التلوث یعود لسماء طهران وسياسات حكومية متواضعة لمواجهته

مع بدء فصل الخريف واقتراب الأيام الباردة يعود شبح التلوث ليحل على أجواء طهران ويجعل منها مدينة شاحبة ومكتظة بالملوثات والأمراض التنفسية.

ميدل ايست نيوز: منذ أكثر من أسبوع وسكان طهران يتنفسون هواء ملوثا، وقد أدى الارتفاع التدريجي في تركيز الجزئيات الملوثة لانتشار أنباء عن عطلة لثلث العاملين في الدوائر الحكومية في العاصمة لتنفيها الجهات المعنية لاحقاً وتؤكد استمرار العمل على شكله الطبيعي.

وذكرت صحيفة دنياي اقتصاد في مقال لها، أن الطقس في طهران في الـ 24 ساعة الماضية كان “غیر صحي لجميع الفئات” لنحو 10 ساعات متتالية وسادت حالة الطوارئ على مختلف مناطق العاصمة.

وبالمرور على نموذج التغيرات في مؤشر جودة الهواء على مدار النهار والليل يظهر أنه في الأيام الملوثة يواجه سكان العاصمة موجة ليلية من التلوث لمدة 10 ساعات، وفي هذه الفترة الزمنية يصل مؤشر جودة الهواء إلى ذروته تحت تأثير العديد من العوامل التي سنتطرق لها تباعاً.

ومع بدء فصل الخريف واقتراب الأيام الباردة يعود شبح التلوث ليحل على أجواء طهران ويجعل منها مدينة شاحبة ومكتظة بالملوثات والأمراض التنفسية.

مر سكان العاصمة الإيرانية بثمانية أيام ملوثة منذ مطلع هذا الشهر إلى اليوم، ورغم أن مؤشر جودة الهواء شهد في الأيام الأولى من فصل الخريف معدلات تلوث أقل، إلا أن هذا المؤشر واجه خلال الأيام الثلاثة الأخيرة ارتفاعا مخيفا، بحيث تحولت قيمة هذا المؤشر في بعض الساعات من النطاق البرتقالي (غير صحي للفئات الحساسة) إلى النطاق الأحمر (غير صحي لجميع الفئات)، الأمر الذي دفع بفرق الطوارئ لعقد اجتماع مستعجل وفرض عطلة على رياض الأطفال والمدارس الابتدائية وجعلها عبر الإنترنت حتى إشعار آخر.

ما قصة التلوث في طهران؟

تظهر دراسة تغيرات كل ساعة في مؤشر جودة الهواء في طهران، أن سكان العاصمة يواجهون موجة ليلية من تلوث الهواء كل عام خلال هذه الفترة، مما يعني أن تركيز ملوثات الهواء يزداد خلال ساعات الليل.

ويرى الخبراء في شؤون الطقس أن الزيادة الليلية في تلوث الهواء في العاصمة ناجمة عن ثلاثة عوامل على الأقل، وأهمها “المتغيرات الجوية” التي تتفاعل مع الطقس البارد وتصل إلى ذروتها بعد منتصف الليل.

أما العامل الآخر، فقد خلص الخبراء إلى أن نمط “الحياة الليلة” الشائع بين سكان طهران يؤدي إلى تشكل الضباب الدخاني وارتفاع معدلات تلوث الهواء في الليل.

وقد يختلف نمط الحياة الليلية الموجود في طهران عن التعريف الشائع في مدن العالم الكبرى، فالعائلات في العاصمة الإيرانية يؤجلون أنشطتهم الترفيهية والنزهات والتسوق وقضاء وقت الفراغ إلى ما بعد انتهاء ساعات العمل، وبالنتيجة يزداد تردد وسائل النقل (قبل منتصف الليل) لترتفع بدورها الملوثات وتهيمن على أجواء المدينة بعد هذا التوقيت.

وبطبيعة الحال، لم يتم إجراء أي دراسة توضح بالضبط كيف يساهم نمط الحياة هذا في تفاقم تلوث الهواء الليلي في طهران، ولكن وفقًا للخبراء، فإن هذا المتغير يمثل بالتأكيد حصة من الوضعية الحمراء للهواء ليلاً.

مساهمة المحروقات في التلوث الليلي

بناءً على قرار فرق عمل طوارئ تلوث الهواء، قامت شرطة مرور طهران وشرطة الطرق السريعة منذ الليلة الماضية بمنع حركة المرور الليلية لمركبات الديزل الثقيلة التي تفرز العديد من الملوثات، ويعد هذا القرار أحد الإجراءات الثابتة التي يتم اتخاذها في حالات طوارئ تلوث الهواء.

وتشير تحقيقات الخبراء إلى أن العامل الثالث لتفاقم تلوث الهواء الليلي، خاصة بعد منتصف الليل، يعود إلى السماح بحركة مركبات الديزل الثقيلة في هذا الوقت، مما يؤدي في بعض الأحيان إلى تراكم الملوثات في الأجواء لعدة ساعات ويحافظ على ارتفاع المؤشر لعدة ساعات.

قرارات متأخرة ضد التلوث

لا شك في أن للعوامل الطبيعية كالانقلاب الحراري دور واضح في تفاقم أزمة تلوث الهواء في طهران كما مدن العالم الأخرى، لكن هذا لا يعني إغفال دور العوامل البشرية التي لها يد في هذا الظاهرة، لا سيما بالنسبة لطهران فهي مدينة مكتظة بالسكان وحركة المرور تكاد لا تفارق طرقها على مدار الساعة. فحركة السيارات المستمرة، خاصةً إذا كانت مهترئة وغير خاضعة لمعايير السلامة، تعني مزيداً من الملوثات والضباب الدخاني ومزيداً من الأمراض في الجهاز التنفسي.

لكن إلى جانب جميع العوامل التي تساهم في جعل هواء طهران أكثر تلوثاً، فإن إهمال السياسات من قبل سلطات البلاد التي يمكن أن تمنع الأوضاع من أن تصبح حرجة إلى هذا الحد يمثل أيضاً المشكلة الأكبر. فبالأمس وبعد مرور سبعة أيام على هيمنت التلوث على أجواء طهران، تيقنت فرق عمل الطوارئ إلى خطورة الأمر وعقدت اجتماعاً لتناول ما يجب اتخاذه للحد من أضرار هذا التلوث، وهي خطوة لاقت انتقاداً لاذعاً من قبل المتخصصين الذين أكدوا أنه لو تم اتخاذ خطوات استباقية لهذا التلوث لما وصل مؤشر جودة الهواء اليوم إلى 150 ميكرو غراما لكل متر مكعب.

إقرأ أكثر

الضباب الدخاني يخيم على طهران ويعطل العملية التعليمية.. ما أسبابه؟

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

واحد × 3 =

زر الذهاب إلى الأعلى