لماذا ستفشل مساعي إيران لتشكيل حزام أمني بحري لدول منظمة شنغهاي؟

مساعي إيران لإنشاء حزام أمني بحري لدول منظمة شنغهاي محكوم عليها بالفشل، نظرا لاعتبارا عدة، أبرزها طبيعة احتكاكات إيران البحرية المناوئة للغرب.

ميدل ايست نيوز: اعتبر تحليل نشره موقع “أمواج ميديا” أن مساعي إيران لإنشاء حزام أمني بحري لدول منظمة شنغهاي محكوم عليها بالفشل، نظرا لاعتبارا عدة، أبرزها طبيعة احتكاكات إيران البحرية المناوئة للغرب، بينما تتواجد دول ضمن منظمة شنغهاي تمتلك علاقات استراتيجية مع الغرب، مثل الهند.

واقترحت طهران أن تنشئ منظمة شنغهاي للتعاون، وهي كتلة متعددة الأطراف تركز على منطقة أوراسيا مكونة من الصين وروسيا والهند وباكستان وطاجيكستان وقرغيزستان وأوزبكستان وكازاخستان، بالإضافة إلى إيران، التي انضمت في يوليو/تموز الماضي، آلية للأمن البحري، وهي مبادرة طرحتها إيران لأول مرة في أبريل/نيسان الماضي، بصفتها عضو مراقب بالمنظمة.

وتأتي تلك المبادرة في وقت تواجه فيه إيران توترات متزايدة مع الولايات المتحدة في المياه الدافئة إلى الجنوب، لا سيما في مضيق هرمز، وهي المنطقة التي يمر بها خمس إمدادات النفط في العالم.

العائق الثاني أمام نجاح المبادرة الإيرانية، بحسب التحليل، هو أنه نادرا ما ركزت منظمة شنغهاي للتعاون على القضايا البحرية، وأيضا لدى العديد من أعضاء الكتلة أيضًا استراتيجيات بحرية متنافسة، مثل الهند وباكستان، والهند والصين.

ديناميكيات معقدة

ولذلك، من المرجح أن تجعل هذه الديناميكيات من الصعب تحقيق آلية جديدة للأمن البحري.

ومن المفترض أن يتم استخدام حزام شنغهاي الأمني البحري” المقترح لحماية الممرات المائية والتجارة بين أعضاء منظمة شنغهاي للتعاون، كما قال وزير الدفاع الإيراني محمد رضا أشتياني، خلال طرحه للمبادرة في اجتماع وزراء دفاع دول المنظمة في الهند خلال أبريل الماضي.

قبل يوم من اجتماع منظمة شنغهاي للتعاون في الهند، اتهم مسؤولون أمريكيون القوات الإيرانية باحتجاز ناقلة نفط في بحر عمان.

جاء ذلك رداً على قيام الولايات المتحدة في الأيام السابقة بمصادرة ناقلة نفط إيرانية في عملية وصفت بأنها إنفاذ للعقوبات.

ومع استمرار التوترات في التصاعد، تعمل كل من إيران والغرب على زيادة النشاط البحري في المنطقة.

ففي 19 مايو/أيار الماضي، عبر قادة بحريون بريطانيون وفرنسيون وأمريكيون مضيق هرمز على متن مدمرة أمريكية بصواريخ موجهة.

في غضون ذلك، أجرت إيران وروسيا والصين، العضوان في منظمة شنغهاي للتعاون، مناورات بحرية مشتركة في بحر عمان في  مارس/آذار.

وأجرت الدول الثلاث تدريبات مماثلة في 2022 و 2019.

عوائق أخرى

ويسرد التحليل عوائق أخرى، قائلا إن أعضاء منظمة شنغهاي للتعاون غير الساحليين مثل قيرغيزستان وطاجيكستان ليس لديهم قوات بحرية.

وفي الوقت نفسه، فإن البحرية الكازاخستانية تتمركز فقط في بحر قزوين، أكبر حوض مائي داخلي في العالم، وليس لدى أي من هذه البلدان وصول مفتوح إلى المحيطات المفتوحة.

وبالتالي سيكون من الصعب للغاية بالنسبة لهم التعاون مع منظمة شنغهاي للتعاون بشأن أي مسألة بحرية.

وفي ظل هذه الخلفية، ينبغي اعتبار أن ميثاق منظمة شنغهاي للتعاون لا يعترف بحق النقض ويصر بدلاً من ذلك على أن القرارات يجب أن تستند إلى “الإجماع”، وهذا يسمح للدول الأعضاء مثل قيرغيزستان وطاجيكستان بمعارضة توسيع أنشطة منظمة شنغهاي للتعاون إلى عالم المحيط.

وتجدر الإشارة إلى أن كل من أوزبكستان وطاجيكستان استخدمتا سابقًا النظام القائم على الإجماع لمعارضة رفع عضوية إيران من صفة مراقب.

منافسات جيوسياسية بحرية

ويشير التحليل إلى أن إنشاء آلية الأمن البحري أمر معقد بسبب المصالح المتنافسة في البحر لمختلف أعضاء منظمة شنغهاي للتعاون.

وعلى وجه الخصوص، هناك تنافس طويل وعميق بين الهند وباكستان، وكانت التوترات البحرية ديناميكية مهمة في مختلف نزاعات نيودلهي وإسلام أباد، فعلى سبيل المثال، حاصرت البحرية الهندية مدينة كراتشي الساحلية الباكستانية خلال حرب كارجيل عام 1999.

الانقسام البحري الآخر داخل منظمة شنغهاي للتعاون هو بين بكين ونيودلهي.

وكجزء من مبادرات البنية التحتية الشاملة، يعبر طريق الحرير البحري الصيني المحيط الهندي، وقد أقامت بكين علاقات مع الحكومات الساحلية وطورت البنية التحتية في جميع أنحاء المنطقة، بما في ذلك جزر المالديف وسريلانكا.

وفي عام 2017 ، افتتحت الصين أول قاعدة عسكرية لها في الخارج مع منفذ إلى المحيط الهندي في جيبوتي، حيث أطلق المحللون على شبكة المنشآت العسكرية والتجارية الصينية تلك مصطلح “سلسلة اللآلئ”.

وأثارت هذه التطورات قلق الهند التي تعتبرها تهديدا لمصالحها في المنطقة، وأدى دعم الصين للبحرية الباكستانية إلى زيادة مخاوف الهند.

ولمواجهة هذه الجهود، شرعت الهند في بناء ما يصفه بعض المحللين بـ “قلادة الألماس”.

وتفاوضت نيودلهي على الوصول إلى قاعدة شانغي البحرية في سنغافورة، وطوّرت ميناء سابانج في إندونيسيا. كما قامت بتأمين حقوق الرسو للبحرية الهندية في عمان، من بين موانئ أخرى.

وعلى هذا النحو، تمثل الاستراتيجيات البحرية المتنافسة للهند في مواجهة كل من الصين وباكستان عقبة كبيرة أمام اقتراح إيران.

مناهضة الغرب

ويقول التحليل إن تشجيع إيران منظمة شنغهاي للتعاون البحري يقوم في الأساس على التعامل مع التهديدات البحرية المنبثقة من الغرب.

لكن هذا النهج يتجاهل حقيقة أن نيودلهي لديها شراكة استراتيجية مع واشنطن، وهي الشراكة التي ازدهرت في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، وظلت قوية في عهد الرئيس الحالي جو بايدن، مما منع منظمة شنغهاي للتعاون من التحول كليًا إلى مبادرة مناهضة للغرب أو معادية للولايات المتحدة.

كما أن نهج إيران المنشود لا يتوافق مع موقف منظمة شنغهاي للتعاون العام من عدم التدخل.

ويشمل الأخير المواقف الإقليمية التي تشارك فيها الدول الأعضاء بشكل مباشر.

على سبيل المثال، روسيا العضو المؤسس لمنظمة شنغهاي للتعاون متورطة في سوريا، لكن المنظمة لا تلعب دورًا رئيسيًا في الصراع في الدولة العربية.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
الخليج الجديد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

17 − عشرة =

زر الذهاب إلى الأعلى