من تهريب البشر والمخدرات إلى الهجمات الإرهابية… من هو “داعش خراسان”؟
تعتبر هذه الجماعة الإرهابية الأكثر تطرفا وعنفا في أفغانستان، فهي الفرع المحلي لتنظيم داعش في أفغانستان وباكستان، والتي أصبحت اليوم أكثر بروزا مع فقدان داعش نفوذه في المنطقة.
ميدل ايست نيوز: في السنوات الأربع الماضية، تبنت هذه الجماعة معظم الهجمات الإرهابية الدموية في أفغانستان وباكستان. تدعى داعش خراسان أو بتعبير أدق “الدولة الإسلامية في العراق والشام (ولاية خراسان)”.
تعتبر هذه الجماعة الإرهابية الأكثر تطرفا وعنفا في أفغانستان، فهي الفرع المحلي لتنظيم داعش في أفغانستان وباكستان، والتي أصبحت اليوم أكثر بروزا مع فقدان داعش نفوذه في المنطقة في السنوات الأخيرة. فقد أعلنت مسؤوليتها عن الهجمات الإرهابية التي شهدتها إيران في السنوات الأخيرة، والتي تشمل الهجوم على مبنى البرلمان وضريح الإمام الخميني وهجومين على ضريح شاه جراغ والهجوم الإرهابي في كرمان. بالتالي، وبعد أن تصدر اسم هذه الجماعة عناوين الأخبار مرة أخرى، لا بد من المرور بشكل وجيز على خلفية تأسسها واستعراض أبرز الهجمات الدموية التي قامت بها.
من مبايعة أبي بكر البغدادي إلى مقتل قيادات داعش في خراسان
في عام 2014، عندما كان تنظيم داعش الإرهابي في ذروة قوته، أسس فرعًا محليًا في أفغانستان وباكستان لتوسيع دائرة انتشاره وأطلق عليه اسم “داعش خراسان”. حيث تمت هذه الخطوة أولاً عن طريق إرسال ممثلين للتشاور مع زعماء القبائل المتمردة هناك، ليتمكن في النهاية من فرض نفوذه في تلك المناطق من باكستان وأفغانستان عبر دعايته المعتادة. نشر أول بيان رسمي للإعلان عن هذه الجماعة الإرهابية رسميا في عام 2015. وخلال هذه المشاهد، بايع ستة أفراد ملثمين أبو بكر البغدادي، زعيم داعش آنذاك. حتى تلك اللحظة لم يكن لولاية خراسان قائد يتولى أمورها، لكن بعد هذا الإعلان عن وجودها رسميًا، تم اختيار “حافظ سعيد خان” كأول زعيم للجماعة، والذي تمكن من تجنيد أعضاء لهذه الجماعة من بين البدو المحليين والجماعات السلفية في باكستان، وكذلك المتمردين والفارين.
وبعد مرور عام، قتلت أمريكا أول زعيم لداعش خراسان عبر هجوم بطائرة مسيرة. ولم يصمد الخليفة التالي للجماعة، “عبد الحسين لوجوري”، أكثر من عام، حيث قتلته القوات الأمريكية أيضًا، ليتولى “عبد الرحمن غالب” الخلافة بعده، ويقتل هو الآخر بعد بضعة أشهر بهجوم مسيّر. بعد ذلك، غاب قادة هذه الجماعة الإرهابية عن الأنظار لبعض الوقت، ثم تولى الخلافة شخص يدعى “مولوي ضياء الحق”، أما الآن فيترأس “داعش خراسان” شخص يدعى “مولوي عبد الله”.
تهريب البشر والمخدرات
أسس فرع داعش خراسان بهدف مهاجمة أفغانستان وباكستان والهند وإيران. لكن معظم الهجمات الإرهابية لهذا التنظيم تجلت في أفغانستان وباكستان، كما تم تنفيذ بعض العمليات في إيران. تتمركز هذه الجماعة في مدينة “ننجرهار” شرقي أفغانستان، والتي تقع على الحدود مع باكستان والبعيدة عن حدود إيران. ويقال أن تواجد هذه الجماعة في هذا المكان يعود لأهمية قربه من طرق تهريب البشر والمخدرات من وإلى باكستان، والذي يعد أحد مصادر الدخل الرئيسية لها، إلى جانب ما يقدمه بعض الزعماء العرب الأثرياء من وراء الستار.
على أية حال، تمكنت هذه الجماعة الإرهابية من الاستمرار في عملياتها لمدة 9 سنوات منذ عام 2015. خلال هذا الوقت، ذكرت تقارير عدة أن عناصر داعش خراسان معظمهم من الباكستانيين والأفغان والأعضاء السابقين في طالبان، وحتى من أوزبكستان وطاجيكستان والصين وروسيا. لا توجد إحصائيات دقيقة حول عدد عناصر هذه الجماعة، لكن بحسب التقديرات، وصل عدد قواتها إلى 3000 خلال ذروة تنظيم داعش، والذي انخفض في السنوات الأخيرة بسبب الخسائر الفادحة في الصراعات التي خاضتها. حتى أن بعض المصادر تقدر عدد الأعضاء المسلحين في هذه الجماعة بما يتراوح بين 150 إلى 200 شخص.
الأعمال الدموية لداعش خراسان في باكستان وأفغانستان
ورغم تقليص قوات هذه الجماعة إلا أن هجماتها الإرهابية والدموية استمرت في السنوات الأخيرة. لكن يبدو أن الهجوم الإرهابي الأكثر دموية لها وقع في باكستان عام 2016، عندما قُتل نحو 250 شخصا في تفجير كبير. كما أدت هجمات داعش خراسان خلال العامين الأخيرين في أفغانستان إلى مقتل العديد من الأشخاص، من بينهم 40 طالب مدرسة، و22 جامعي في كابول، وما لا يقل عن 170 شخصًا في مطار كابول. أما في كرمان، فقد راح جراء الانفجارين الإرهابيين اللذين نفذا من قبل هذه الجماعة نحو 95 شخص وأصيب 211 آخرين.
طالبان وداعش خراسان
مما لا شك فيه أن لداعش خراسان خلافات جوهرية مع طالبان، لكن للأخيرة ماضي طويل مع هذه الجماعة إلا أنها لا زالت تخفيه عن الأنظار إلى الآن. يقول تنظيم الدولة الإسلامية إن حركة طالبان قد تخلت عن الجهاد وسلكت طريق السلام من خلال المفاوضات. ولذلك، فإن بعض أعضاء طالبان، الذين لا يعتبرون هذه الجماعة متطرفة بما فيه الكفاية، ينضمون أيضًا إلى داعش خراسان.
لكن هذه القصة مختلفة قليلاً إذا نظرنا بين السطور. حيث تذكر تقارير أن داعش خراسان مرتبطة ببعضها البعض من خلال شبكة حقاني، وهي إحدى الجماعات المقربة من طالبان. ترتبط شبكة حقاني بسراج الدين حقاني، وزير الداخلية في حكومة طالبان. من ناحية أخرى، قبل عامين، كتب أمر الله صالح، الذي اعتبر نفسه الرئيس الشرعي لأفغانستان بعد رحيل أشرف غني، في تغريدة على تويتر: “تشير كل الأدلة إلى أن تنظيم داعش خراسان له جذور في حركة طالبان وشبكة حقاني التي تعمل في كابول”. ومع ذلك، ليس من الواضح ما هو النهج الذي ستتخذه طالبان لمنع الهجمات الإرهابية لهذا التنظيم. وبالطبع تجدر الإشارة إلى أن معظم الهجمات الإرهابية لداعش خراسان كانت تستهدف المناطق الشيعية في أفغانستان.