الضباب الدخاني يخيم على طهران ويعطل العملية التعليمية.. ما أسبابه؟

لم يختلف فصل الشتاء هذا العام في طهران عن غيره من المواسم الباردة في السنوات الماضية، فقد تكرر سيناريو السحاب الأسود والضباب الدخاني وأغرق العاصمة في ثبات خريفي.

ميدل ايست نيوز: لم يختلف فصل الشتاء هذا العام في طهران عن غيره من المواسم الباردة في السنوات الماضية، فقد تكرر سيناريو السحاب الأسود والضباب الدخاني وأغرق العاصمة في ثبات خريفي وشلّ العملية التعليمية ودفع سلطات البلاد لإعلان حالة الطوارئ وتحذير المواطنين من التجوال في الشوارع إلا للضرورة.

مر ما يقرب من أسبوع منذ أن كانت العاصمة الإيرانية في شبه عطلة. حيث تراوح مؤشر تلوث الهواء بين 130 و200 ميكرو غراما لكل متر مكعب، الأمر الذي أجبر سلطات طهران على تعطيل الجامعات والمدارس ورياض الأطفال ومتابعة عملية التدريس عبر الأنترنت عن بُعد. وفي حال وصل مؤشر التلوث إلى 200 فقد تقرر إدارة الأزمات في البلاد عطلة رسمية لعدة أيام تشمل جميع الدوائر الحكومية في طهران.

بالإضافة إلى هذا، أدت مستويات تلوث الهواء القياسية إلى إعلان وزارة الصحة الإيرانية حالة طوارئ ونشر حافلات مجهزة بالوسائل الطبية اللازمة في عدة نقاط من أنحاء العاصمة.

ولم تسلم الأنشطة الرياضية من هذه الأزمة، فقد أعلن رئيس لجنة المنافسة في الاتحاد الرياضي، سهيل مهدي، يوم الجمعة، أن القرار النهائي بشأن حضور المشجعين وتعليق الفعاليات الرياضية سيصدر صباح الأحد على أبعد تقدير.

وأعلنت شركة مراقبة جودة الهواء في طهران أنه مع استمرار هذه الظروف الجوية وزيادة حركة المرور المسائية حتى وقت متأخر من يوم الجمعة، من المتوقع حدوث زيادة في تركيز الملوثات وظهور حالة “تلوث غير صحي” للفئات المرضية الحساسة في معظم المناطق.

بينها العقوبات.. ماهي أسباب التلوث؟

يعتبر السبب الرئيسي لتلوث الهواء في الكثير من دول العالم هو قلة تدفق الهواء والكثافة السكانية وغازات العادم من السيارات والدراجات النارية القديمة وعدة عوامل داخلية أخرى.

وفي طهران منفردة، يسير نحو مليونين وثمانمائة ألف سيارة، أكثر من نصفها لم تخضع لفحوصات فنية دورية وهو ما يعني أن عوادمها غير فعالة وتطلق دخاناً أكثر، كذلك عدم مراعاة مقاييس الجودة الفنية في صناعة غالبية السيارات التي بدأ تطبيقها في معامل السيارات الإيرانية منذ عام 2003. بحسب ما قاله عضو في لجنة البيئة في طهران.

ووفقاً لإحصاءات بلدية طهران، بلغ عدد الدراجات النارية في العاصمة تقريباً عدد السيارات، وقالت إن التلوث الذي تسببه دراجة واحدة يساوي عدة سيارات، فهذه الدراجات تطلق تقريباً 50% من المواد الملوِّثة التي تسببها المركبات.

وتعد مدافن النفايات والانبعاثات الفائقة التي تنتجها مصدراً آخر للتلوث. وفي وقت سابق، نشر الموقع الرسمي لوكالة الفضاء ناسا تقريرًا عن مناطق انبعاث غاز الميثان الحيوي على الكوكب، حيث رصد التقرير منطقة في جنوب “محافظة طهران” تتراكم فيها النفايات المنتجة والمعاد تدويرها وتكثر فيها النشاطات البشرية كواحدة من ثلاث نقاط رئيسية في العالم انتاجاً لهذا الغاز شديد التلوث. حسب ما أفادت وكالة “برنا” الإيرانية.

وبسبب العقوبات الدولية المفروضة على إيران ومن بينها حظر استيراد البنزين، لجأت البلاد إلى إنتاج هذه المادة محليا لتحقيق الاكتفاء الذاتي، وبحسب ما قاله ناشطون في مجال الطاقة قد يكون هذا سبباً في ارتفاع نسبة التلوث، وفي هذا الصدد، يرى ناشطون أن تدني نوعية هذا البنزين قد يؤثر على محركات السيارات لتطلق دخاناً أكثر، كما أنه ينتج مادة وجزيئات المركبات العطرية التي تسبب السرطان.

كما أن هناك عاملا آخر للتلوث الجوي في فصل الشتاء بإيران فهو “ظاهرة الانقلاب الحراري” التي تحدث عندما تصبح طبقة من الهواء الساخن على تماس مباشر مع أخرى من الهواء البارد على مقربة من سطح الأرض، وفق الناشط البيئي رضا شريبي.

الحكومة الإيرانية لم تُقدم على شيء سوى التصريح

في الوقت الذي يتخذ فيه مؤشر تلوث الهواء اتجاها تصاعديا، اقتصر عمل السلطات في إيران على وعود كانت إما بالحد من أسباب تلوث الهواء أو الطلب من الناس الدعاء، لعل الله يرحمهم وتمطر السماء وسيتمكن سكان المدينة من ملء رئتهم بالهواء النقي لبضعة أيام والاستعداد لأزمة التلوث القادمة.

وبالطبع، لا تعتبر أزمة التلوث حدثاً جديداً على الإطلاق. حيث كان هذا الوضع في طهران والعديد من المدن الإيرانية الكبرى في السنوات الماضية جزءًا لا يتجزأ من حياة الناس. وبقدر ما يتكرر حدوث هذه الحادثة بالنسبة للإيرانيين، فقد تتكررت أيضًا تصريحات مسؤولي الدولة ردًا على هذه الظاهرة.

نائب بالبرلمان الإيراني يطالب بمعاقبة وزارة النفط بسبب تلوث الهواء

وبحسب صحيفة هم ميهن الإيرانية، قال رئيس لجنة الصحة والبيئة والخدمات الحضرية في مجلس مدينة طهران، مهدي بيرهادي: “إن الميزانية المخصصة لتقليل انبعاث الغازات الخطرة في جميع محطات الوقود في طهران هي أقل من 500 مليار تومان، لكن حجم الأضرار والإصابات الناتجة عن ذلك مرتفع للغاية وفي بعض الأحيان تعرض حياة الناس للخطر. وعليه، يجب على السلطة القضائية متابعة أسباب عدم اتخاذ وزارة النفط أي إجراء في هذا الصدد”.

وبالأمس، كلف رئيس القضاء في محافظة طهران، أحد نوابه بالتحقيق في احتمال إهمال وتقاعس السلطات الحكومية في مجال قانون الهواء النظيف، وأمر بتشكيل لجنة مشتركة للتحقيق في التقصير المحتمل للمؤسسات لعدم عملها الجاد في تنفيذ مقررات هذا القانون وتطبيقها على أرض الواقع.

إيران في المرتبة 19 عالمياً

وأعلن رئيس إدارة صحة الهواء والتغير المناخي بوزارة الصحة، عباس شاهسوني، في مقابلة صحفية مع وكالتي أنباء فارس وايسنا أنه خلال عام 2020، سجلت إيران 41700 حالة وفاة في جميع أنحاء البلاد بسبب تلوث الهواء، وبسبب هذا العدد من الوفيات، احتلت إيران المرتبة 19 عالميا من حيث نسبة الهواء الأكثر تلوثًا.

وفي ظل الظروف الصعبة التي تعيشها البلاد، تزيد أزمة تلوث الهواء من وتيرة التحديات التي تواجه الشعب الإيراني، الذي يأمل أن يأتي وقت تقوم فيه الحكومة باقدامات جادة وعملية في إطار الحد من الانعكاسات الحرارية التي تغطي سماء العاصمة ومدن إيرانية أخرى في كل خريف وشتاء من كل عام.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اثنان + أربعة عشر =

زر الذهاب إلى الأعلى