مسعود بزشكيان… لا شرق ولا غرب في السياسة الخارجية

بدأ يذيع صيت مسعود بزشكيان عندما انضم إلى حكومة الرئيس محمد خاتمي الثانية عام 2001 وزيراً للصحة.

ميدل ايست نيوز: لم يكن المحافظون في إيران يتوقعون يوم الإعلان عن القائمة النهائية لمرشحي الرئاسة الإيرانية من قبل مجلس صيانة الدستور أن المرشح الإصلاحي الوحيد مسعود بزشكيان سيشكل تهديداً على طريقهم في الظفر مرة أخرى بالرئاسة.

كما أن بزشكيان نفسه أيضاً ربما لم يكن يتصور أن يتجاوز موافقة مجلس صيانة الدستور، ومن ثم يصبح أبرز المرشحين الذي يتصدر نتائج استطلاعات الرأي في الانتخابات الرئاسية.

وسبق لبزشكيان الترشح في الانتخابات الرئاسية الإيرانية مرتين، حيث انسحب من دورة 2013 بعد إعلان ترشحه، وفشل في إكمال خوض انتخابات 2021 بعد رفض مجلس صيانة الدستور أهليته.

مسعود بزشكيان الحاصل على اختصاص جراحة القلب من مواليد عام 1954 في مدينة مهاباد الكردية في محافظة أذربيجان الغربية شمال غربي إيران، وهو ينتمي إلى القومية التركية في إيران، وعضو في البرلمان الإيراني منذ 2006 عن دائرة مدن تبريز وآذر شهر وأسكو في محافظة أذربيجان الشرقية. وفي انتخابات مارس/ آذار الماضي، انتُخب مرة أخرى.

بدأ يذيع صيت مسعود بزشكيان عندما انضم إلى حكومة الرئيس محمد خاتمي الثانية عام 2001 وزيراً للصحة. كذلك حاز في 2016 منصب النائب الأول لرئيس البرلمان المحافظ علي لاريجاني، واستمر في هذا المنصب حتى 2020 قبل إجراء الانتخابات التشريعية الـ11 في البلاد.

وفيما كان الوقت داهماً ولم يكن هناك متسعاً منه، شرع المعسكر الإصلاحي بسرعة في إطلاق حملة انتخابية لمرشحه معتمداً على قاعدته النخبوية في ظل شح إمكانياتها وقدراتها الدعائية المادية التي لم تكن بمستوى ما يمتلكه غريمه المحافظ. كما أصبحت الحملة تواجه تحديات كبيرة في إقناع الشارع الانتخابي الرمادي الذي يشكل بالأساس الخزان التصويتي للإصلاحيين، الذي أصبح أكثر ميولاً إلى مقاطعة الانتخابات من المشاركة فيها.

كانت الموجة الأولى التي أحدثها الإعلان عن وجود اسم مسعود بزشكيان في قائمة المرشحين النهائية في انحسار، نتيجة أدائه الضعيف في مناظرتيه الأولى والثانية أمام المرشحين المحافظين، لانتهاجه لغة هادئة من دون تحدٍ، الأمر الذي بث إحباطاً ويأساً في نفوس داعميه. لكنه تمكن مع داعميه الإصلاحيين، مع مرور الوقت، من تحقيق اختراقات في المشهد الانتخابي الراكد، عبر إقناع شريحة كبيرة من الراغبين في المشاركة في الانتخابات بدعمه، وهي تقدر حتى الآن بنحو 35 في المائة وفق استطلاعات الرأي.

بدأت حظوظ بزشكيان ترتفع باستمرار مع ظهور وزير الخارجية الإيراني السابق محمد جواد ظريف إلى جانبه في برنامج تلفزيوني، وحديث ظريف “الناري” عن السياسة الخارجية ودفاعه عن الاتفاق النووي وانتقاداته اللاذعة للمحافظين، وكذلك وقوف وزير الاتصالات السابق الشاب محمد جواد آذري جهرمي إلى جانبه في فعالياته الانتخابية، فضلاً عن ظهوره الأقوى من قبل في المناظرتين الثالثة والرابعة بشأن الثقافة والمجتمع والسياسة الخارجية، ورفضه معاملة النساء بعنف في مسألة الحجاب وسن القوانين لإجبارهم على الالتزام به، وتبني خطاب مختلف بشأن السياسة الخارجية.

بزشكيان ليس ضليعاً في الخطابة، لكنه متخصص في “نهج البلاغة” وتفسير القرآن، فاستخدم جيداً قدراته في هذا المجال ضد المرشحين المحافظين وإحراجهم، بذكر مستمر لكلمات للإمام علي وآيات قرآنية. رفض بزشكيان، الذي اختار شعار “لأجل إيران”، إطلاق وعود اقتصادية محددة، قائلاً إنه لا يريد إطلاق وعود “كاذبة”، ومؤكداً أنه سيسعى كل السعي لحل مشكلات إيران، ومحاولاً تسويق نفسه أنه سيكون رئيساً وحدوياً يعمل على تحقيق الانسجام والوئام الداخليين، فضلاً عن حديثه المُكرر عن أنه سيعمل وفق السياسات والخطوط العريضة للمرشد الإيراني علي خامنئي.

ركز بزشكيان، الذي ظل يلتزم بهدوئه، في حملته الانتخابية، على السياسة الخارجية والملفات الساخنة المتصلة بها، مثل العقوبات والاتفاق النووي، محاولاً دغدغة مشاعر الناخبين انطلاقاً من ذلك، والقول إن أزمات إيران ومشكلاتها الاقتصادية الداخلية لن تحل إلا عبر تبنّي سياسة خارجية منفتحة على العالم. فشرح في مناظرته الرابعة، يوم الاثنين الماضي، الخطوط العريضة لسياسته الخارجية، التي لا تتفق مع ما يعلنه المحافظون.

وأكد بزشكيان أنه سيتبنى سياسة متوازنة لا تعتمد التوجه نحو الشرق أو الغرب، ولن يكون معادياً للشرق ولا للغرب، ولن تكون سياسته الخارجية باتجاه واحد وذات خيار واحد، قائلاً إنه سيجعل إيران جزءاً من حل قضايا العالم وليس جزءاً من المشكلة، و”سنعيد بناء إيران في المنطقة والعالم”، وسيسعى إلى إنهاء عزلة إيران، وحل مشكلات الشباب كي لا يهاجروا إلى الخارج. وأوضح أنه سيعمل على صناعة صورة إيجابية وبناءة عن إيران في العالم لتكون الهوية الإيرانية امتيازاً وليس عبئاً.

وكان بزشكيان قد قال عن برنامجه، إن سياسته الخارجية هي التواصل مع العالم كله على أساس “مبادئ العزة والحكمة والمصلحة، باستثناء إسرائيل”، مضيفاً أنه “إذا ما أردنا العمل وفق هذه السياسة، فيجب أن يكون سلوكنا مناسباً مع الجميع، وأن ننسج علاقة جيدة مع الجميع على أساس العزة والمصلحة”.

وأردف بزشكيان أنه “كلما قمنا بتحسين العلاقات الخارجية، نكون قد اقتربنا من تلك المبادئ، لكن كلما زادت التوترات، نكون قد ابتعدنا عنها، ويزداد الوضع سوءاً”، قائلاً إن أولويته هي الأخوة والانسجام مع الدول العربية والإسلامية والوصول إلى لغة مشتركة معها ثم مع بقية دول العالم.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
العربي الجديد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

1 × أربعة =

زر الذهاب إلى الأعلى