عيد الأضحى في العراق… أيام سعادة مهما كانت الظروف

يُعرف العراقيون بالتزامهم بالعلاقات الاجتماعية والتواصل مع الأقارب والجيران والأصدقاء، ويتجلى ذلك خصوصاً في المناسبات والأعياد، مثل عيد الأضحى.

ميدل ايست نيوز: يُعرف العراقيون بالتزامهم بالعلاقات الاجتماعية والتواصل مع الأقارب والجيران والأصدقاء، ويتجلى ذلك خصوصاً في المناسبات والأعياد، مثل عيد الأضحى. ولا يمكن أن تمر أيام العيد من دون أن يعيشها أهل العراق بسعادة مهما كانت الظروف.

يستقبل العراقيون عيد الأضحى هذا العام في ظل درجات حرارة مرتفعة، وانخفاض في ساعات التزود بالتيار الكهربائي، ووسط تراجع حاد في الوضع الاقتصادي لغالبيتهم، لكن ذلك لا يمنع مواصلتهم الاستعداد للاحتفال عبر تقاليد خاصة يتمسكون بها، لذا يحرصون على إظهار قدرتهم على التكيّف مع جميع الظروف. وفي العيد الحالي يظهر جلياً التكاتف الاجتماعي لدى العراقيين، وهو ما يحرصون عليه تطبيقاً لما أورده الشرع، والتزاماً بتقاليدهم الموروثة، لذا يلجأ كثيرون إلى تقديم مساعدات مالية وعينية من ملابس ومواد غذائية للعائلات فقيرة الحال.

يقول نزار العامري الذي يعمل في تجارة المواد الغذائية: “بدأ السوق العراقي في تجهيز مشتريات العيد منذ أكثر من شهر، ونقِلت بضائع من المخازن إلى الأسواق في مختلف المحافظات. وحركة التبضع تسبق العيد بأسبوع، وتزداد بين خمسة وعشرة أضعاف عن الأيام الاعتيادية قبل يومين من وقفة عرفات، وذلك بحسب المناطق وكثافة السكان والقدرة الشرائية للسكان”.

ويقول خضر عباس (64 عاماً) الذي يمتهن تربية المواشي في محافظة ديالى (شرق)، وله باع طويل في المهنة واسم معروف في سوق المواشي وبين تجارها: “عيد الأضحى هو موسم مربي الماشية، لا سيما أولئك الذين يشتهرون بتغذية مواشيهم بالعشب الطبيعي والعناية بها في مراعٍ برية خصبة”.

وعن سبب تفضيل العراقيين شراء ماشية تتغذى بشكل طبيعي من المراعي للأضاحي، يقول عباس: “تناول المواشي العشب الطازج مباشرة من أرض خالية من مواد كيمائية، وتحركها في مراعٍ يسمح بإنتاجها لحوماً ذات جودة عالية. كما أن سير هذه المواشي مسافات طويلة حيث ترعى ساعات يومياً يجعلها أكثر صحة وخالية من الأمراض، ما يزيد قيمتها السوقية”. ويشير إلى أن سوق الماشية ينشط بدءاً من أول أيام النحر وحتى اليوم الأخير، ويتوقع أن يبيع كل الماشية التي جهّزها هذا الموسم.

عموماً استعد الجميع في العراق لإحياء عيد الأضحى قبل فترة من قدومه، وحتى من يملكون مولدات كهرباء كبيرة تخدم احتياجات الأحياء السكنية باعتبارها حلا بديلا للطاقة التي تشهد انقطاعات كبيرة لا سيما خلال الصيف. وتتجاوز درجات الحرارة المرتفعة معدلاتها الطبيعية بين 7 درجات و11 درجة مئوية، وتصل إلى أكثر من 50 درجة، ما يعني زيادة ساعات قطع الكهرباء نتيجة ارتفاع الأحمال، لذا يعتمد الناس في شكل أكبر على المولدات الخاصة.

يقول حارث جاسم الذي يملك مولداً كهربائياً في بغداد: “سنحاول التنسيق لتزويد عملائنا بالكهرباء بشكل يجعلهم ينعمون بأوقات العيد من دون منغصات ترتبط بارتفاع درجات الحرارة، والنقص في ساعات تغذية الكهرباء الحكومية”. ويؤكد أن “جميع أصحاب المولدات الكهربائية الخاصة استعدوا لفترة العيد التي تتطلب تجهيزاً أكثر بالكهرباء لتلبية احتياجات كثرة اللقاءات والزيارات العائلية”.

من جهته، يتحدث شاكر حامد، وهو عضو في منظمة خيرية عن أن “مسؤولي المنظمات الإنسانية وفاعلي الخير والمشرفين على المساجد يبذلون قصارى جهدهم لجعل محتاجين من قليلي الدخل وضعفاء الحال والأيتام يعيشون أيام العيد بسعادة”. ويوضح أنه يعمل مع عدة أشخاص لمساعدة المحتاجين، لا سيما في الأعياد عبر توزيع مبالغ مالية وملابس وتجهيزات أخرى مثل مواد غذائية”.

إلى ذلك، يشعر من يتجول في الأسواق بالتزام العراقيين بعادات استقبال عيد الأضحى بتحضيرات معينة، خصوصاً في الأسبوع الأخير الذي يسبق وقفة عرفات. ويقول فراس علوان، وهو صاحب متجر كبير لبيع اللوازم المنزلية والهدايا: “لا يوجد شيء لا يمكن بيعه قبل العيد. إنها أيام سعيدة للجميع، واعتاد العراقيون البذل بسخاء فيها، والإنفاق الكبير جداً يُظهر الفرح والسرور بأيام العيد. ويزداد الطلب على كل شيء من مواد زينة وعطور وعصائر ومكسرات وحلويات ومواد صنع الكعك”. يضيف: “يشتري الناس كل شيء يؤكل أو يدخل في صناعة الأكل والشراب، وكل ما يتعلق بالزينة والجمال والعطور”.

أما فاطمة سعيد التي اشترت ملابس بقيمة تصل إلى مليون ومائتي ألف دينار عراقي (900 دولار) لأطفال أولادها وبناتها الذين يبلغ عددهم 12، فتقول: “يكون الأطفال دائماً الأكثر سعادة بالعيد، وأصحاب الحظ الأوفر في المشتريات فهداياهم تأخذ الحيز الأكبر من الاهتمام بتحضيرات العيد، ثم بقية التجهيزات. هذه عاداتنا التي لن نستغني عنها”.

وتحدد القدرات المادية حجم إنفاق العائلات العراقية على تجهيزات العيد، في حين توفر الأسواق بضائع ومواد بأسعار مختلفة حسب النوع. يقول رياض عيسى الذي يعمل في توصيل الطلبات: “اشتريت جميع تجهيزات العيد وبينها ملابس لي ولطفلي ولزوجتي بنحو 100 ألف دينار (76 دولاراً)، والأهم أن نفرح ونعيش أيام العيد بسعادة”.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
العربي الجديد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ثلاثة × ثلاثة =

زر الذهاب إلى الأعلى