استهداف الضاحية واغتيال هنية..هل اختار نتنياهو الحرب الشاملة؟

عاد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من واشنطن بجرعة تطرف أكبر وضوء أخضر لتجاوز كل الخطوط الحمراء، والمضي قدما في اقتراف جرائم أخرى.

ميدل ايست نيوز: عاد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من واشنطن بجرعة تطرف أكبر وضوء أخضر لتجاوز كل الخطوط الحمراء، والمضي قدما في اقتراف جرائم أخرى، بتنفيذ عملية اغتيال مزدوجة وعدوانين على كل من لبنان وإيران من شأنهما أن يغيّرا كل المعادلات التي تحكم حركة الميدان حتى الآن، وتذهب بالمنطقة نحو حرب شاملة.

أعلنت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) صباح اليوم الأربعاء اغتيال رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية في العاصمة الإيرانية طهران. وقالت حماس -في بيان- إن رئيس الحركة “قضى إثر غارة صهيونية غادرة على مقر إقامته في طهران”.

من جهته، قال الحرس الثوري الإيراني “ندرس أبعاد حادثة استشهاد هنية في طهران” وسنعلن عن نتائج التحقيق لاحقا. وذكرت وكالة الأنباء الإيرانية أن إسماعيل هنية استشهد وأحد حراسه الشخصيين إثر استهداف مقر إقامتهم في طهران.

وقالت هيئة البث الإسرائيلية، من جهتها، إن هنية اغتيل بصاروخ أطلق من خارج إيران.

يأتي ذلك بعد ساعات من ضربة إسرائيلية استهدفت مساء الثلاثاء الضاحية الجنوبية لبيروت، وأكد الجيش الإسرائيلي أنه نجح خلالها في اغتيال القيادي في حزب الله اللبناني فؤاد شكر وأسفرت أيضا عن 3 قتلى مدنيين و74 جريحا.

وبينما لم يصدر بعد عن حزب الله بيان بشأن الأمر، قال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت إن الجيش الإسرائيلي “قضى” على من وصفه برئيس الأركان في حزب الله فؤاد شكر بعملية “قاتلة ودقيقة” في ضاحية بيروت الجنوبية، مضيفا -في منشور على منصة إكس- أنه باغتيال شكر “أكدنا اليوم أن بمقدرتنا الوصول إلى كل مكان لنجعل من يمسّ بإسرائيل يدفع الثمن”، وفق تعبيره.

مقامرة التصعيد الشامل

كان من الممكن أن تندرج ضربة بيروت ضمن قواعد الاشتباك المألوفة، على أساس أن حزب الله غير معنيّ بنشوب حرب واسعة، ومن الممكن أن يرد بضربة موضعية ومحدودة دون إلحاق دمار كبير بالعمق الإستراتيجي الإسرائيلي، طبقا لقاعدة “ضربة بضربة”، لكن نتنياهو ذهب بعيدا باستهدافه رئيس حركة حماس إسماعيل هنية في طهران. وربما يكون خيار نتنياهو بمغامرة التصعيد الشامل قد استند إلى دعم أميركي مباشر.

ويبدو أن الاستقبال الذي حظي به نتنياهو في واشنطن والتصفيق الحاد الذي قطع خطابه وهو “يروّج” لجرائمه في غزة ورفضه أي خطة للتهدئة وتعطيل صفقة التبادل؛ عوامل مثلت له إشارة للمضي قدما في التصعيد إلى الحد الأقصى.

وكان ضرب صاروخ على بلدة “مجدل شمس” ذريعة للتصعيد بعد اتهام حزب الله الذي نفى نفيا قاطعا مسؤوليته عن الحادثة، وجعل نتنياهو من الحادثة “الملتبسة” فرصة لتوسيع الحرب ومحاولة استعادة الردع المفقود في حرب ليس من مصلحته أن تنتهي، فأقدم على مغامرة توسيعها.

وباستهداف بيروت وطهران بحادثتي الاغتيال، جمعت إسرائيل كل أسباب اندلاع حرب واسعة في ليلة واحدة، بما يشكل تجاوزا كبيرا وحادا للقواعد التي تحكم سير الجبهات وتضبطها، ومن المرجح أن حزب الله سيرد على اغتيال قائده ويبقى الأمر معلقا على استيعاب إسرائيل لحجم الضربة وعلى مدى ضبط الولايات المتحدة لرد فعل تل أبيب والجهود الدولية لمنع حرب واسعة النطاق والمخاطر.

ويشير محللون أيضا إلى أن نتنياهو أراد بشكل ما أن يوجه “الضربة الأخيرة”، باغتيال قائدين بارزين في “محور المقاومة”، وهي مقامرة تعطيه “نصرا ما”، إذا ما تجنب سيناريو الحرب الشاملة أو الرد القاسي من حزب الله وإيران.

بانتظار الرد

ويشير محللون إلى أن حزب الله سيرد على الهجوم الإسرائيلي بناء على سوابق الصراع مع إسرائيل وتحذير قيادته من أي استهداف للضاحية الجنوبية وتوسيع دائرة المواجهات.

ويرجح أن يكون الرد بحجم عملية الاغتيال التي استهدفت قائدا بارزا في صفوفه وفي معقله، يضاف إليها استهداف الراحل إسماعيل هنية في إيران الذي عدّه الحزب “أحد قادة المقاومة الكبار في عصرنا الذين وقفوا بشجاعة أمام مشروع الهيمنة الأميركي والاحتلال الصهيوني”.

وأكد مصدر قيادي في الحزب أن الحزب سيرد حتما على أي اعتداء إسرائيلي على لبنان، مشددا على أن “قيادة المقاومة في حالة جهوزية كاملة وهي من تحدد شكل الرد وحجمه”.

وباتت إسرائيل بتجاوز الخطوط الحمراء في موقف رد الفعل، وتنتظر رد كلّ من حزب الله وحركة حماس وإيران والحوثيين، ولعل حجم الرد ومكانه وقابلية إسرائيل له ما سيقرر مصير المواجهة وقواعدها الجديدة ومصير المنطقة وفق المحللين.

أما إيران، فيصعب عليها أن تهضم مثل هذا الاعتداء على أراضيها باغتيال أحد ضيوفها في ليلة تنصيب رئيس جديد لها، فضلا عن أن الراحل إسماعيل هنية هو رئيس حركة حماس ويعدّ أحد أركان محور المقاومة، واغتياله في طهران يعد استمرارا للحرب على غزة على الأراضي الإيرانية.

ففي الأول من أبريل/نيسان 2024، استهدفت غارة جوية القنصلية الإيرانية في دمشق، مسفرة عن مقتل 16 شخصًا، من بينهم 7 من الحرس الثوري أبرزهم العميد محمد رضا زاهدي ونائبه محمد هادي رحيمي، وكان رد إيران هجوما على إسرائيل بطائرات مسيرة وصواريخ يوم 13 أبريل/نيسان 2024، ولم تقع خسائر عسكرية أو مادية لكنها أثبتت القدرة على الرد ضمن قواعد اشتباك يمكن التخلي عنها وفقا للمتغيرات.

وتعد عملية الاغتيال في طهران تصعيدا إسرائيليا، ربما أخطر من ضربة دمشق ضد إيران إذ استهدف أراضيها وأحد حلفائها، وقال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان عن اغتيال الشهيد هنية “إن ايران ستدافع عن سلامة أراضيها وشرفها وستجعل الغزاة يندمون على أعمالهم الجبانة”. من جهته، قال المرشد الإيراني علي خامنئي إن “الكيان الصهيوني المجرم باغتياله هنية مهّد الأرضية لمعاقبته بقسوة”.

ويبقى الرد الإيراني وإمكانيته وحجمه في حكم الاحتمالات والتكهنات، وقد لا يكون مباشرا وسريعا، ولكن الجبهات ستزداد سخونة خصوصا على الجبهة الشمالية بين حزب الله وإسرائيل، أو مع أنصار الله (الحوثيين) في اليمن أو العراق.

ويشير محللون إلى أن نتنياهو لعب كل أوراقه باغتيال إسماعيل هنية والقيادي في حزب الله فؤاد شكر، وتجاوز القوانين الدولية بمهاجمة دول ذات سيادة -رغم عدم الاعتراف الرسمي بالعدوانين- متكئا على دعم أميركي قبل تنفيذ العمليتين وبعد التنفيذ، لكنه أيضا يغامر ويقامر برد فعل أخطر، يتجاوز حساباته وتوقعاته.

 

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
الجزيرة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

2 × 2 =

زر الذهاب إلى الأعلى