من سيخلف “رئيسي” في رئاسة إيران… الأصوليون أم الإصلاحيون؟

في ظل غياب رئيس إيران المنتخب عام 2021، يتعين على الشخصيات والجماعات السياسية التي أعدت نفسها لإجازة مدتها خمس سنوات على الأقل، أن تتخذ قرارات جدية للسنوات الثماني المقبلة خلال مهلة لا تتجاوز 30 يوما.

ميدل ايست نيوز: منذ الدقائق الأولى لإعلان الحداد العام على استشهاد إبراهيم رئيسي في حادث المروحية المنكوبة ورشقات التكهنات حول مرشحي الانتخابات تكاد لا تفارق الأجواء الإعلامية الداخلية منها، في إيران، والخارجية، فمن سيترشح للانتخابات الرئاسية الإيرانية المبكرة ومن أي الأحزاب هم؟

لم يتوقع أحد أن حادثة كهذه ستقع وتؤدي إلى شطب أهم شخصية تنفيذية من المشهد السياسي الإيراني. وبما أن أغلب رؤساء إيران حكموا لدورتين متتاليتين، لم يتوقع أحد أن تكون انتخابات العام المقبل ساخنة إلى هذه الدرجة. لكن الآن، وفي ظل غياب رئيس إيران المنتخب عام 2021، يتعين على الشخصيات والجماعات السياسية التي أعدت نفسها لإجازة مدتها خمس سنوات على الأقل، أن تتخذ قرارات جدية للسنوات الثماني المقبلة خلال مهلة لا تتجاوز 30 يوما.

سنتناول في هذا التقرير أهم الشخصيات التي طرحت أسماؤها للانتخابات الرئاسية الإيرانية المبكرة، من الإصلاحيين ثم المعتدلين إلى الأصوليين.

الإصلاحي والمعتدل

حسن روحاني: لم يقدم الرئيس الإيراني السابق على أي خطوة إلى الآن، لا لقاء ولا استشارة. وبعد أن اعتبر مجلس خبراء القيادة روحاني غير مؤهلا لهذا المنصب، يرى الكثيرون أنه من غير المرجح أن يتمكن الرئيس السابق من يستقطب الناس لنصاديق الاقتراع. لم تتمكن حكومة حسن روحاني الثانية من الوفاء حتى بأبسط الوعود. فيما يشير البعض الآخر إلى أداء الحكومة من بعده، أي حكومة رئيسي، ويرون أن أداء هذه الحكومة خلق بعض المصداقية له.

علي لاريجاني: رغم أن الشخصيات المعتدلة في البرلمان لم تنجح في إقناع رئيس البرلمان الإيراني السابق، علي لاريجاني، بدخول الانتخابات ومساندته عند صناديق الاقتراع، إلا أن الجميع يعلم أنه شخصية مؤثرة لا يمكن المرور عليها مرور الكرام.

في الجولة الانتخابية السابقة، دخل لاريجاني بقوة لكن سرعان ما قوبل برفض مباشر من مجلس صيانة الدستور. يرى مراقبون اليوم أن لاريجاني لن تطأ قدمه عتبة الانتخابات ما لم ينال على تلميح إيجابي من الجهات الرفيعة ويتأكد من حتمية أهليته. لكن المطلعين على آلية النظام يعتقدون أنه لا أحد يحصل على مثل هذه الضمانات في إيران.

وتقول التقارير أن كبير المفاوضين الإيرانيين السابق في المسائل المتعلقة بالأمن القومي كالبرنامج النووي الإيراني عقد يوم السبت عدة اجتماعات لمواكبة أحداث الانتخابات.

محمد جواد ظريف: وفقا لما تتناقله وسائل الإعلام المقربة من ظريف، فإن وزير الخارجية الإيراني السابق هذا يتمتع بشعبية كبيرة تسبق جميع المرشحين الآخرين، بمن فيهم لاريجاني وجهانغيري. وبمرور وجيز على الساحة الإعلامية الإيرانية يتضح أن ظريف لم يختف عن المشهد السياسي بتاتا خلال السنوات الثلاث الماضية، فقد كان يعقد اجتماعات منتظمة مع السياسيين ويلقي خطب وينشر مذكرات له أثناء ترأسه وزارة الخارجية، وكان ذلك، وفقا لمطلعين، كي لا يتم إبعاده عن الساحة السياسية في البلاد أو أنه كان يحوي في جعبته غرضا أكبر.

رحب المعتدلون بحضور ظريف، لكن تبقى أمامهم قضية إقناعه للترشح قبل 30 من مايو الجاري (موعد تسجيل المرشحين للرئاسة الإيرانية المقبلة). وترى فيه الشخصيات السياسية الإصلاحية فرصتها الأولى في الانتخابات، لكنها لا تتأمل قبوله استغلال الفرصة ودخول الانتخابات.

محمد شريعتمداري: يدعوه الإيرانيون بـ “شيخ الوزراء”، فقد تولى مناصب عديدة في حكومات هاشمي وخاتمي وروحاني، منها وزير التجارة ومساعد تنفيذي لوزارة الصناعة ووزارة الرعاية الاجتماعية، ويعرف بأنه تكنوقراط إصلاحي ذو نهج معتدل. وكان حتى العام الماضي عضوا في مجلس أمناء لجنة تنفيذ أمر الإمام، مما يدل على أنه يحظى بثقة المؤسسات العليا في إيران. تقول التقارير الواردة أن شريعتمداري بدأ على غرار السياسيين الكبار في طهران ببعض التحركات لدخول الانتخابات وله مؤيدون جيدون بين التيارات الإصلاحية.

علي أكبر صالحي: قد يلبي الدبلوماسي الهادئ والصريح تطلعات الإصلاحيين في إيران وأهواءهم. كان صالحي وزيرا للخارجية في حكومة أحمدي نجاد، ورئيساً لمنظمة الطاقة الذرية وعضواً في فريق التفاوض بشأن خطة العمل الشاملة المشتركة خلال فترة روحاني. تفاوض هذا الدبلوماسي الكبير بدعم من المرشد الأعلى ورغم معارضة أحمدي نجاد مع الأميركيين في سلطنة عمان في العام الأخير من ولايته، ولم يشارك بعد في أي انتخابات ويمتلك الأهلية للترشح لرئاسة إيران. تشير بعض التقارير إلى أن علي لاريجاني ذكره كمرشح مرغوب فيه، وهو ما يمكن اعتباره بالطبع نوع من المجاملة المتعارف عليها بين الإيرانيين. وهذا في حد ذاته يجعله خيارا مثاليا، لكن السؤال هو هل من الممكن إقناعه بالترشح بهذه السهولة؟

جواد آذري جهرمي: أشار ناشطون إيرانيون على وسائل التواصل الاجتماعي إلى إمكانية ترشح وزير الاتصالات السابق للانتخابات الرئاسية. تداولت وسائل إعلام تقارير عن أن جهرمي  لطالما أراد المشاركة في الانتخابات الرئاسية لكن كان سنه لم يكن يتجاوز الـ 40 عاما وهذا مخالف لشروط الترشح، إلا أنه الآن يتمتع بهذا الشرط وهناك تكهنات تتوقع مشاركته.

إسحاق جهانغيري: قليل ما يتم الحديث عن وزير الصناعة في حكومة خاتمي في الأوساط السياسية هذه الأيام علما أنه شخصية بارزة وكان النائب الأول لروحاني. فإما أن حضوره مؤكد أو أن لا أحدا يرى أمامه فرصة كبيرة للمشاركة بسبب عدم أهليته في انتخابات 2021.

محمد رضا عارف: صحيح أن النائب الأول لخاتمي يمكن أن يكون الخيار الأكثر جدية للإصلاحيين والمعتدلين، فهو ذو وجه أكاديمي ومنتقد كبير لسياسات روحاني، إلا أن أداؤه في البرلمان العاشر أظهر أنه حتى لو عُرض عليه البرلمان، فلن يأتي شخص يقود البرلمان مثل لاريجاني، فهو غير قادر على العمل في لعبة السياسة المعقدة في إيران. يرى أنصار عارف أن نظرة إلى مرشحي الحزب المقابل تظهر أنه متقدم عليهم جميعا بعدة مراحل.

محمد خاتمي: لم يذكر اسمه على الإطلاق. فهو ذاته يعارض وجوده في هذا المنصب. في عام 2013، اتضح أن خاتمي لن يكون مجددا رئيسًا محتملاً في المستقبل، بل من سيصنع الرئيس! والآن تتطلع إليه جماعات وشخصيات إصلاحية كثيرة لترى من سيدعم في الانتخابات المبكرة هذه؟

وعلى الرغم من أن الفصيل الإصلاحي فقد مصداقيته الاجتماعية والسياسية في السنوات الأخيرة، إلا أن التوقعات ما زالت قائمة بأن دعم خاتمي سوف يميز أي مرشح عن غيره من المرشحين. ربما سيبقى سيلتزم الصمت في هذه الانتخابات. لكن يمكننا أن نتوقع أن نواجه في الأيام الأخيرة للانتخابات الكثير من الشائعات والأقاويل التي تتحدث عن دعمه «الضمني» لأحد المرشحين. ويحتاج المرشحون المعتدلون بشدة إلى دعمه للحصول على أصوات شتى الإصلاحيين.

الأصولي وجبهة “بايداري” 

سعيد جليلي: سياسيا، يعد عضو مجمع تشخيص مصلحة النظام والدبوماسي جليلي أقرب الأشخاص إلى إبراهيم رئيسي. فقد التزم الصمت لفترة طويلة خلال حكومة الرئيس الراحل، ويرى الإيرانيون أنه ليس مسؤولا عن عدم كفاءة حكومة رئيسي. جبهة بايداري معجبة به أيضا، وتعتبر حملاته الانتخابية من أسخن الحملات في الشارع الإيراني.

محمد باقر قاليباف: من غير المرجح أن يفوت رئيس البرلمان الإيراني المرشح الرئاسي الدائم هذه الفرصة. وعلى الرغم من أن قائمته لم تكن ناجحة جدًا في البرلمان، إلا أن قاليباف لديه أصدقاء مخلصون يمكن أن يحدثوا ضجة كبيرة لدعمه. مع ذلك، تنفي بعض الأنباء مشاركته في الانتخابات، فالكثيرون يرون هذه المشاركة على أنها مقامرة على منصبه الحالي، ففي حال شارك في الانتخابات الرئاسية ولم يفز فسيخسر رئاسة البرلمان.

مهرداد بذرباش: تعرض وزير الطرق الحالي لانتقادات من قبل الأصوليين لعدم كفاءته في حادث تحطم المروحية، لكن الجميع يعلم مدى رغبة مهرداد في هذا المنصب ومن غير المرجح أن يفوت هذه الفرصة بسهولة. وترددت شائعات عن اجتماعات عقدت للتحضير لحملته. حتى أن منافسيه كشفوا عن البنك الذي سيمول نفقاته الانتخابية.

علي رضا زاكاني: لو نجح زاكاني في منصب بلدية طهران لكان أقوى شخصية أصولية تقتحم بوابة الانتخابات، لكن شهرته الآن تسبقه في طهران، فهو معروف بتخريب بيئة المدينة ومبرم العقود المبهمة. ومع ذلك، فقد كان دائمًا لاعبًا سياسيًا وحافظ على علاقاته التنظيمية مع الأصوليين.

محمد مهدي مير باقري: يقال إن شخصيات مقربة من جبهة بايداري المتشدد تفضل أن يحل عضو مجلس خبراء القيادة هذا رئاسيا للبلاد بعد رحيل إبراهيم رئيسي. من غير المرجح أن يكون نشطا بشكل خاص في هذه الانتخابات، ولكن من المحتمل أن نسمع عنه المزيد في السنوات الأربع المقبلة.

إقرأ أكثر

من السلطة القضائية إلى التنفيذية… مرور وجيز على أبرز محطات رئيسي

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عشرين + 20 =

زر الذهاب إلى الأعلى