من الصحافة الإيرانية: ما علاقة إيران بالتقارب الإسرائيلي الأذربيجاني الوثيق؟

يرى خبراء في الشأن السياسي، أن التهديد الإيراني دفع باكو وتل أبيب إلى إنشاء علاقات عسكرية وأمنية وسياسية واقتصادية واسعة النطاق مع بعضهم البعض.

أميدل ايست نيوز: رغم الفروقات الشاسعة واضمحلال المسافة الجغرافية بين إسرائيل وأذربيجان، واختلاف وجهات النظر الدينية والثقافية بين شعوبهما، إلا أن ساسة الحكومتين تمكنوا بطريقة ما من إقامة تفاعلات وثيقة وواسعة للغاية مع بعضهم البعض في المجالات السياسية والأمنية.

من أجل فهم سبب هذه العلاقة الوثيقة بين باكو وتل أبيب، والاهتمام بالمصالح المشتركة التي يكسب الطرفان من ثمارها، لا بد من الإشارة هنا إلى العوامل الخارجية كالدعاءات بشأن التهديد الإيراني الذي يمس هذه العلاقات، فإسرائيل وأذربيجان تعتبران طهران أكبر تهديد أمني لهما.

يرى خبراء في الشأن السياسي، أن هذا الإدراك للتهديد المشترك دفع باكو وتل أبيب إلى إنشاء علاقات عسكرية وأمنية وسياسية واقتصادية واسعة النطاق مع بعضهم البعض. وبحسب الإحصائيات المتوفرة، تم تسيير أكثر من 92 رحلة جوية بين مطار باكو وقاعدة “عوفدا” الجوية في السنوات السبع الماضية، وبعد اندلاع الحرب الأخيرة بين أذربيجان وأرمينيا، ارتفع عدد هذه الرحلات بشكل كبير.

وخلال تلك الفترة، قامت شركة سيلكواي للنقل الجوي الأذربيجانية بنقل أسلحة مختلفة من إسرائيل إلى باكو، بما في ذلك الصواريخ الباليستية وأنظمة الدفاع وأنظمة الحرب الإلكترونية والطائرات المسيرة والطائرات الانتحارية بدون طيار وغيرها.

يقال أيضاً إن باكو منحت تل أبيب مقابل مليارات الدولارات من الأسلحة، مساحةً لأنشطة المخابرات الإسرائيلية في أراضيها، فضلاً عن بيع المنتجات النفطية.

وبناء على ذلك، يمكن القول إن أذربيجان وإسرائيل تمكنتا من الاستفادة من إمكانات وتسهيلات كل منهما لتعزيز موقفهما الجديد، مع تلبية احتياجاتهما المتبادلة وتحقيق أهدافهما المحددة سلفا.

على سبيل المثال، تمكنت إسرائيل من استغلال المجريات في المنطقة والصراع الدائر في “قره باغ” لتخلق لها نفوذ واسع في جمهورية أذربيجان باعتبارها ثاني أكبر دولة شيعية في العالم. لطالما بنت إسرائيل أهدافها متكلة على هذا الأمر، فهي صاحبة إستراتيجية تحالف المحيط (عقيدة المحيط) التي دعت من خلالها إلى تطوير تحالفات إستراتيجية وثيقة مع الدول الإسلامية غير العربية في الشرق الأوسط للتصدي للدول العربية الموحدة تجاه معارضة وجود إسرائيل.

وتماماً كما أرادت تل أبيب، فإن نفوذها بين الأذربيجانيين الشيعة سينجر إلى تشكيل بيئة مناهضة لإيران ومعادية للشيعة.

وربما يمكن القول إن أحد أهم أهداف باكو من قربها من تل أبيب هو استخدام القدرات العسكرية الإسرائيلية من أجل تحرير أراضيها المحتلة؛ حيث تمكنت عبر إنفاق مليارات الدولارات من الحصول على الأسلحة التي تريدها من إسرائيل، الأمر الذي مكّنها من التغلب على جميع نواقصها العسكرية أمام الجيش الأرميني. كما يعد تدريب وترقية الجيش الأذربيجاني جزءا هاما من التعاون العسكري والأمني ​​بين باكو وتل أبيب.

قامت إسرائيل بتطوير لوجستي واسع للجيش الأذربيجاني تدريجيًا من خلال توفير المعدات العسكرية مثل الدبابات المتطورة والأسلحة المضادة للدبابات وأسلحة المشاة الحديثة. وفي السنوات التي استمرت فيها الحرب بين أذربيجان وأرمينيا، قدمت إسرائيل الدعم العسكري لباكو من خلال توفير صواريخ “ستينغر” ومعدات عسكرية أخرى.

من ناحية أخرى، من المرجح أن تكون السياسة الخارجية لروسيا وإيران باعتبارهما جهتين فاعلتين إقليميتين بارزتين في صراع “قره باغ” والدعم العلني لأرمينيا في الحرب مع أذربيجان، من بين أسباب ميل أذربيجان نحو إسرائيل خلال السنوات الماضية وتعاونها معها في شتى المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية والاستخباراتية.

وهكذا فإن صراع “قره باغ” والنزاع بين دولتي أرمينيا وأذربيجان المستمر منذ أكثر من ثلاثة عقود، إلى جانب السياسات الثنائية التي تنتهجها بعض القوى الإقليمية وغير الإقليمية والمتطلبات التي كانت لدى جمهورية أذربيجان في مجال توفير الأسلحة العسكرية المتطورة من أجل ضمان أمنها، هي عوامل مؤثرة في زيادة الوجود الإسرائيلي في منطقة كاراباخ.

وبمعنى أقرب، إن لممارسات دول مثل إيران وروسيا ربما وفرت الأرضية اللازمة لنفوذ إسرائيل في منطقة جنوب القوقاز، وخاصة أذربيجان، لتجعل هذا النظام يحقق أهدافه وسياساته الأمنية في المنطقة بسهولة من خلال الاقتراب من الحدود الدولية لإيران، وإيجاد حالة من القلق الدائم إزاء القيود التي فرضها في المناطق المتاخمة لإيران.

جابر منيربور
أستاذ في العلاقات الدولية

إقرأ أكثر

من الصحافة الإيرانية: هل يقود علييف طهران وباكو إلى حرب محتومة؟

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

6 + ثمانية عشر =

زر الذهاب إلى الأعلى