ما الذي جرى باجتماع مجلس الأمن بشأن الاعتداء على القنصلية الإيرانية في دمشق؟

شدد مساعد الأمين العام للأمم المتحدة خالد خياري على "ضرورة احترام حرمة المباني الدبلوماسية والقنصلية وموظفيها في جميع الحالات وفقاً للقانون الدولي".

ميدل ايست نيوز: شدد مساعد الأمين العام للأمم المتحدة خالد خياري على “ضرورة احترام حرمة المباني الدبلوماسية والقنصلية وموظفيها في جميع الحالات وفقاً للقانون الدولي”، مضيفاً أن “النظام الدولي القائم على القواعد ضروري للسلام والأمن الدوليين، وهو الأمر الذي تم تكليف مجلس الأمن بالحفاظ عليه”.

تصريحات المسؤول الأممي جاءت خلال إحاطة له أمام مجلس الأمن الدولي الذي اجتمع، مساء أمس الثلاثاء، تحت بند “التهديد للأمن والسلم الدوليين” بطلب من روسيا وبدعم من الصين لمناقشة الضربات الصهيونية على مقر للقنصلية الإيرانية في سورية.

وأشار خياري إلى الرسائل التي بعثتها إيران في هذا الصدد إلى كل من مجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، والتي جاء فيها أن “إسرائيل هاجمت موقعاً لمبانيها الدبلوماسية في دمشق بضربات صاروخية، ما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن خمسة موظفين إيرانيين، بمن فيهم مستشارون عسكريون كبار، وإصابة آخرين. وتحدثت تقارير إعلامية لاحقة اليوم عن ارتفاع عدد القتلى إلى 13، سبعة إيرانيين وستة مواطنين سوريين”، مكرراً إدانة غوتيريس للهجوم.

وذكّر المسؤول الأممي الدول الأعضاء في المجلس بإحاطات سابقة لمبعوث الأمين العام للأمم المتحدة الخاص بسورية غير بيدرسون حول العنف على الأرض في سورية، حيث إن هناك “ستة جيوش أجنبية تعمل على أراضيها، وهو ما يؤثر على حياة المدنيين، ويجعل الحل السلمي للصراع بعيد المنال. ومن بينها الهجمات القاتلة بشكل متزايد على أهداف مرتبطة بإيران في سورية تُنسب إلى إسرائيل، خاصة منذ الصراع الحالي مع حماس في غزة الذي بدأ في السابع من أكتوبر (تشرين الأول). وقد أبلغت مصادر مفتوحة عن وقوع ما لا يقل عن 12 من هذه الهجمات منذ بداية هذا العام”.

وأشار المسؤول الأممي إلى “أنه نادراً ما أعلنت إسرائيل مسؤوليتها عن أي من هذه الحوادث، إلا أن مسؤوليها اعترفوا مراراً وتكراراً بعملياتها العسكرية في سورية، وأشاروا إلى حدوث المزيد من هذه العمليات في المستقبل”.

وختم المسؤول الأممي إحاطته “بتكرار دعوة الأمين العام لجميع الأطراف المعنية إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس وتجنب المزيد من التصعيد…أي خطأ في التقدير يمكن أن يؤدي إلى صراع أوسع نطاقاً في منطقة مضطربة بالفعل، مع عواقب مدمرة على المدنيين الذين يشهدون بالفعل معاناة غير مسبوقة في سورية، ولبنان، والأراضي الفلسطينية المحتلة، والشرق الأوسط عموماً”.

إلى ذلك، أدان عدد من الدول الأعضاء في مجلس الأمن خلال الجلسة المفتوحة الهجمات الصهيونية، بمن فيها الجزائر والصين وروسيا، وحذروا من مزيد من التصعيد في المنطقة وعواقب ذلك.

وعبر مندوب روسيا لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا بداية عن قلقه من عدم تنفيذ الكيان الصهيوني قرار وقف إطلاق النار في غزة خلال رمضان، الذي تبناه مجلس الأمن الأسبوع الماضي، وأكد على أن القرار ملزمٌ قانونياً، ورأى أن التقاعس “يحدث بتواطؤ مع الولايات المتحدة”.

وأشار نيبينزيا إلى قتل عاملين في المجال الإنساني، ليل الاثنين الماضي، من منظمة “المطبخ المركزي العالمي” الدولية غير الحكومية في غزة، وشدد على أن المجلس سيناقش ذلك في وقت لاحق، مؤكداً أن اجتماع الثلاثاء يأتي لمناقشة “جانب آخر من ممارسات إسرائيل غير المسؤولة والرعناء”.

وقال إن الكيان الصهيوني استهدف “مقرا قنصليا إيرانيا، كما أن مكتب سفير إيران لدى سورية تعرض لأضرار وسقوط عدد من القتلى والجرحى في صفوف الموظفين. ندين هذا الهجوم بأشد العبارات، ونرى أن أي هجوم يستهدف مقر قنصلية أو دبلوماسية، والذي تضمن حصانته اتفاقية فيينا للأعوام 1961 و1963، غير مقبولة على الإطلاق”.

وأشار إلى أن هذا الهجوم يأتي ضمن هجمات عديدة شنها الكيان الصهيوني على مناطق مأهولة بالسكان وعلى البنية التحتية في سورية وعلى جيرانها، ودعا الأسرة الدولية إلى إدانة “أفعال إسرائيل الرعناء بشكل لا لبس فيه… ومن الضروري أن تتيح الأسرة الدولية تقييماً قانونياً وموضوعياً لأفعال إسرائيل في الشرق الأوسط”.

من جهته، قال نائب السفيرة الأميركية روبرت وود إن بلاده لم تشارك في الاعتداءات ولم تكن على دراية مسبقة بها وأنها أبلغت إيران بذلك. وأضاف “لا يمكننا تأكيد أي معلومات عن هذا الحادث، حيث نحن بصدد جمع التفاصيل، ولكن من الواضح أن إيران وعملاءها يجب أن يتجنبوا التصعيد في المنطقة”.

وتحدث وود عن تحذير بلاده لإيران، منذ هجمات السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، “بشكل متكرر من عدم استغلال الوضع وتكثيف حربها بالوكالة ضد إسرائيل”، ورأى أن إيران تجاهلت ذلك ودعمت المجموعات المسلحة التي تشن الهجمات على الكيان الصهيوني.

وتحدث عما سمّاه “ذراع إيران” في العديد من العمليات بما فيها دعم الحوثيين، وأشار إلى تحذيرات أطلقتها بلاده “للنظام السوري بضرورة لجم إيران والأعمال المزعزعة للاستقرار”، مؤكداً على ضرورة حماية المقرات الدبلوماسية عموماً، ومعبراً، في الوقت ذاته، عن “قلق بلاده من تقارير مفادها وجود قادة وعناصر إرهابية في هذا المقر”، وأضاف “ندين دعم وتدريب وتسليح إيران لإرهابيين ومتطرفين”.

وطلب ممثل روسيا الحديث مجدداً بعدما أدلت بقية الدول الأعضاء بالمجلس بمداخلاتها، وعبر عن فزعه من عدم إدانة الدول الغربية دائمة العضوية في مجلس الأمن، فرنسا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة، الهجمات الإسرائيلية على مقر القنصلية، وقال “نشعر بالفزع من المعايير المزدوجة والمفارقات التي سمعناها”، وأضاف نيبينزيا أن “ممثل فرنسا (نيكولا دي ريفيير) قال كل شيء باستثناء كلمة إدانة واحدة لانتهاك آخر للقانون الدولي أقدمت عليه إسرائيل”.

وقال إن “الولايات المتحدة لطالما كانت لديها معلومات حول أي موضوع، وهم فخورون بذلك، بفضل قدراتهم الاستخباراتية، لكن الآن لا توجد لديهم أي معلومات محققة أو تأكيد حول هذه الأحداث. يا لها من مفارقة”، واستغرب اتهام الولايات المتحدة والمملكة المتحدة لإيران إثر الهجمات على قنصليتها محملاً الدول الغربية مسؤولية أي تصعيد في المنطقة.

من جهتها، وصفت إيران خلال الجلسة الهجمات الصهيونية بـ”الإرهابية”، ودعت مجلس الأمن إلى ادانتها، كما وصفت ممارسات الكيان الصهيوني بأنها تشكل تهديداً للأمن والسلم الدوليين وتهدف إلى تصعيد النزاع وانتشاره مع الاستمرار في الإفلات من العقاب.

بدوره، اعتبر مندوب الجزائر الدائم لدى الأمم المتحدة عمار بن جامع الهجوم على قنصلية إيران في دمشق “انتهاكاً واضحاً للقانون الدولي وحصانة المقرات الدبلوماسية والقنصلية، وانتهاكاً سافراً للالتزامات الدولية على يد قوة إسرائيل القائمة بالاحتلال لا يمكن التسامح معه”.

وقال بن جامع خلال اجتماع مجلس الأمن، إنه “يجب رفع الصوت عالياً في وجه الآثار الخطيرة المتأتية عن هذا الاستفزاز”، مشيراً إلى أن “توقيت هذه الهجمة يؤشر إلى غض الطرف عمداً عن النداءات التي تصدر عن الأسرة الدولية من أجل وقف الأعمال العدائية الصهيونية”.

وطالب مندوب الجزائر الدائم لدى الأمم المتحدة بردّ مجلس الأمن بشكل حاسم “على هذا التحدي لمبادئ سيادة الدولة والحصانة الدبلوماسية واحترام سلامة الأراضي السورية”.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
العربي الجديد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إحدى عشر − 9 =

زر الذهاب إلى الأعلى