم تعيين مسؤولين آخرين اختلفوا مع خامنئي، بمن فيهم الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد، في المجلس لحفظ ماء الوجه.
وقال محللون إن قدرة شمخاني على الصمود في وجه عاصفة فضيحة التجسس طيلة هذا الوقت ربما كانت نتيجة لاتفاق بين المرشد الأعلى والرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي.
ونقلت عن ساسان كريمي المحلل السياسي بمقابلة من طهران: “كانت هناك صفقة أخذ ورد بين حكومة الرئيس رئيسي والمرشد الأعلى للسماح لشمخاني باسترداد مكانته العامة بعد فضيحة أكبري بالصفقة السعودية”.
وفي مرسوم منفصل صدر يوم الإثنين، أعطى المرشد الأعلىمنصب المجلس الوطني الأعلى للجنرال علي أكبر أحمديان، 62 عاما، وهو نائب سابق لقائد الوحدة البحرية للحرس الثوري ومحارب قديم في الحرب العراقية الإيرانية. ووصفته وسائل إعلام إيرانية بأنه استراتيجي عسكري كبير كان مسؤولا أيضا عن تنسيق القوات المسلحة للحرس الثوري.
ويؤكد التقرير أنه على الرغم من أن المرشد الأعلى له الكلمة الأخيرة دائما في سياسات الدولة المهمة، من المفاوضات مع الولايات المتحدة إلى الانتفاضة المحلية ضد رجال الدين الحاكمين، إلا أن دور مستشار الأمن القومي مؤثر، بحسب المحللين.
وبحسب التقرير لا يتمتع الجنرال أحمديان بخبرة كبيرة في السياسة الخارجية أو قضايا الأمن القومي المحلي. ونقل عن علي واعظ، مدير الملف الإيراني في مجموعة الأزمات الدولية ببروكسل قوله إن “خليفة شمخاني ليست لديه خبرة في العمل مع أي شخص خارج الجيش. قد يكون هناك إعادة تعيين أو تأخير في القضايا الرئيسية مثل مستقبل الاتفاق النووي، ومفاوضات المعتقلين مع الولايات المتحدة والدبلوماسية الإقليمية”.