إيران على أعتاب موجة جديدة من الغلاء والتضخم بسبب سياسات تغطية العجز

مع مضي أربعة أشهر على بداية العام الإيراني الجديد، تواصل الحكومة الإيرانية استخدام سلطتها لزيادة الأسعار في مختلف قطاعات البلاد.

ميدل ايست نيوز: مع مضي أربعة أشهر على بداية العام الإيراني الجديد، تواصل الحكومة الإيرانية استخدام سلطتها لزيادة الأسعار في مختلف القطاعات مستندةً على منظومة استهداف المستفيدين من الدعم الحكومي وقانون الموازنة، لتبدأ من قطاع المياه ثم الكهرباء والغاز والجمارك والضرائب.

لم تفلت أي سلعة أو خدمة حكومية في إيران “تقريباً” من مرمى تقلبات الأسعار، والتي كانت ضحية لعجز الميزانية التي عانت منه البلاد هذا العام.

وإلى جانب صناعات البلاد التي تواجه هذه الأيام توجيهات حكومية متتالية أمام موجة الزيادة الجنونية في أسعار الغاز والرسوم الجمركية والضرائب، لم تسلم أيضاً سبل عيش المواطنين من هذه الزيادات.

ووفقاً لخبراء في هذا المجال، فإن النهج الحكومي المتبع في زيادة سعر المنتج والخدمة الحكومية وفرض مزيد من التدخل فيه، سيزيد صاع الأزمة صاعين ويغذي توقعات التضخم المقبل. بالتالي، من المرجح أن تتصاعد توقعات تضخم المنتجين قريبًا لتنضم إلى التضخم الكلي في إيران.

وكان قطاع الغاز الصناعي صاحب النصيب الأكبر في أزمة زيادة الأسعار، حيث يقول المنتجون إن ارتفاع سعر هذه المادة سيؤدي بلا شك إلى ارتفاع السعر النهائي للمنتجات المتنوعة، لتنعكس هذه القضية في نهاية الأمر على السلع التي تصل إلى المستهلك.

وبحسب المراقبين، فإن الهدف المهم للحكومة وراء هذه الزيادة هو تغطية العجز البالغ 800 تريليون تومان في موازنة العام الحالي. وهو عجز يرتبط جزء كبير منه بالملاحظة 14 الشهيرة في قانون الموازنة العامة.

والملاحظة 14 من قانون الموازنة في البلاد هي جزء من الميزانية السنوية لإيران، وهي مخصصة لتوفير الموارد ونفقات الدعم النقدي. في هذه الملاحظة، يتم استخدام الدخل من المبيعات المحلية ومبيعات الصادرات من المنتجات البترولية والغاز والبتروكيماويات كمصادر لتقديم الدعم النقدي والأدوية والخبز باعتبارها السلع الأساسية للمواطن.

وخلقت هذه الملاحظة العديد من التحديات أمام عناصر الميزانية السنوية الإيرانية خلال السبع سنوات الماضية. فمن أجل توفير الموارد لمذكرة الميزانية هذه، تقيد الحكومة ميزانيات البناء كل عام، علماً أن ديون هذا القطاع لم تستجب لهذه الخطوة ولا تزال آخذة في التزايد بل وأصبحت عبئاً تضخمياً جديداً بسبب تراكمها عام بعد عام.

من ناحية أخرى، تمثل المدفوعات الشهري للدعم النقدي الجزء الأكبر من نفقات الملاحظة 14. فقد وصل الدعم النقدي هذا العام إلى 400 ألف تومان للفئات العشرية من الأول إلى الثالث و300 ألف تومان من الرابع إلى التاسع بعد أن كانت 49 ألف و500 تومان في السنوات العشر الماضية.

وجعل هذا العبء المالي الجديد مهام هذه الملاحظة أثقل إلى حد كبير، ما أدى لوضع زيادة أسعار الغاز الصناعي والبتروكيماويات على جدول الأعمال لتأمين هذه الموارد.

ووفقًا لإعلان وزارة العمل والرفاه والضمان الاجتماعي، يبلغ عدد متلقي الدعم في إيران 78 مليون شخص، منهم 24 مليون شخص في الفئات الثلاثة الأولى من الدخل.

وقدرت الموارد المالية للملاحظة 14 في ميزانية إيران هذا العام بنحو 24 تريليون تومان، ما يعني أن قرار زيادة الدعم النقدي لهذه الملاحظة سيواجه عجزاً قدره 80 تريليون تومان.

ويُظهر تحليل التوجيهات والتعليمات الصادرة عن مجلس الحكومة والهيئات الحكومية الإيرانية في الأشهر الأخيرة أن الحكومة تواجدت في كل قطاع ومجال أمكنها من جمع الموارد، كالأمر الذي وقع نتيجة التوجيه الحكومي بزيادة سعر الغاز الذي تستهلكه شركات البتروكيماويات في البلاد، والذي كانت نتيجته سحب مبلغ فلكي تجاوز 30 تريليون تومان من سوق رأس المال.

لم ينتهِ الأمر عند الغاز الصناعي، فقد التحقت قطاعات الغاز والمياه والضرائب والرسوم والمواد الخام إلى موجة الزيادات هذه. إذ انتشر في الأيام القليلة الماضية تعميم يفيد برفع قيمة الرسوم الجمركية للشركات الصناعية في إيران بنسبة 400%، وهو أمر بلا شك إلى تضخم مؤشر أسعار المنتجين.

ويرى الخبراء الاقتصاديون أنه مع ارتفاع أسعار السلع والخدمات التي تقدمها الحكومة، سيزداد تضخم المنتجين وسيكون لهذه الزيادة تأثير ضخم على السلع الأخرى. لذلك، فإن موجة جديدة من التضخم في الشتاء القادم لن تكون بعيدة عن المتوقع، والتي ستدمر المسكّن المؤقت للدعم النقدي وستشل عملية الصناعة في البلاد.

 

(سعر الدولار في سوق إيران: حدود 50.000 تومان)

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

14 − 9 =

زر الذهاب إلى الأعلى