من الصحافة الإيرانية: السياسة الخارجية الإيرانية تعاني من عدم الحسم

يعاني اقتصاد إيران وسياستها الخارجية وعلاقاتها الاقتصادية الخارجية من بعض الإبهامات وعدم الحسم.

ميدل ايست نيوز: يعاني اقتصاد إيران وسياستها الخارجية وعلاقاتها الاقتصادية الخارجية من بعض الإبهامات وعدم الحسم. فبحسب تقديرات خبراء مصرفيين، فإن الخسارة المالية التي تتكبدها إيران بسبب عدم الانصياع لتوصيات مجموعة العمل المالي تتراوح بين 8 و14% سنويا. سبب هذه الخسارة هو مطالبة البنوك الأجنبية “بالإشراف المزدوج” على المعاملات المتعلقة بإيران و”الإجراءات المضادة” ضد إيران.

وبالمرور على حجم التبادل الخارجي لإيران مع العالم خلال عام 2023 والذي بلغ 95 مليار دولار، يمكن تقدير خسائرها خلال هذه السنوات، علما أن نزر يسير من التبادلات تلك تتم عبر مكاتب الصرافة والتي تتطلب مخاطرة وتكاليف عالية.

الاتفاق النووي هو الملف الآخر الذي لم يتضح مصيره بعد، فإلى الآن لم يتبين ما إذا كان ينبغي على إيران اعتبار خطة العمل الشاملة المشتركة منتهية أم الحفاظ على أمل إعادة إحيائها. وهذا الأمر تحدده الحكومتين الإيرانية والأميركية.

كوني إيرانيا ملزم بالاحتجاج أمام الحكومة الأمريكية بسبب فرضها عقوبات على بلدي، لكن على أي حال لا أستطيع تقديم أي مطالب للحكومة الأمريكية، فهي لها أولوياتها وحساباتها، وهي مسؤولة أمام الكونغرس الأميركي والشعب الذي انتخبها، ويجب تحديد مهمتها في الانتخابات المقبلة. بالإضافة إلى ذلك، بالنسبة للحكومة الأمريكية التي بلغ ناتجها المحلي الإجمالي 27 تريليون دولار في عام 2023 والتي تملك علاقات اقتصادية متواضعة مع إيران، فإن تعليق خطة العمل الشاملة المشتركة ليس له أي تأثير اقتصادي عليها، لكن بالنسبة لإيران، التي بلغ ناتجها المحلي الإجمالي 367 مليار دولار في عام 2023، فإن تعليق هذه الاتفاقية واستمرار العقوبات الأمريكية لهما تأثير كبير.

والأسوأ فيما يتعلق بالاتفاق النووي هو المدة الباقية لتوضيح مصيرها والتي لا تتجاوز السنة وسبعة أشهر. وعلى الرغم من انسحاب ترامب من خطة العمل الشاملة المشتركة، فإن الآليات المضمنة فيها والقرارات ذات الصلة في المرحلتين السابقتين، في أكتوبر 2020 وأكتوبر 2023، أتاحت إلغاء العقوبات المفروضة على الأسلحة والصواريخ تلقائيًا، بالإضافة إلى العقوبات على بعض المؤسسات والأفراد الإيرانيين.

إذا تم إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة أو إذا كان لا يزال هناك أمل في إحيائها، ففي الفصل التالي، أي في أكتوبر 2025، سينتهي القرار 2231، وسيتم إلغاء العقوبات المفروضة على برنامج إيران النووي وسيتم إزالة برنامج إيران النووي من جدول أعمال مجلس الأمن الدولي. ولن يتم تحقيق هذه الأمور ما لم يتم تفعيل آلية “سناب باك” أو “آلية الزناد”، وبالتالي عدم إحياء قرارات العقوبات السابقة لمجلس الأمن ضد إيران.

ومصير الانتخابات الأميركية هو مصدر تعليق آخر سيلقي بظلاله على الاقتصاد الإيراني من الآن وحتى منتصف نوفمبر المقبل، وحتى ذلك الحين سيكون لكل أنواع المضاربات آثارها السلبية على اقتصاد البلاد. ومع الانتهاء من ترشيح بايدن وترامب، فإن تصور الناشطين الاقتصاديين، سواء كانوا على حق أم لا، هو أنهم يجب أن يشعروا بالقلق بشأن عودة ترامب إلى البيت الأبيض، وذلك لوجود احتمال كبير بفرض عقوبات عنيفة فور عودته.

بالإضافة إلى ذلك، قد يؤثر ترامب على إيران من خلال تغيير السياسة الخارجية للولايات المتحدة، بما في ذلك نوع العلاقة مع روسيا وتبني سياسة مختلفة فيما يتعلق بأزمات الشرق الأوسط.

بالإضافة إلى هذه الإبهامات في السياسة الخارجية، فإننا نواجه أيضًا عدم يقين في السياسة الداخلية، وهي خارج نطاق هذا المقال. ولكن تأثيراتها السيئة لا تقل عن الإبهامات التي تحيط بالسياسة الخارجية. وترتبط هذه الإبهامات ببعضها البعض ويمكن أن يكون لتفاقم أو تعديل كل منها تأثير إيجابي أو سلبي على الآخر.

في المجمل، لا يَسمح أي بلد بمواجهة مثل هذه الإبهامات لفترة طويلة من الزمن، فهو كالسم في فروع الاقتصاد والأجواء الاجتماعية. ولا ينبغي لحكومتنا أن تستبعد نفسها من هذه القاعدة.

 

كوروش أحمدي
دبلوماسي إيراني سابق لدى الأمم المتحدة وخبير في العلاقات الدولية

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

3 × 5 =

زر الذهاب إلى الأعلى