رفعت سقف تصريحاتها.. ما احتمالية تدخل إيران أو أذرعها في حرب غزة؟
بالرغم من التأكيد الأمريكي أنه لا دلائل على وجود دور إيراني في الهجوم الذي نفذته المقاومة ضد إسرائيل، فإن التصريحات الإيرانية لا تستبعد تدخل طهران في حال استمر العدوان على القطاع المحاصر.
ميدل ايست نيوز: يتزايد الفاعلون الإقليميون والدوليون في ملف الصراع الفلسطيني الإسرائيلي مع دخول عملية “طوفان الأقصى” يومها العاشر، واتساع رقعة الاستهداف الإسرائيلي للمدنيين والبنية التحتية في قطاع غزة المحاصر، وسعيه لتهجير 1.1 مليون من سكانه.
وتحضر إيران في مقدمة الأطراف الإقليمية المنخرطة في البُعد السياسي للصراع، وخلال الأيام القليلة الماضية نشط وزير خارجية إيران، وزار أربع عواصم عربية، بحثاً عن التهدئة.
وبالرغم من التأكيد الأمريكي أنه لا دلائل حتى اليوم، على وجود دور إيراني في الهجوم الذي نفذته المقاومة ضد مستوطنات “إسرائيل” في غلاف غزة، فإن التصريحات الإيرانية لا تستبعد تدخل طهران في حال استمر العدوان على القطاع المحاصر.
تحذير إيراني
تجد إيران نفسها مجبرة على المضي إلى ما هو أبعد من الإدانة والتصريحات التي دأبت عليها، فالصراع الحالي، من وجهة نظر إقليمية ودولية هو الأكثر شراسة ودموية، والأكثر مصيرية بالنسبة للقضية الفلسطينية و”إسرائيل” على حدٍّ سواء.
وفي هذا السياق، قال وزير خارجية إيران، حسين أمير عبد اللهيان، إن استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، قد يقود إلى توسع الصراع، وخروج الأمور عن السيطرة.
وأضاف عبد اللهيان في تصريحات لقناة الجزيرة، أن “المنطقة والفاعلين فيها لن يبقوا متفرجين”، وأن “استمرار العدوان وغياب الحل السياسي يصبان الزيت على النار، وقد تخرج الأمور عن السيطرة”.
وقال إنه في حال اتسع نطاق الحرب “فإن خسائر فادحة ستلحق بأمريكا أيضاً”، كما أنه “إذا لم تتوقف أمريكا و”إسرائيل” عن هذه السياسة فلا يمكن وقف نطاق الحرب”.
وأضاف عبد اللهيان: “أبلغنا الكيان الصهيوني عبر داعميه أنه إذا لم تتوقف جرائمه في غزة فإن غداً سيكون متأخراً”، فيما قال موقع “أكسيوس” الإخباري، إن إيران أرسلت عبر الأمم المتحدة رسالة تحذير إلى إسرائيل من أنها ستتدخل في حال استمرار العملية العسكرية في قطاع غزة”.
بدوره قال مندوب إيران بالأمم المتحدة، أمير سعيد إيرواني، إذا لم تهاجم “إسرائيل” طهران ومصالحها “فإن إيران لن تتدخل بالصراع في غزة”.
وقبل أسبوع، نقلت صحيفة “وول ستريت جورنال” عن مسؤول إيراني قوله إن بلاده “سترد إذا تعرضت لهجوم بضربات صاروخية على “إسرائيل” من لبنان واليمن وإيران، وسترسل مقاتلين إيرانيين من سوريا لمهاجمة مدن في شمال “إسرائيل” وشرقها”.
بدوره، شدد الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، خلال اتصال مع نظيره الفرنسي، إيمانويل ماكرون، على أنه “إذا لم يتوقف قتل الفلسطينيين وحصار غزة فالمشهد سيتوسع”، مؤكداً أن “فصائل المقاومة هي صاحبة التشخيص والقرار”.
احتكاك محدود
بالتزامن مع التحذيرات والمخاوف الدولية من توسع الصراع، شهدت مناطق جنوب لبنان توتراً متزايداً، من جراء القصف المتبادل بين جيش الاحتلال الإسرائيلي وبين حزب الله اللبناني، وفصائل فلسطينية تتمركز هناك.
ويوم 15 أكتوبر، أعلن حزب الله استهداف مركز للجيش الإسرائيلي في منطقة شتولا بالصواريخ الموجهة، ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى، رداً على مقتل أحد الصحفيين وإصابة عدد آخر بقصف إسرائيلي، وكذلك استهداف منازل المدنيين في منطقة شبعا اللبنانية.
وقال حزب الله، في بيان له، إنه نفذ هجوماً أوقع “قتلى وجرحى وأصاب دبابتين وناقلة جند في استهداف ثكنة حانيتا الإسرائيلية بالصواريخ”.
وبالرغم من ارتفاع وتيرة القصف المتبادل، فإن الاحتكاك لا يزال محدوداً، ما يعكس رغبة مشتركة في عدم توسع الصراع وانتقاله إلى الحدود الشمالية للأراضي المحتلة.
وأعلن حزب الله خلال الأيام الماضية مقتل عدد من عناصره، وإصابة آخرين، إضافة إلى مقتل مدنيين، من جراء القصف الإسرائيلي على مواقع وبلدات في جنوب لبنان، في حين فرض الجيش الإسرائيلي حظر الحركة، وطلب من المستوطنين البقاء في الملاجئ في المناطق القريبة من الحدود اللبنانية.
ويوم 14 أكتوبر، قال وزير خارجية إيران إن تحديد ساعة الصفر بيد حزب الله في لبنان، وأنه من يقرر فتح جبهات جديدة.
وأضاف في مؤتمر صحفي بالسفارة الإيرانية في بيروت: إن “المقاومة في لبنان تعيش في وضع ممتاز جداً، ولديها الاستعداد للرد على الاعتداءات الصهيونية”، مضيفاً أنها “وضعت أمامها كل السيناريوهات المحتملة في باقي الجبهات، وتحديد ساعة الصفر في حال استمرار الجرائم بيد المقاومة”.
بدوره اتهم رئيس الشؤون الاستراتيجية بوزارة الخارجية الإسرائيلية، جوشوا زاركا، “إيران بمحاولة فتح جبهة جديدة على “إسرائيل” من سوريا”، وأقر ضمناً بأن تل أبيب هاجمت مطاري دمشق وحلب.
شهادة أمريكية فرنسية
وبالرغم من التهديدات الإيرانية فإن فرنسا وأمريكا أكدتا أنه لا دليل حتى اللحظة على تورط إيران في التصعيد الجاري في قطاع غزة.
وقال وزير خارجية أمريكا، أنتوني بلينكن، في حوار مع شبكة “سي إن إن”: “إنه ليس لدى الولايات المتحدة أي دليل على تورط إيران في التصعيد الفلسطيني الإسرائيلي”.
وأضاف بلينكن: “لم نرصد بعد دليلاً على أن إيران أمرت بتنفيذ هذا الهجوم أو أي علاقة لها به، لكن هناك بالطبع علاقات طويلة الأمد بين إيران وحماس”.
من جانبها قالت وزارة الخارجية الفرنسية، (12 أكتوبر)، إن باريس لا تملك دليلاً رسمياً على تورط مباشر لإيران في هجمات حماس على “إسرائيل”، وإن العاصمة الفرنسية نقلت رسائل إلى أطراف إقليمية حذرتها فيها من استغلال الأزمة.
مشاغلة أكثر من انخراط
يرى أستاذ العلوم السياسية بلال الشوبكي أن إيران “غير معنية بالانخراط في هذه الحرب بشكل فعال وحقيقي ويساهم في تغيير المعادلة بشكل كامل”، وتصريحات مسؤوليها “تتيح لها المزيد من المناورة”.
ويشير الشوبكي إلى أن أي حديث عن إيران يأتي في إطار أنه “كلما كان هناك مواجهة ضد “إسرائيل” اتجهت الأنظار نحو إيران تسائلها عن موقفها”.
ويلفت، في حديثه إلى أن إيران بدورها تستجيب للتساؤلات أكثر من أن تبادر بمواقف حقيقية، وكان أبرز ذلك تصريح ممثل إيران في الأمم المتحدة “بأن طهران لن تتدخل بالحرب ما لم تمس مصالحها”.
وبشأن أذرعها في المنطقة كحزب الله في لبنان، يقول إن “مصداقية الحزب على المحك الآن، وربما موقفه محرج إذا لم يتدخل”، مؤكداً أن تدخله المحدود حالياً “يمكن تسميته مشاغلة أكثر من مستوى انخراط في الحرب”.
ويضيف: “التحركات العسكرية في المنطقة وفي شرق المتوسط كبيرة، وفي المقابل فإن الدور الإيراني مرتبط بمقدار الإيعاز لحزب الله”.
ويجدد الشوبكي تأكيده أنه “ما لا يمكن تجاهله في أن مستوى التدخل المتدني من حزب الله أفضل الآن من الانخراط الكامل بحيث قد يؤدي ذلك إلى حرب واسعة تدخل أطراف أخرى في الصراع”.
وتابع: “كلما طال عمر الحرب في غزة، وكلما تمادت “إسرائيل” أكثر، زادت فرص حزب الله في التدخل، وتبقى هذه الورقة قيمتها في عدم استخدامها، لأن سلاح الردع يفقد قيمته حين يبقى جزءاً من المعركة؛ لأنه يصبح سلاح هجوم”.
وأضاف: “من الممكن أن يتدخل في مرحلة لاحقة في حال دخلت “إسرائيل” في عملية واضحة من أجل تهجير المواطنين في قطاع غزة”.
ويستبعد أن يكون الموقف الإيراني حاسماً، مؤكداً أن طهران “ربما تكون مستعدة أن تدخل في صفقات مع الغرب إذا ما أبدت مرونة في موقفها من هذا الصراع”.
ويضيف: “المواجهة الحقيقية هي فلسطينية إسرائيلية، حتى وإن وجد تحالف بين المقاومة الفلسطينية وإيران، لكون هذا الحلف تعرض لانتكاسات في العقد المنصرم”.