من الصحافة الإيرانية: تصاعد خطير في انتشار “العنف الآني” بين أفراد المجتمع الإيراني
تداولت وسائل الإعلام الإيرانية منذ مدة أنباء حول شيوع أعمال عنف بين المواطنين أدت إلى القتل.
ميدل ايست نيوز: تداولت وسائل الإعلام الإيرانية منذ مدة أنباء حول شيوع أعمال عنف بين المواطنين أدت إلى القتل، من قتل صاحب محل بسبب غلاء الدجاج إلى المشاجرات في طابور الخبز ومواقف السيارات وغيرها.
اعتدنا في العقود الماضية على ربط جرائم القتل والأحداث الدموية التي تصل بالضحية إلى الموت بأشخاص ارتكبوا جنايات بتخطيط مسبق، إلا أن صحيفة “اعتماد” أجرت اليوم مقابلة مع أخصائي في علم الجريمة وطبيب نفساني للحديث عن “العنف الآني” الذي يؤدي إلى ارتكاب العديد من الجرائم نتيجة ظروف “غير طبيعية”.
تداعيات العنف الآني
وفي مقابلة مع صحيفة اعتماد، أشار علي نجفي توانا، الأخصائي في علم الجريمة، إلى مسألة العنف، وقال: “تجري دراسات التقييم والتحليل في مجتمعات مثل إيران ودول الجوار أو الدول الأفريقية وفقاً لنوع العنف. فقد يكون العنف مثلاً في هذه الدول سياسياً أو دينياً (داعش) وقد يكون اجتماعياً، إلا أن أسوأ أنواع هذا المفهوم هو العنف الذي يجعل الناس يرتكبون جرائم لا واعية لحل مشكلة صغيرة جداً، ولسوء الحظ، فقد انتشر هذا النوع من العنف بشكل ملحوظ في إيران في السنوات القليلة الماضية”.
وخلال إشارته إلى أسباب زيادة العنف في المجتمعات، يضيف: “يتزايد العنف الآني أو اللحظي رويداً رويداً في مجتمعنا. فمعدلات الغضب والعدائية جعلت إيران من الدول الأولى عالمياً في هذا الأمر، وهو شيء لا ينبغي أن نفخر بها إطلاقاً”.
يكمل هذا الطبيب: “العنف بأي حال من الأحوال مرتبط بأشخاص خارج ظروفهم الطبيعية. فجميع أفراد المجتمع الإيراني في معرض العنف (سواء كان لفظياً أو جسدياً)، حيث تؤكد تقارير أن معظم الإيرانيين يعانون من اضطرابات نفسية، هذا يعني أنهم إما مكتئبون أو محبطون أو يعانون من التوتر والقلق”.
وذكر توانا، بعض الحلول للحد من زيادة معدل العنف، وقال: “لعلّ القرارات الحكومية والأمنية حول إنفاذ القانون في البلاد هي العامل الأساس لهذه الظاهرة، فمن دون دراسة كافية وتخطيط مسبق أو بدون الاستعانة بمستشارين مستقلين وخبراء، يعتقد هؤلاء أن بإمكانهم إرساء الأمن من خلال العنف. هذا خطأ فادح بالطبع. إذ ليس من الصواب استخدام المفردات العنيفة في فرض السلطة، في وقت يتم استجواب الناس لماذا أقدموا على هذا الفعل العنيف!
ويضيف الأخصائي في علم الجريمة، أنه على المسؤولين أن يدركوا أن الناس يعانون من مصاعب نفسية وروحية جراء التقلبات الاقتصادية والاجتماعية. موضحاً “عندما توعز السلطات الحكومية بزيادة رواتب الموظفين بنسبة 20-25٪، وترفع من معدل الضرائب والرسوم الجمركية بأكثر من 40-50٪ في نفس الوقت، فإنها بذلك تثير غضب واستياء الناس، الذين بمجرد أن ينحصروا في زاوية ضيقة ويتعرضون لضغط ما فإنهم يعبرون عن غضبهم ويقتلون بعضهم البعض”.
وأشارت سارا كلستاني، وهي أخصائية نفسية أيضاً، خلال حديثها مع “اعتماد”، إلى زيادة حالات العنف المجتمعي والحلول للتعامل مع هذه الظاهرة: “لم يعد التمرّن على ضبط النفس كافياً للناس، لأن المسؤولين في البلاد يثيرون الغضب بتصريحاتهم كل يوم. حيث يُظهر تحليل المشهد الإيراني أن الناس ليسوا في ظروف طبيعية. وهذا يؤكد أن الأوضاع في البلاد ليس طبيعية”.
وبحسب كلستاني، عندما يكبت الناس غضبهم بل ويتم قمعه أيضاً، عندها لا يمكن القول أن حالة الغضب هذه قد اختفت، بل تظل مخزنة في مستودع العواطف لتنشط فيما بعد عندما تتعرض لحافز معين.
وأكدت هذه الأخصائية “أنه إذا لم يتم إبراز الغضب في الوقت المناسب، فسوف يتحول إلى عمل عدائي. وللأعمال العدائية أنواع، تبدأ بالغضب والخطأ والإهانة وتنتهي بالسب والقتل، وحالياً يعاني جميع أفراد مجتمعنا من العدائية والغضب، حيث ينزعج الناس من مختلف القضايا ويعبرون عن غضبهم واستياءهم أينما أمكنهم ذلك”.
واختتمت قائلة: “الأوضاع الراهنة للمجتمع ليست طبيعية على الإطلاق، والناس مكبلون لا يستطيعون فعل أي شيء حيال ذلك. فكما ترى، بمجرد أن كان جمهورنا من أفراد المجتمع عينه كنا نشرح ونوضح لهم الحلول للتعامل مع حالات الغضب، إلا أن الناس اليوم لم يعودوا من جمهورنا المستهدف لأنه لا يوجد شيء يمكنهم فعله حيال حالات الغضب. لذلك، يجب على السلطات التفكير في حل على الفور، فالأحداث المؤسفة الأخيرة إذا استمرت في الانتشار في البلاد ستطال جميع شرائح المجتمع”.