تصاعد المنافسة يثير تخوفاً إيرانياً من خسارة أسواق العراق

إن التغييرات في الهيكل الاقتصادي للعراق قد تؤدي إلى خسارة السلع الإيرانية ميزتها الكبيرة في حلبة المنافسة مع الدول التي تتطلع للسيطرة على الأسواق العراقية.

ميدل ايست نيوز: لسنوات طويلة كان العراق يعتبر من أهم الشركاء التجاريين لإيران، فقد بلغت وارداته من إيران أكثر من 10 مليارات دولار، أي حوالي 20% من الصادرات الإيرانية خلال عام 2022. وفي الأشهر الخمسة الماضية صدرت إيران إلى هذا البلد سلع بقيمة 3.5 مليار دولار، مما يمثل نمواً بنسبة 18.5 مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي.

ووفق مقال لصحيفة دنياي اقتصاد الإيرانية، فيما يحدث هذا النمو في الصادرات الإيرانية للعراق، أظهرت الإحصاءات الرسمية أن صادرات إيران إلى الدول الأخرى شهدت انخفاضاً ملحوظاً خلال هذه الفترة، ومن هنا يتضح الأهمية الاستراتيجية للعراق في الخريطة التجارية الإيرانية، ناهيك عن أن التصدير إلى العراق يحمل جانباً مهماً آخر سيتم تسليط الضوء عليه تباعاً.

وعلى عكس صادرات إيران إلى دول مثل الصين، والتي تشمل بشكل أساسي “النفط والمشتقات النفطية والمواد الخام”، فإن معظم صادرات إيران إلى العراق تتكون من “منتجات تامة الصنع”، ما يعني أن التغييرات في الهيكل الاقتصادي للعراق قد تؤدي إلى خسارة السلع الإيرانية ميزتها الكبيرة في حلبة المنافسة مع الدول التي تتطلع للسيطرة على الأسواق العراقية.

ورجحت دراسات اقتصادية أنه في حال دخول دول منافسة إلى أسواق العراق فإن المنتجات الإيرانية المصدرة إلى هذا البلد ستتراجع إلى 35 منتج، علماً أنها تصل إلى 351 منتج رئيسي في الوقت الحالي.

وقبيل المعرض الرابع لإيران في مدينة السليمانية بالعراق، أكدت غرفة التجارة المشتركة بين إيران والعراق على أهمية هذه العلاقة في مستقبل التجارة الإيرانية في اجتماع حمل عنوان “دور ووظيفة وسائل الإعلام في تطوير العلاقات الاقتصادية بين إيران والعراق”.

واستعرض جهانبخش سنجابي شيرازي، الأمين العام لغرفة التجارة الإيرانية العراقية المشتركة، خلال هذه الجلسة، توضيحات حول العلاقة التجارية بين إيران والعراق. وقال متسائلاً: هل لا يزال بإمكاننا الحفاظ على السوق العراقية؟ وهل استخدمنا كل المقومات الوطنية لتطوير التجارة مع العراق؟

وقال إن حصة كبيرة من ميزانية العراق الحالية تم تخصيصها لقطاع الإسكان، بالتالي، فإن واردات سلع البنية التحتية لهذا البلد سوف تشهد ارتفاعاً كبيراً في الأيام المقبلة.

وخلال إشارته إلى حجم التجارة العراقية البالغ 148 مليار دولار في عام 2021، صرّح: صدّر العراق هذا العام 87 مليار دولار واستورد ما مجموعه 61 مليار دولار، الأمر الذي يدل على إيجابية الميزان التجاري لهذا البلد، حيث تحافظ بغداد بشكل مستمر على ميزانها التجاري إيجابياً، إلا أن الخبراء الاقتصاديون يرجحون أن تنمو واردات العراق بنسبة 20% سنوياً، وهذا يتوجب القيام بالتخطيط اللازم من قبل إيران للتواجد في أسواق هذا البلد.

وفيما يتعلق بشركاء العراق التجاريين، أضاف سنجابي شيرازي: حتى عام 2016، كانت تركيا تحظى بأعلى حصة في السوق العراقي، لتحل محلها الإمارات في عام 2017. وأما الصين فهي أقوى منافس لنا في التبادلات التجارية مع العراق.

وذكر هذا المسؤول أن “إيران حظيت بمكانة تجارية جيدة في العراق في عام 2018، واستحوذت على 16.7% من السوق العراقي، لتصبح في المرتبة الثانية بعد الإمارات”.

وأشار الأمين العام لغرفة التجارة الإيرانية العراقية المشتركة، إلى أن “العراق يتقرب من إيران بشكل أكبر عندما يتعرض لأزمة ما، مشدداً على استخدام الأدوات الناعمة للهيمنة على السوق العراقية بشكل أكبر”.

وتابع قائلاً: النقطة الأخرى التي يجب أن تحظى باهتمام خاص هي الميزان التجاري الإيراني غير المتوازن مع العراق. فواردات إيران في عام 2022 كانت أقل من 140 دولار، إلا أن هذا الرقم وصل إلى 1.2 مليار دولار في عام 2021، منها 770 مليون دولار أعلاف للماشية والحبوب التي تم استيرادها عبر العراق بعد فرض عقوبات على بلادنا.

وأكد سنجابي شيرازي أنه يجب على الجهات المسؤولة وضع مسألة موازنة الميزان التجاري مع العراق على جدول الأعمال بهدف الحفاظ على السوق العراقية من خلال خلق منافع مشتركة.

وحثّ المسؤول الإيراني على ضرورة وضع دراسات السوق العراقية على جدول الأعمال، موضحاً: يجب الالتفات إلى احتياجات السوق العراقية. فما نسبته 30% من واردات العراق عبارة عن آلات ميكانيكية و20% تشمل منتجات صناعية وزراعية وغذائية. في حين تزود إيران حالياً 8.2% من احتياجات العراق في قطاع الآلات، و26.7% من احتياجاته في مجال الزراعة والصناعة والمواد الغذائية، و18.9% من احتياجات البلاد المعدنية.

ومضى يقول: تشير هذه الأرقام بكل وضوح إلى الاختلال بين احتياجات العراق من الواردات وكمية صادرات إيران إلى هذا البلد، الأمر الذي يدل على عدم وجود دراسات دقيقة وفهم عميق للسوق العراقية. وصحيحٌ أننا نمتلك حالياً حصة تبلغ 12.5% ​​من السوق العراقية، إلا أننا إذا أردنا الحصول على حصة أكبر فإننا نحتاج إلى وضع خطط أفضل.

وفي ختام حديثه، أشار سنجابي شيرازي إلى أن قيمة تصدير البضائع الإيرانية إلى العراق تبلغ ضعف قيمة التصدير إلى أجزاء أخرى من العالم، وأكد: يجب أن نولي اهتماما خاصًا للسوق العراقية. في فترة ما كنا المصدر الرئيسي للسوق العراقية بلا منازع في مجالات الأسمنت والمنظفات والمشروبات، لكن المعطيات اليوم تدل على وجود منافسة شرسة من دول عديدة للسيطرة على هذا السوق.

وحذر الأمين العام لغرفة التجارة الإيرانية العراقية المشتركة من خطورة خروج إيران من السوق العراقية، منوّهاً أن التنمية المستدامة للصادرات الإيرانية إلى العراق تتطلب ثلاثة مستويات من القدرات الإنتاجية هي الفرد والشركة والمجتمع.

إقرأ أكثر

الصادرات الإيرانية ودورها البارز أمام دوامة العقوبات

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

19 + 15 =

زر الذهاب إلى الأعلى